مساحة حرة

هل اكتملت الأدلة على الاستهداف الأمريكي لإيران؟

كان واضحاً كيف تحلّت إيران بضبط النفس في مواجهة المطالب الشعبية حين عمدوا إلى حلها بوسائل سلمية، فضلاً عن إعلان حق الجماهير السلمي، وهو ما أيدته وأجمعت عليه التيارات السياسية التي عملت كقواعد اجتماعية أدّت دورها الوطني بامتياز من قبيل الإصرار على محورية أمن واستقرار إيران، ورفض مواطن الخلل التي تعرقل تطورها نحو الأفضل، ومن حيث عرقلة اندساس عناصر مغرضة ذات نوايا خاصة تعمل لخلق المناخ السياسي المناسب لتحقيق أهدافها، فها هو النظام العالمي بقيادة دونالد ترامب ما أن سمع بالمطالب الاقتصادية للشعب الإيراني حتى بدء بالعمل على تشجيعها ودعمها بما يحرفها عن مسارها وبما يسيئ إلى الدولة الإيرانية مستخدماً أدواته الرخيصة المتمثّلة ب “المعارضة” في الخارج الساذجة والعميلة التي تعمل ضد مصالح إيران والإيرانيين، والتي تعاني من مشاكل هيكلية وجودية، وليس لها ثقل في الداخل، وليس لها قدرة على توجيه الجماهير، لعدم وجود رباط حقيقي بينها وبين الشعب الإيراني في الداخل، إضافةً لجود توجهات سياسية مختلفة ومتعددة على الساحة السياسية في إيران.

لقد جاءت الأحداث الأخير في أسبابها مترجمة عن غايات استهداف إيران والتي تتمحور حول العمل على إخراج إيران من الدول العربية هذا المطلب الذي لا يتفق مع خطط إيران والإيرانيين، حيث إن معظم الشعب الإيراني يدرك فوائد الوجود الإيراني في الدول العربية من حيث أمن ومكانة إيران لأنّ هذا الوجود ضمن مشروع استراتيجي يراهن عليه الشعب أيضاً، وحتى المخادعين من تجار الشرف في الخارج الإيراني ومن بينهم من يسمي نفسه سليل الشاه شعروا بالخيانة الغربية المعتادة رغم عمالتهم لها ، فجاء خطابه معرباً عن عدم ثقته بمساعدة الغرب له، كما ظهر جلياً من حديثه جهله للأحداث ولنظام الجمهورية الإسلامية بشكلً أوضح عدم معرفته بحقيقة الظروف في إيران، واعتماده في معلوماته على أجهزة الإعلام الغربية.

وامّا بالنسبة لدلالات الاستهداف، فالمتتبع لأعداء محور المقاومة الذي تقوده إيران وسورية لاحظ كيف نهضوا بكل ما لديهم من ثقل إعلامي وسياسي لتضخيم الأحداث وتوظيفها ضد إيران ولكن عبثاً، وعلى سبيل المثال المتتبع لوسائل الإعلام الوهابي “المقروءة والمشاهدة” لن يجد صعوبة في الوصول إلى الحفاوة المبالغ فيها بالأحداث الإيرانية بما في ذلك وصفها بألفاظ وتعبيرات كان محرمًا النطق بها في الإعلام السعودي، كـ”الانتفاضة” والثورة الشعبية”، و”غضب الجماهير”، حيث كشفوا عن حالة كبيرة من الدعم والمؤازرة لمثيري الشغب في إيران من البلهاء الذين أحرقوا علم بلادهم ودمروا ما دمروا على غرار ما فعل حثالة وعمالة الخارج الصهيوني في الداخل السوري الشريف، والمفاجئة عندما يخرج الثور الأمريكي “ترامب” ليجاهر بدعمه الكامل للهمج الرعاع، على أمل أن تبدو الصورة وكأنها “انتفاضة” شعبية إيرانية ولكن عبثا إنها إيران الفرس إنها إيران الأنبياء .

الموقف الأمريكي وبالأخص موقف “ترامب” جاء همجياً مصرّحاً بالعداء على عكس المواقف المعتادة للإدارة الأمريكية التي تعمل بالخفاء ضد أهدافها، وتتخذ الدبلوماسية الكاذبة ستاراً لها في مثل تلك المواقف، وهو ما دأبت على فعله حيال اندلاع أية مطالب شعبية بأيّة دولة بالعالم، لكن تدخّلها السريع والكبير في إيران يكشف عن أن لها مآرب أخرى قد يكون الغرض منه التخلص من “الاتفاقية النووية” التي وعد “ترامب” بتجميدها، منذ اليوم الأول لوصوله للحكم، لكنه غير قادر على مخالفات الالتزامات الدولية، فربما وجد “ترامب” في أحداث إيران مخرجاً لإلغاء تلك الاتفاقية التي وقعت في عهد سابقة الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وقد يكون أحد أهدافه أيضاً التخلّص من النظام الإصلاحي الحالي في إيران، الذي يعتبره صنيعة نظيره السابق، باراك أوباما، وبالتالي، يريد التخلص منه، والمشاركة في نظام إيراني بصبغة جديدة تتوافق مع توجهات “ترامب”، ولكن عبثاً مرة أخرى.

إن ما يحدث أمريكياً وخليجياً هو تدخل غائي يستهدف إيران بشكل أو بأخر ولعل ما قالته تريتا بارسي، رئيسة المجلس الوطني الأمريكي الإيراني، لـCNN فيه ما فيه من دلائل الأهداف العلنية والمكاسب الأمريكية من ضرب أمريكا لإيران، حيث قالت: إن الاحتجاجات في إيران ليست قضية الولايات المتحدة، وأضافت: “هذا الأمر ليس عن “ترامب”، وتدخل “ترامب” فيه لن يكون مساعداً؛ لأنه لا يتمتع بأي مصداقية في إيران”، وبمقال نشرته صحيفة “واشنطن تايمز” الأمريكية، حمل عنوان: “كيف يستطيع “ترامب” أن يساعد المتظاهرين الإيرانيين؟ جاء الجواب أن يجلس صامتاً.

ساعود جمال ساعود