مساحة حرة

الرد السوري.. وتغيير موازين الردع

ما حدث ليلة الجمعة صباح السبت الماضي لم يكن حدثاً دراماتيكياً كما وصفته وسائل إعلام العدو الصهيوني، بل كان الحدث الأخطر منذ بدء الحرب على سورية قبل ستة أعوام وفق رأي” يوسي ميلمان ” المحلل العسكري في صحيفة ” معاريف ” الإسرائيلية مبيناً أن الرد السوري يُشير إلى احتمال انفجار الأوضاع الأمنية وامكانية التصعيد، وقد بدا للمراقب الصهيوني بأن القيادة السورية تشعر بالثقة الزائدة والطمأنينة وهو ما يُفسر قرارها بإطلاق صواريخ  ” SA5 ” المعروفة بـ S200 التي يمتلكها الجيش العربي السوري منذ زمن بعيد لكنها لم تستخدم من قبل، واعتبر إن قدرات الجيش السوري الحالية تتعدى كثيراً هذه المنظومة نحو منظومات أكثر تطوراً واكبر فاعلية .

إن استخدام الجيش الإسرائيلي نظام مواجهة الصواريخ ” حيتس ” واعتراف الحكومة الصهيونية لأول مرة بقيامها بالعدوان على سورية وهو بحد ذاته مؤشر على إقرارها بتغيير موازين الردع، واختلاف قواعد الاشتباك في مرحلة حساسة وهامة من تاريخ المنطقة برمتها، حيث كتبت صحيفة ” هآرتس ” الإسرائيلية في تقريرٍ لها: ” إن السلاح المضاد للطائرات المنطلق من الأراضي السورية ضد سلاح الجو الإسرائيلي رسالة قاسية لإسرائيل تفيد أن سياسة ضبط النفس السورية إزاء الهجمات الجوية الإسرائيلية لن يستمر كما هي، موضحة ان دوي الإنفجارات قد سمع في منطقة القدس ومناطق أخرى ..”، وهذا يؤكد أن للصبر السوري حدود بل وصل إلى الذروة، وإمكانية الردع متوفرة لدى الجيش العربي السوري رغم كل ما أصاب سورية خلال الست سنوات الماضية من الحرب والتدخلات والممارسات الإسرائيلية العدوانية المتواصلة، والدور الذي لعبته حكومة نتنياهو في الحرب على سورية منذ بدايتها، فقد أثبتت الأحداث عدم فاعلية هذه الحرب التي يشنها المحور المعادي لسورية بمن فيهم حكومة الكيان الصهيوني وحلفاؤها الجدد من دول البترو – دولار الأعرابية ودعمهم المنظم للتنظيمات الإرهابية في سبيل القضاء على الدولة السورية والدور السوري المحوري في المنطقة، لكنهم رغم كل ما قدموه من احتضان ورعاية لتنظيم القاعدة وفروعه الإرهابية المتنوعة في سورية والعراق وقدموا لهم كل أنواع الدعم اللوجستي والاستخباراتي فإنهم سيهزمون في سورية والعراق وغيرها من دول المنطقة التي ستتخلص من الإرهاب ومشغليه من الصهيونيين والعربان والعثمانيين، حتى إن مساندتهم عسكرياً عبر استهداف المواقع العسكرية والبنية التحتية السورية هي مجرد محاولات يائسة لرفع معنويات الإرهابيين التي تنهار سريعاً أمام انتصارات الجيش العربي السوري وحلفائه على كافة الجبهات، سيما بعد تحرير حلب وريفها الشمالي الشرقي وصولاً إلى محيط مدينة الباب التي اغتصبتها القوات التركية بمسرحية تسليمها من قبل داعش عندما وجدوا الجيش العربي السوري قاب قوسين أو أدنى من السيطرة عليها، حيث تمكن الجيش السوري من قطع الطريق على السلطان العثماني الواهم بالمشاركة في معركة تحرير الرقة المنتظرة  للحصول على جزء من الكعكة وحجز دور دائم له في سورية المستقبل، لكن الانجازات الكبيرة للجيش العربي السوري كذلك إعادة تحرير تدمر والمناطق الشرقية منها، استكمالاً لوضع يد الجيش العربي السوري وحلفائه على كافة المنافذ والبوابات المطلة على الرقة، وبالتالي يتبوأ الجيش العربي السوري موقع المرشح الأهم في انجاز تحرير الرقة عاصمة الإرهاب الإفتراضية .

التحركات الأخيرة في جوبر ومحاولة الهجوم على محور العاصمة والتسلل إلى مدينة دمشق، هو تعبير عن حالة اليأس التي تعيشها التنظيمات الإرهابية بعد كل الانتصارات التي حققها الجيش العربي السوري وحلفائه من جهة، وتنفيذاً لأمر عمليات وارد إليهم من تل أبيب انتقاماً للطائرة الإسرائيلية التي أسقطتها وسائط الدفاعات الجوية السورية، لكن بواسل الجيش العربي السوري البطل كانت لهم بالمرصاد، وهي متيقظة لكل تحركاتهم الغادرة، حيث كان الفشل والهزيمة بانتظارهم  هم وأسيادهم في المحور المعادي لسورية رغم كل التطبيل والتهويل الذي استخدمته أبواق الإعلام المأجورة .

على الجانب السياسي لقد حقق وفد الجمهورية العربية السورية نجاحاً كبيراً ولافتاً في أدائه المتميز، سواء في اجتماعات الأستانة أو في لقاء جنيف4 من خلال فرض جدول أعمال يتناول كل المحاور الأساسية التي تهم السوريين وفي مقدمتها سلة محاربة الإرهاب التي تربك المبعوث الأممي غير الحيادي، إضافة إلى توضيح أهمية تحديد مواقع التنظيمات الإرهابية المراد مواجهتها بعد فصل المجموعات التي وقعت على محضر وقف الأعمال القتالية عن التنظيمات الأخرى التي استمرت في تحالفها مع ” جبهة النصرة وداعش ” المصنفتين دولياً تنظيمات إرهابية وعلى المجتمع الدولي مواجهتها وهزيمتها.

محمد عبد الكريم مصطفى