مساحة حرة

آل سعود.. انقلاب السحر على الساحر

سرّبت وزارة الداخلية السعودية مؤخراً خبراً مفاده أنها تمكّنت من القبض على بضعة وستين إرهابياً ولا تزال تلاحق أربعة وأربعين إرهابياً آخرين، والخبر إلى هنا لا يبدو فيه أي جديد، حيث اعتدنا على أسلوب الدعاية (البروباغندا) الذي تمارسه السلطات السعودية في محاولة إظهار قدرة سلطاتها الأمنية على خوض التجارب الأمنية الصعبة، ولكن أن تقوم الصحافة السعودية وأبواقها في الداخل والخارج بتضخيم الحدث إلى هذا الحدّ هو الذي يثير الكثير من التساؤلات، وكأن المراد من تسريب هذا الخبر فقط تحريك الإعلام باتجاه آخر يؤدي دوره في إظهار أن مملكة آل سعود كغيرها من دول العالم المتحضّر تحارب الإرهاب ولا تقبل به على أرضها، وذلك بعد أن بدأت الصحافة العالمية تعرّي الدور السعودي في دعم الإرهاب العالمي ونشره حول العالم، وطبعاً في هذا السياق لم نشهد أن السلطات السعودية قامت ببثّ اعترافات هؤلاء الإرهابيين تصديقاً لادّعاءاتها، بل اكتفت بتسريب هذا الخبر المفبرك ربّما وتركت لأقلامها المأجورة أن توزّع الاتهامات هنا وهناك، وتجترح لها أعداء تتحدّث عن استهدافهم إياها وهي التي لم تترك لها صاحباً من دول الجوار إلا وأغضبته، هذا فضلاً عن الشعب الذي يرزح منذ عقود طويلة تحت نير أمراء مجانين مهووسين أغلبهم لا ينتمون إلى آدم وحواء “على الحقيقة”، وهو مضطر لتصديق أكاذيبهم التي يدعمونها دائماً بـ(بروباغندا) إعلامية، حيث يعلم أكثر الناس في مملكة آل سعود أن الأحداث الأمنية التي وقعت في المدن السعودية قبل عشر سنوات تقريباً هي من سيناريو الاستخبارات الأمريكية وإخراج الأجهزة الأمنية السعودية التي كانت تقوم باستئجار فلل معينة لبعض السجناء الذين تودّ التخلص منهم دون أن يكون هناك ردّ فعل من ذويهم على موتهم فترسلهم إليها بعد أن تكون قد أعادت تأهيلهم باستخدام المخدّرات طبعاً، وتقوم في الفترة ذاتها بنشر أسماء مجموعة من الإرهابيين المفترضين الذين ينوون القيام بأعمال إرهابية، وتنشر صورهم على أوراق اللعب على الطريقة الأمريكية على أنهم مطلوبون أمنيون، ثم لا تلبث بعد فترة وجيزة أن تهاجم هذه الفلل التي أسكنتهم هي فيها، للحديث أولاً عن انتصاراتها الأمنية والقول: إن لها يداً ضاربة في مواجهة الإرهاب، ثم لإرهاب الشعب السعودي ومنعه من الحديث في مطالبه المحقّة من النظام الذي سلبه أبسط حقوقه، ولاسيما العدالة الاجتماعية والبطالة وحرية التعبير وحرية المرأة.

وهنا لا بدّ من السؤال: لماذا يقوم آل سعود بين الفينة والأخرى بتسريب مثل هذه الأخبار؟ وهل بدأت نار الإرهاب الذي غذاه آل سعود في سورية والعراق واليمن وأفغانستان ولبنان وغيرها ترتدّ إليهم؟.

إن المتابع لطبيعة الاتهام الأولي الذي وجّهته السلطات السعودية، حيث نسبت هذه المجموعة الإرهابية إلى ما تسمى دولة الإسلام في العراق والشام “داعش”، يدرك أن الموضوع لا يعدو كونه واحداً من عدّة أمور، إما أن الإعلان الأخير لـ”داعش” على الانترنت عن توعّد مملكة الظلام بعمليات في الداخل هو صناعة الاستخبارات السعودية للقول فيما بعد إنها ألقت القبض على مجموعة إرهابية، بينما هي تقوم باعتقال مجموعة من المعارضين والناشطين السياسيين والاتهام جاهز “الإرهاب”، وهو أمر وارد بالقياس إلى طبيعة آل سعود الإرهابية، أو أنهم “أي آل سعود” يريدون القبض على جميع السعوديين الذين عادوا من سورية والعراق للتخلص منهم قبل أن يمارسوا “مهاراتهم الإرهابية” في الداخل لعلمهم أن من يربّي الأفعى لا بد له أن يتذوّق سمّها وبالتالي يكون هذا مؤشّراً على رُهاب من نوع آخر صنعه آل سعود بأيديهم وبدؤوا بتذوّق نتائجه على الأرض، أو أن المعركة بين آل سعود صانعي الإرهاب الوهابي القاعدي وآل ثاني داعمي الإخوان المسلمين في المنطقة والعالم قد بلغت ذروتها، وانتقلت من حروب الجماعات الإرهابية التابعة للطرفين على الأراضي السورية إلى داخل مملكتهم، وهذا الأمر تدعمه حركة الاعتقالات الأخيرة في صفوف الإخوان، حسب مصادر مطّلعة في العاصمة السعودية الرياض أكدت حدوث موجة كبيرة من هذه الاعتقالات في صفوف الإخوان.

في مطلق الأحوال لا يستطيع أحد في الداخل السعودي أو حتى خارجه أن يقتنع بفكرة المجموعة الإرهابية كما تمّ تسريبها، فهذا النظام الإرهابي يمكنه أن يقوم بأي عمل للوصول إلى غايته الكبرى وهي خدمة وجود الكيان الصهيوني في المنطقة العربية، لأن وجوده كنظام مرتبط بوجود هذا الكيان، كما أن وجود العبد مرتبط بوجود سيّده.

البعث ميديا || طلال ياسر