أخبار البعث

المؤتمر القومي الـ14 للحزب.. السكون يعني تراجع مادام العالم يتقدم

أخيراً، بدأ التنظيم القومي لحزب البعث العربي الاشتراكي عملية إصلاح وتطوير لاتفرضها الحاجة والمنطق فحسب، وإنما يفرضها كذلك النظام الداخلي للحزب نفسه.

القيادة القومية الحالية على رأس عملها منذ عام 1980، ولم يبق من أعضائها إلا سبعة فقط من أصل واحد وعشرين مايتطلب إعادة النظر في هذه المسألة ومعالجتها.

ولاشك في أن التنظيم القومي للحزب لم يؤد دوره المطلوب في دعم سورية، البلد الذي يقوده ائتلاف حزبي للبعث فيه الأغلبية، والبلد الذي يواجه باسم مستقبل الأمة ومصيرها حرباً إرهابية وحشية غير مسبوقة في التاريخ المعاصر.

وكان لصحيفة البعث السبق عام 2002 و 2003 أن طرحت هذا الموضوع بقوة في ملحقها الفكري واستمرت في طرحه على صفحاتها، وكذلك كوادر حزبنا التي طالبت بإحداث إصلاح جذري في التنظيم القومي والقيادة القومية بما يعزز من فعالية هذا التنظيم ودوره على الساحة القومية.

والمدهش أن تنظيم البعث القطري السوري كان دائماً سباقاً للإصلاح والتطوير، وتنعقد مؤتمراته بانتظام أو مع تأخير معقول، قبل الحرب الراهنة على سورية، بينما بقي التنظيم القومي يتنافى مع حيوية البعث وقدرته على التطوير الذاتي.

الساحة السورية شهدت تطويراً تنظيمياً نوعياً كبيراً في السنوات الأخيرة، وهي عملية مدهشة إذا أخذنا بعين الاعتبار أنها تمت في إطار عدوان إرهابي واسع على سورية. الدول في أقل من هذا العدوان تتفرغ لقضايا الدفاع وتؤجل مشاريع التطوير والإصلاح المدني، سورية، بالعكس، سرّعت إيقاع التحولات النوعية، بل إنها انتقلت دفعة واحدة من نظام مايسمى “الديمقراطية الشعبية” إلى نظام الديمقراطية الاجتماعية التمثيلية استناداً الى مفهوم “السوق الاجتاعي” الذي أقره المؤتمر القطري العاشر للحزب عام 2005.

لكن التنظيم القومي بقي على حاله. وتعلّمنا قوانين التطور أن السكون يعني تراجعاً مادام العالم يتحرك إلى الأمام. لذلك كان لابد – أخيراً – من إعادة تفعيل التنظيم القومي وتنشيطه، بل وإعادة إحيائه وفق صيغ عصرية تحترم خصوصية كل حزب بعثي واستقلاليته مع الحفاظ على المنطلقات القومية العامة لنظرية البعث. لكن استناداً إلى منطلقات البعث القومية.

وفي هذا الاتجاه يعمل الحزب حالياً على الجمع بين أمرين يبدوان متناقضين على الرغم من أنهما ليسا كذلك: الالتزام بالدستور السوري وقانون الأحزاب الذي يؤكد الاستقلالية التنظيمية القطرية للأحزاب، والثاني نص دستوري يقول إن الشعب العربي السوري جزء من الأمة العربية. وبالتالي فإن العمل في إطار المجتمع المدني، والأحزاب هي من منظمات المجتمع المدني، هذا العمل لابد وأن يكون قومياً لأن الجزء مجرد مكون في الكل. وللحقيقة فإن أغلب رفاقنا في قيادات الحزب وكوادره القومية والقطرية شجع عملية التغيير استناداً الى انتمائه البعثي القوي وإيمانه بأن التطوير سمة البعث اللازمة، بمعنى أنها لزوم مايلزم. بقي أن ننتظر الصيغ المطروحة ومدى استجابتها لمتطلبات المرحلة. لكن المهم هو استقلالية كل حزب في قطره بما يعزز نشاطه في ساحته ومادام هذا النشاط موجهاً في النهاية لمصلحة الأمة انطلاقاً من الأفكار القومية للبعث.

ويبدو أن التشاور في مجلس جامع هو أكثر جدوى من قيادات مركزية آمرة لم يعد يقبلها منطق العصر.