ثقافة وفن

أنثى.. ولكن

أخبره صديقه الخليجي في بلاد الاغتراب أنه يتمنى أن يحظى بفتاة سورية للارتباط بها، وعلى الرغم من سعادته لرغبة صديقه بأن يتزوج بابنة بلده إلا أنه تساءل عن سر تلك الرغبة بالرغم من وجود مجموعة فتيات حسناوات من جنسيات مختلفة عربية وأجنبية حوله، فما كان من صديقه الخليجي -الذي لم يقابل أي فتاة سورية في حياته- إلا أن أجابه: إن الفتاة السورية “نغشة” ودلوعة وتدلل الرجل، وتابع مفسراً: لقد عرفت عنها هذا من خلال متابعتي لعدد من المسلسلات السورية.

قد لا نعرف مطلقاً حجم الدور الذي لعبته درامانا في رسم صورة المرأة السورية في الذهن العربي، ولكن يبدو أن دورها بات ملحوظاً وقوياً ولا يمكن تجاهله، ومع الأسف فإن الصورة التي رسختها بعض المسلسلات عنها لم تكن بأي حال من الأحوال هي صورتها الحقيقية، حيث تم تنميط جميع النساء السوريات في قالب ونمط واحد، وتم إلغاء التمايز بينهن وأغفلت أن يكون لكل منهن شخصية مختلفة وأحلام مختلفة، وحرمتهن من خصوصيتهن وفرادتهن، وكأنهن جميعهن لسنَ أكثر من مجرد “أنثى”، ويمكننا الذهاب إلى أبعد من ذلك والقول إن بعض الدراما شوهت صورة الفتاة السورية، ووضعتها في إطار محدد هو إطار الأنثى الصالحة للزواج فقط والمثالية للحياة الرغيدة مع الرجل، وجعلتها بكل امتياز مجرد تابعة له، لا دور لها بعيداً عنه فكل ما تفعله وما تقوم به إنما هو من أجله، وكأن جميع الفتيات السوريات لا هم لهن سوى “تدليل سي السيد ” ونيل رضاه ثم أنها أسبغت عليهن مجموعة صفات تنطبق على جناح الحريم وأجواء “الحرملك” فقط، فتحولت بذلك المرأة إلى “جارية” لدى سلطانها الرجل.

مع سنوات الأزمة – ولاسيما في ظل غياب الرجال لأسباب مختلفة- أثبتت المرأة على الدوام بأنها قادرة على تحمل جميع أعباء الحياة ومسؤوليتها، بكل تفاصيلها الصغيرة والكبيرة ، وبأنها شريكة ورديفة في اليوميات – وتعوض عن الرجل عند الضرورة- حتى أنها لم تتوان عن رفع السلاح للدفاع عن وطنها وأرضها، فكم يحمل من الظلم والأذى أن نقدم صورة مشوهة لمن تحمل وطنها في روحها كياسمينة غافية؟ وكم هو مؤلم وقاسٍ أن ننكر على من تشارك في بناء وتربية جيل كل ما يقع على عاتقها من مواجهة حياة وحرب؟ وما أصعب أن تعتبرها الحارة مجرد أنثى بينما في الحقيقة بإمكانها أن تكون بكل جدارة حارسة وحامية للحارة.

البعث ميديا || جريدة البعث- لوردا فوزي