منظمات أهلية

“بكرا إلنا”.. أطفال يتعلمون الصبر واحترام الطرف الآخر من بوابة “الشطرنج”

في الحياة لا أحد يستطيع شراء الأحلام للأطفال, لكن هناك من يستطيع تحقيقها وجعلها على مرأى العين, ومن المؤكد أن النجوم لا يمكن مسكها باليد لكن بالمقابل هناك من يتمكن من صنع نجوم يحاكون السماء, وكما في حربنا يحاول الإرهاب تدمير سورية بدءاً من الشريحة الأكثر هشاشة وهي الطفل هناك في الجانب الآخر من يأخذ بهذا الأخير حاملاً أحلامه وآماله في قلبه وكأنه حارس لبراءته, وهنا نقصد مشروع بكرا إلنا الذي يثبت يوماً تلوا الآخر أنه الحاضنة الوحيدة “ربما”  الذي يسعى ومازال لاحتضان الأطفال وإنماء مواهبهم وإنقاذهم في زمن اعتقدنا فيه أنه لا مفر فيه من الحزن, إلاّ أن “بكرا إلنا” وعبر مراكزه المنتشرة في مختلف مناطق دمشق عمل على رعاية المواهب وتنميتها وصقلها على أيدي أفضل المدربين, وكما تطرقنا في الإعلام سابقاً على مركز 17 نيسان الذي يعتبر واحد من مراكز المشروع سنبقى في حرمه في مقالنا لنلقي الضوء على واحدة من الألعاب المهمة في تنمية العقل وهي لعبة الشطرنج.

رياضة العقل

يعلم الجميع أن لعبة الشطرنج من أصعب الألعاب الذهنية التي تتطلب ذكاء عالي وقدرة على الصبر والتحمل وقد نستغرب عندما نعلم أن هناك أطفال بعمر الورود يبدون استعداداهم للجلوس لوقت طويل حول طاولة تحمل فوق صدرها رقعة مزينة بـ 64 مربع  ومقسمة إلى قسمين يكللها 32 حجر أبيض وأسود, مفضلاً تحريض عقله لإبقاء “ملكه” حيّاً أكثر من رغبته بالجلوس أمام التلفاز وتجميد مخه بمراقبة برامج الأطفال التي فقدت حسها الطفولي على أكثر القنوات, حماس الأطفال في مركز 17 نيسان كان مفاجئاً لمدرب الشطرنج علاء العطار الذي أكد لـ”البعث ميديا” أن رغبة الأطفال العارمة لمزاولة هذه الرياضة زادت من حماسه وتفانيه في تعليمهم, ما دفعه لتحضير العديد من الدروس الممتعة التي تجذبهم وتشد انتباههم ,إضافة لاختيار طريقة للفت انتباههم إلى حب الوطن وتضحيات الجيش, مبيناً أن أولى قواعد اللعبة التي يسعى لتعليمها لأطفاله الذي يبلغ عددهم قرابة الـ50 طفل هي أخلاق رياضة الشطرنج التي تقوم على احترام الطرف الآخر ومصافحته قبل بدء اللعب بالتالي انتقال تلك الأخلاق إلى حياته العملية القائمة على احترام ذويه ومجتمعه ووطنه ممثلاً برموزه.

ووصف المدرب العطار رياضة الشطرنج بأنها هامة جداً رغم تهميشها في الوطن العربي, وهي تقوم على الذكاء والتخطيط الاستراتيجي ومن فوائدها تطوير المهارات العقلية وتركيز التفكير الذهني لدى الصغار والكبار على حد سواء, إضافة لاكتساب مهارة صنع القرار وتعلم الصبر والرويّة وترتبط – بحسب تعبيره – بتحسن التحصيل الدراسي عند اللاعب الطفل حسب العديد من الدراسات كونها تحفز القدرات الذهنية وتحث على الابتكار والإبداع.

تغيير إيجابي

ويقول العطار: بعد استهداف “بكرا إلنا” لمركز 17 نيسان لاحظت تغيراً إيجابياً ملحوظاً لدى العديد من الأطفال فبعضهم كان خجولاً لدرجة تعيق تواصله مع الآخرين وبعضهم الآخر كان يعاني من قلة الثقة في النفس وكانوا يفرزون أنفسهم حسب الأعمار والبيئة المجتمعية, لكن وللأمانة كل هذه المشاكل تم تجاوزها كالسحر, وتابع العطار حديثه تغيرات الأطفال زادت إيماني بأن المشروع من أهم المشاريع ذات الآثار الإيجابية على نفسيتهم وهو أحد الطرق المثلى للتعامل مع آثار الأزمة على الأطفال.

وأشار المدرب إلى استعدادات المرحلة الثانية التي تبدأ بدورات واختبارات قام بها نادي المحافظة لمدربي المرحلة إضافة للجهود الفردية التي يقوم فيها المدربون بوقتهم الخاص والخبرة التي اكتسبوها في المرحلة الثانية, وعن دوره في تدريب الأطفال أورد العطار: أقوم بالتدريب يومياً على طرق معقدة في الشطرنج تتضمن خطوات تعليمية قيّمة جداً كما أقوم كلما أتيحت إلي الفرصة أو صادفتني مشكلة اجتماعية معينة بوضع قائمة من الاقتراحات أو المبادئ التي أسير وفقها لتحقيق أهداف المشروع.

وتطرق المدرب إلى أهمية مشروع بكرا إلنا في زرع حب الوطن واحترام رموزه ونشر المحبة في المجتمع إضافة لمقدرته على تحفيز ذاكرة الأطفال لزرع كل ما هو جميل وجعل مشاهد الدمار والخراب طي النسيان عبر رسم صورة أجمل وأسمى للوطن بإدارة أكاديميين ومدربين استقدمهم نادي المحافظة وبرعاية كريمة من محافظة دمشق متمثلة برأس هرمها المحافظ بشر الصبان, وبعد تقديم وتوفير كل الخدمات لمراكز “بكرا إلنا” ومن بينها 17 نيسان عرّج العطار على العوائق التي واجهت الأطفال والمدربين والمتمثلة بالوضع الأمني في ضاحية الأسد وجنون الإرهابيين وإمطارهم المنطقة بقذائف الحقد بين الفترة والأخرى ما أدى لوقف سير العملية التعليمية مادفع إدارة المشروع ومدربي المركز لتعويض ذلك والتخفيف من الآثار السلبية التي عرقلت تعليم التلاميذ لا سيما بعد رؤية العزم والعزيمة في عيون أطفال لم يتجاوز أكبرهم الـ15 عام, مرسلاً بنظراته ثقة تؤكد أنهم قادرين على مواجهة مخرز الأرهاب برمش العين, وأبدى العطار ثقته بمشروع بكرا وبأهدافه السامية متمنياَ لحاق المحافظات الأخرى بركب محافظة دمشق ولم شمل الأطفال تحت سقف الوطن وتأهيلهم لحمل سورية بقلوبهم وعيونهم وتأهيلهم لإعلاء راية الوطن في مسابقات خارج الحدود.

 

البعث ميديا || دمشق – نجوى عيدة