أما حان الوقت لوضع تركيا على قائمة الدول الراعية للإرهاب؟
أن تقرأ هذا العنوان في بعض الصحف الأمريكية، يخال إليك أن العالم استفاق من غفوته على الكابوس الحقيقي الذي تمثله تركيا بدعمها ورعايتها للإرهاب العالمي الذي يجتاح الشرق الأوسط كالسرطان ويهدد بالانتقال إلى أوروبا والولايات المتحدة.
فالكاتب والمؤرخ الأمريكي المعروف دانيال بايبس يقول في صحيفة «ناشيونال رفيو» الأمريكية بالعنوان العريض أنه حان الوقت لإدراج تركيا على قائمة الدول الراعية للإرهاب، وهذا قول حق لا نجادله فيه، فنحن السوريون أدرى بمدى تورط الحكومة التركية في دعم الإرهاب على مدى أربع سنوات من عمر الأزمة السورية، والعالم أجمع يعلم أن «الدولة التركية» تدعم وتمول وتدرب الجماعات الإرهابية وتسهل عبور الإرهابيين عبر أراضيها إلى داخل سورية والعراق، وهي لم تخف ذلك.. وحتى اليوم ترفض أنقرة الدخول في تحالف «الحلفاء» الذي تقوده واشنطن ضد تنظيم داعش المدرج على قائمة الأمم المتحدة للمنظمات الإرهابية، بحجج واهية وشروط أقل ما يقال فيها أنها جنونية… وهذا بحد ذاته دليل إدانة للعثمانية الجديدة المتمثلة بأردوغان ودميته داوود أوغلو..
وإذا كان هذا الموقف في الصحافة الأمريكية مفاجئ للبعض منا، إلا أن المفاجئة لن تطول، عندما تطالعك المقالة أن مطالبة هذا الكاتب المختص بشؤون الشرق الأوسط بإدراج تركيا دولة راعية للإرهاب لا ترتبط البتة بما تمارسه حكومة اردوغان في سورية والعراق من دعم لداعش وغيرها من التنظيمات الإرهابية مختلفة الأسماء، ولا لدورها في تسهيل عبور آلاف المقاتلين والجهاديين الأجانب إلى سورية والعراق، ولا إلى رفضها الدخول في حلف حليفتها واشنطن ضد داعش، وإنما يرتبط باستضافة تركيا للقيادي في حركة حماس صالح العاروري!! الذي يتهمه الموساد الإسرائيلي بالوقوف وراء عمليات الدهس والطعن التي نفذها شبان فلسطينيون ضد مستوطنين إسرائيليين في القدس المحتلة والضفة الغربية خلال الأشهر الأخيرة.
وتزول المفاجأة كلياً عندما ترى أن هذه المقالة هي مجرد صدى لمقالات عدة سبقتها في الصحف الإسرائيلية التي تحدثت جميعها تحت هذا العنوان، الذي يقول: أنه حان الوقت لإدراج تركيا على لائحة الدول الراعية للإرهاب .. فمن غير المعقول بحسب تلك الصحف أن تتحول دولة عضو في الناتو ومرشحة لعضوية الإتحاد الأوروبي إلى « قاعدة لعمليات حماس الإرهابية».
نحن هنا لا نناقش وضع حركة حماس، ولا استضافة تركيا لقيادي في حماس رحلتّه «إسرائيل» قسراً عن أرضه، بل في المعايير المزدوجة التي تكاد تعمي السياسيين ورجال الإعلام في الغرب على حد سواء، فقد تعودنا أن يفكر الغرب السياسي بالعقل الإسرائيلي ويسمع بأذني تل أبيب، لكن أن تصل الوقاحة إلى هذا الحد من تجاهل الإرهاب الذي تمارسه حكومة اردوغان ضد سورية والعراق والمعترف به عالمياً، والاهتمام بحوادث فردية مُختلفٌ على طبيعتها وأسبابها دولياً.. أمر يستحق التوقف عنده.
فمعظم الكتاب ورجال السياسة والإعلام في الغرب، إلاّ ما ندر، لا يهمهم من أمر دولنا وشعوبنا إلاّ ما كان يخدم مصالحهم وسياساتهم، ولا يرف لهم جفن لعذابات شعوبنا. وكما كان الفرق في ردة فعلهم تجاه ذبح مئات السوريين والعراقيين على أيدي تنظيم داعش، مقارنة بردة فعلهم تجاه ذبح بضع أجانب، سيكون موقفهم تجاه ذبح أي عدد من شعوبنا بمختلف انتماءاتهم الدينية والإثنية والمذهبية؟!! وقس على ذلك.
وبالعودة إلى الإرهاب التركي، فربما تفعل احتجاجات كيان الاحتلال لدى الناتو فعلها، فبحسب الكاتب احتجت الحكومة الإسرائيلية عبر قنوات خاصة لدى قيادة الناتو أنه من غير المقبول أن تكون دولة عضو في التحالف ولديها صلات مع « تنظيم إرهابي» «حماس»!!…. لأن العاروري بحسب مسؤولي كيان الاحتلال لن يكون بمقدوره التخطيط لشن هجمات في «إسرائيل» بدون موافقة ضمنية من أردوغان وداوود أوغلو. وربما تدرج تركيا قريباً دولة راعية للإرهاب من البوابة الإسرائيلية، وتبقى دولة ديمقراطية من البوابة العربية، وحاجة ضرورية من بوابة الغاز.
ولن تفلح صيحات السوريين والعراقيين في إيقاظ شعور غربي مات وتحجر منذ وعد بلفور بإنشاء كيان الاحتلال في فلسطين ومنذ سايكس بيكو الذي مزّقنا إرباً، لن تفلح في لفت انتباه العالم الغربي على الإرهاب الحقيقي الذي يمارس ضدنا من تركيا – أردوغان وكيان الاحتلال في فلسطين.
لكن إرادة شعبنا هي الوحيدة القادرة على ردع حكومة اردوغان وحمله على وقف دعم الإرهاب والجماعات الإرهابية.. صمود جيشنا ودحره مرتزقة اردوغان ومن معه هو الكفيل الوحيد ليس بإدراج تركيا – كحكومة- على قائمة الإرهاب، بل ربما بوضع حد لتاريخها السياسي في تركيا على المدى البعيد.
نعم الحكومة التركية راعية للإرهاب وللفكر التكفيري المتطرف، أمر واقع لا يحتاج لبرهان، لكن أن تنبري أقلام غربية فجأة للحديث عن دعم تركيا للإرهاب من بوابة حماس فهذه محاولة لحرف الأنظار عن حقيقة الإرهاب في الشرق الأوسط الذي تمارسه داعش وإسرائيل وحكومة اردوغان وبعض ممالك الخليج.
ليس دفاعاً عن قيادة حماس التي خانت العهد وتنكرت للجميل عندما انخرطت في مخطط التأمر على سورية، بل هو مجرد تنبيه لطريقة تفكير العقل الغربي المبرمج إسرائيلياً.
عبد الرحيم أحمد