الشريط الاخباريدولي

أوكرانيا.. معسكر الصقور الأمريكي وتأجيج الحرب الباردة مع روسيا

 استنهضت الأزمة الأوكرانية أجواء الحرب الباردة الكامنة، وكذلك رغبة فريق معسكر “الصقور” الأميركي من الحزبين مطالبين الإدارة الأميركية بالتخلي عن الأطر الدبلوماسية وانتهاج سياسات تصعيديه بذريعة إن “مصداقية” القوة العظمى وضعت على المحك مرة أخرى، وضرورة إعادة الاعتبار للمؤسسة والخيار العسكري للتعامل مع روسيا بمحاذاة حدودها الإقليمية.

لم تنتظر روسيا طويلا تقلبات الأوضاع السياسية في أوكرانيا ودخول حلف الأطلسي بقيادة الولايات المتحدة على خط الأزمة، وسارعت لنشر قوات عسكرية في شبه جزيرة القرم حماية لمنفذها البحري الحيوي على البحر الأسود أغلبية سكان القرم هم من الروس، وتتمتع شبه الجزيرة بالحكم الذاتي ضمن الأراضي الأوكرانية.

وتسارعت التفاعلات وردود الفعل الغربية للرد على الخطوة الروسية تنديدا وتهديدا بالكلفة العالية المترتبة على قرار موسكو، واتخاذ إجراءات لمقاطعتها اقتصاديا بيد إن موسكو لم تلقِ بالا لتلك التهديدات محذرة إن الضرر سيعود على أصحابه بدرجة اكبر، سيما وان حجم التبادل التجاري مع أوروبا بشكل خاص يميل لصالح روسيا في قطاع الطاقة والغاز الطبيعي بالغ الأهمية للعجلة الاقتصادية الأوروبية وسريعا ظهرت بوادر التصدع داخل المعسكر الأوروبي خلافا للتهديدات الأميركية أوجزتها كل من بريطانيا وألمانيا بالإعراب عن عدم حماستهما لمقاطعة روسيا تجاريا نظرا للتداخل المتشعب بين الاقتصاديات الثلاث وعدم الجدوى السياسية من المضي بالخطوة الأميركية.

عدد من الدول الأخرى لا يزال في طور الانتظار والترقب لما ستؤول إليه التطورات تعبيرا عن الخشية من الانقياد الأعمى وراء رغبات واشنطن، والتي يرجح إن تبقي خيارات تبادلها التجارية مفتوحة مع موسكو.

أمام تلميحات وتهديدات أميركية المصدر بقدرتها على تعويض احتياجات أوروبا وتقليص اعتمادها على الغاز الروسي وشبكة إمداده العابرة لأراضي أوكرانيا نشر “مركز ستراتفور” وثيق الصلة بالأجهزة الأستخبارية والأمنية الأميركية احدث أصدارته (الجمعة 7 آذار) يدحض فيه عقم الادعاء الأميركي، الذي يرمي لدفع الأوروبيين الاصطفاف بقوة خلف السياسة الأميركية على حساب مصالحهم الاقتصادية.

وجاء في دراسة المركز “بألا قرار في رغبة واشنطن الأكيدة للحد من النفوذ الروسي (في أوروبا)، فان قدرتها على الرد تبقى محدودة سيما لتصدير ما يتوفر في مخزونها الاستراتيجي من الطاقة لتحقيق مآرب جيوسياسية” وأوضح إن إنشاء بنية تحتية تستوعب المزيد من صادرات الطاقة الأميركية لن يتأتى قريبا “سواء في فترة تمتد لعدة أشهر أو حتى لسنتين أو ثلاثة فالأزمة الأوكرانية ينبغي معالجتها بسرعة اكبر.” وأردف موضحا لمن فاتته الرسالة “لا زالت القيود تحول من قدرة الولايات المتحدة التحرك لمساعدة دول أوروبا الشرقية لتقليص اعتمادها على الغاز الطبيعي الروسي .. حكما ستبقى روسيا تشكل القوة المهيمنة لتصدير الغاز للمنطقة.”

صقور الحرب في الحزب الجمهوري بشكل خاص انتهزوا الفرصة للتنديد بالرئيس أوباما واتهامه بالتردد في اتخاذ قرار حاسم للرد على روسيا، إن الأمر يعود إلى آلية اتخاذ القرار وليس لطبيعة المتغيرات الدولية والداخلية الأميركية  خاصة بعد المصادقة على  تقليص ميزانية البنتاغون للمرة الأولى منذ عدة عقود.

تفجر الأزمة الدولية في أوكرانيا أعادت الحياة لذات العقلية العسكرية وسعى الرئيس أوباما استيعاب تداعياتها على الداخل الأميركي بقوله في احد تصريحاته إن “التوجه الأميركي يستند إلى عدم رؤية ما يجري كأحد تجليات رقعة شطرنج الحرب الباردة التي تضعنا في حال مواجهة وصراع مع روسيا”.

توصيف أوباما للعقلية السائدة بين أوساط مناوئيه الداخليين، وحفز الضغوط الشعبية لاستعادة أجواء الحرب الباردة، تحول دون توصل أركان إدارته ومستشاريه إلى تحليل منطقي وموضوعي لقضايا الخلاف المتعددة بين الولايات المتحدة وروسيا. وعليه، من شأن المقدمات الناقصة والخاطئة أن تؤدي إلى نتائج غير فعالة على الأمد الطويل.

وتترقب كافة الأطراف والقوى المنخرطة في الصراع، وتلك التي ستشهد تداعياتها على مصالحها، ما ستقدم عليه الولايات المتحدة من خطوات ترد فيها على روسيا. ويتبين سريعا لتلك القوى والأخرى المراقبة لما يجري حقيقة الخيارات المتوفرة للإدارة الأميركية، وتزداد قناعاتها بعدم أهلية الإدارة إنشاء تحالف دولي باستطاعته التوصل إلى قرار مشترك للرد على الخطوة الروسية أو الضغط عليها بغية حملها لتعاطي خيارات أخرى. يجمع المراقبون على ان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أجرى مراجعة مكثفة للتداعيات السياسية والاقتصادية التي قد تترتب على دخول القوات الروسية، وتوصل إلى قناعة بأن المخاطر تبرر إجراءات المضي في حماية الأراضي والمصالح الروسية.

كما يجمع المراقبون على ترابط الأزمة الأوكرانية بالخطوات التراجعية التي فرضها صمود سورية وفي كل من ومصر وإيران على وجهة السياسة الأميركية وفشلها المتكرر مما أدى إلى اندلاع مزيد من الأزمات.

الصفعات المتتالية التي تلقتها الإدارة الأميركية نتيجة عقم سياساتها العدوانية أضافت بعدا جديدا يقيد حركتها ويكشف عدم قدرتها على تهديد الأخر، لا سيما تبني إجراءات معينة لردع التقدم الروسي. اعتادت أميركا على سرعة اعتلاء رئيسها منصة مؤتمرات صحافية تعقد على الفور وإصداره التهديد تلو الآخر؛ تطورات الأوضاع الدولية وبدء تراجع الهيبة الأميركية إحالتها إلى الزمن البعيد.

أما معسكر صقور الحرب فلا يزال يتشبث بأمجاد الماضي ويروج لاتخاذ إجراءات قاسية تقود روسيا إلى مراجعة مواقفها وسياساتها. خطوات وتدابير أميركية دون المواجهة العسكرية المباشرة ستدفع الرئيس الروسي الى توسيع نطاق نفوذ بلاده، كما يعتقد أقطاب المعسكر، ليشمل دول بحر البلطيق الثلاثة: لاتفيا وليتوانيا واستونيا.

697179

خيار المواجهة العسكرية

يرى البعض سهولة في اللجوء للتدخل العسكري كأسلوب فعال لردع الخصم. ونظرا لتضافر عدد من العوامل، وعلى رأسها تراجع هيبة الولايات المتحدة على نطاق الكون بأكمله، مما حدا بالرئيس أوباما مبكرا استبعاد اللجوء إلى استخدام القوة العسكرية، شاطره الرأي بعض الساسة والشخصيات الفاعلة في بلورة القرار السياسي. أما فريق التدخل العسكري فيقف خلافا لذلك.

واحدهم الجنرال المتقاعد بوب سكيلز، حثا الولايات المتحدة على اتخاذ مبادرة أحادية لنشر نظم مضادة للصواريخ الباليستية في جمهورية التشيك ، ونشر سفنا حربية في مياه البحر الأسود، والبدء بمناورات عسكرية في بولندا.

وعلل تصعيد الخطوات بأنها “لن تؤدي إلى نشوب حرب، بل ترمي لإيصال رسالة (للرئيس) بوتين عن جدية نوايانا، إذ انه يحسب حسابا للقوة فقط، ويدرك ان الولايات المتحدة لا تزال في مقام متقدم عن بلاده”.

وشاطره رأي اللجوء للخيار العسكري مستشار الأمن القومي الأسبق ومهندس قوات المجاهدين في أفغانستان بريجينسكي الذي أوضح مراميه مطلع الأسبوع على صفحات جريدة واشنطن بوست.

وذهب بريجينسكي يعدد الخطوات التي يتعين أتباعها “فقوات حلف الناتو، اتساقا مع خطط الطوارئ للحلف، ينبغي أن ترفع حالة التأهب في صفوفها. كما توفر أجواء الجهوزية العالية فرصة لنقل القوات الأميركية المحمولة جوا إلى أوروبا الأمر الذي يعد سياسيا وعسكريا ذو مغزى. لو رغب الغرب في تفادي نشوب أزمة، فيتعين إلا يتوفر أي قدر من الغموض لدى الكرملين بشأن ما قد يترتب من إجراءات على مغامرات مستقبلية لاستخدام القوة في منتصف القارة الأوروبية.”

وتفادى بريجينسكي ذكر أن أقدام الناتو على اتخاذ خطوات لتطبيق اقتراحاته يستدعي موافقة أعضاء الحلف الآخرين وما ينطوي عليه من تعقيدات – التي تتجسد حتى لدى بريطانيا اقرب حلفاء الولايات المتحدة. وبثت شبكة (بي بي سي) الإخبارية فحوى مذكرة حكومية رسمية تفيد بأنه يتعين على أعضاء الوزارة “عرقلة أي محاولة للبحث (داخل الحلف) في خطط الطوارئ العسكرية.”

في تطور متصل، أخضعت بريطانيا كافة عقود بيع الأسلحة الموقعة مع روسيا إلى المراجعة وإعادة النظر. أما فرنسا فقد أكدت عزمها المضي في تسليم البحرية الروسية حاملة طائرات مروحية، التي تخضع للتجارب الحية لاول مرة الأسبوع الجاري.

 ويزعم أنصار التدخل العسكري والمواجهة توفر خيارات عسكرية بديلة لا تتطلب اللجوء لحلف الناتو. منها الإعلان عن بدء مناورات عسكرية مشتركة بين الولايات المتحدة وأوكرانيا تجري على أراضيها، على غرار المناورات المشتركة السابقة التي تمت تحت غطاء  برنامج “شراكة السلام” لحلف الناتو المناورات الاعتيادية يجري الإعداد لها لفترة زمنية معروفة، أما المناورات الفورية المقصودة فهي ترمي إلى تبيان مدى العزم في ظل ظروف أزمات عسكرية.

عند توفر قرار بإجراء مناورات مشتركة ستبرز تعقيدات جغرافية تعيق امتدادها إلى المناطق الشرقية من الأراضي الأوكرانية وجود قوات عسكرية أميركية بحد ذاته سيجري تفسيره بأنه صاعق انفجار لمواجهة عسكرية مباشرة بين أميركا وروسيا أما نشر قوات أميركية محدودة في قواعد عسكرية أوكرانية من شأنه مضاعفة حالة التأهب في صفوف القوات الروسية وتعقيد مخططاتها العسكرية فعلى سبيل المثال وجود طائرة مقاتلة أميركية مرابطة في قاعدة اللواء 114 للقتال الجوي التكتيكي بالقرب من مدينة كولوميا في غرب أوكرانيا سيضع القاعدة خارج دائرة الاستهداف الروسي  خشية وقوع إصابات بين الأميركيين.

من ضمن الخيارات العسكرية الأخرى يبرز نشر قوات خاصة أميركية تنقل جوا في الحال إلى أوكرانيا لا سيما قوات القبعات الخضراء وقد يندرج إرسالها تحت بند توفير التدريبات التكتيكية للوحدات الصغيرة الأوكرانية المختارة.

خيارات غير عسكرية

تدرك الولايات المتحدة جيدا إن روسيا أخذت بالاعتبار مسألة تهديدها بفرض عقوبات اقتصادية عليها،  وما المضي قدما بمسارها إلا دلالة واضحة على عزمها تحمل نتائج ما ستؤدي إليه إجراءات حماية مصالحها الوطنية.

تترك العقوبات الاقتصادية بشكل عام أثارا ضارة على المواطنين المستهدفين بصرف النظر عن الانتماء العرقي بيد ان روسيا تتمتع بميزات اقتصادية عديدة على رأسها تنعمها بطفرة مالية في احتياطاتها المصرفية وتحقيقها اكتفاء ذاتيا لاحتياجاتها يعينها على تثبيت تصميمها بالذهاب إلى الحد الأقصى بموقفها.

هناك مروحة واسعة من الخيارات غير العسكرية مهيأة للاستخدام ضد روسيا، بيد إن نجاحها وفاعليتها يشترط تعاونا تاما وشاملا من الدول الأخرى لتطبيقها والتي لم تبدِ أطرافا رئيسية فيها أي تأييد للرئيس أوباما باستطاعته الاستناد إليه، فضلا عن تداعيات فضائح التجسس الأميركية على كافة الدول ومسؤوليتها التي تصنف من ضمن الحلفاء.

ومن بين تلك الدول، تبرز بريطانيا والتي يعتمد اقتصادها، في بعض تجلياته على التسهيلات المصرفية في استقطاب الاستثمارات الأجنبية الهائلة. وارتأت لندن الرد عبر مؤسستها الإعلامية العريقة بي بي سي التي أوضحت إن الحكومة البريطانية تتفادى إكراهها بإنزال عقوبات اقتصادية ضد روسيا.

من ضمن التدابير الأخرى يجري تداول الدول الغربية فيما بينها لإقصاء روسيا عن مجموعة الدول الصناعية الثمانية، جي-8، التي تتخطى الخطوة الراهنة المعلنة بمقاطعة دورة انعقاد المجموعة المقررة في روسيا في وقت لاحق من العام الجاري.

ولوحت الولايات المتحدة مرارا بنيتها تفعيل “قانون ماغنيتسكي” القاضي بفرض عقوبات فردية على شخصيات روسية، وقد يذهب ابعد من ذلك لإقصاء روسيا عن عضوية منظمة التجارة الدولية.

الحد من تبادل تقنية الطاقة الغربية مع روسيا قد تترك مفعولا ابعد من غيرها من الإجراءات، سيما وان الاقتصاد الروسي يستند إلى حد بعيد على صادرات مصادر الطاقة من نفط وغاز إلى الدول الأوروبية. بينما تعتمد روسيا على التقنية الغربية المتطورة لإنتاج الطاقة والحفاظ على ارتفاع معدلاتها.

وتعتقد الدوائر الغربية إن باستطاعتها عرقلة نمو القوات العسكرية الروسية عبر تطبيق عقوبات اقتصادية مكثفة لإبقاء الضغط قائما على روسيا أمام نية الرئيس الروسي المضي قدما في تعزيز موطئ قدمه في شبه جزيرة القرم؛ وأدراك موسكو الوافي إن إجراءات المقاطعة تتراجع فعاليتها مع تعاظم تردد الدول الأوروبية، لا سيما ألمانيا وبريطانيا وقد تنضم أليهما فرنسا أيضا.

كما يعتقد الغرب أن تعزيز إجراءات المقاطعة الاقتصادية ينبغي إن يجري بالتوازي مع تقديم الدعم لأوكرانيا الحزمة التي أفصح عنها وزير الخارجية الأميركية تقديم ضمانات للقروض بقيمة مليار دولار ينقصها المصداقية.

في ظل هذه المروحة من الخيارات والإجراءات ينبغي على الولايات المتحدة إعادة النظر بسياستها الأفغانية، خاصة في بعد فرط اعتمادها على مساعدة روسيا لحماية خطوط الإمداد الخلفية لقواتها، والتي تنذر ببقائها رهينة في أيدي الرئيس الروسي إن قرر السير بذاك الاتجاه وهددت روسيا الولايات المتحدة بنيتها بيع مستنداتها من أسهم الخزينة الأميركية مما قد ينجم عنها رفع أسعار الفائدة في الأسواق الأميركية التي لم تتعافى من الهزات والتحديات المالية.

حماية المصالح الحيوية وممارسة القيادة من الخلف

تطورت مفاهيم العلاقات الدولية لدى الاستراتيجيين الأميركيين باعتقادهم إن الأنماط السابقة المعتمدة فقدت قيمتها ولم تعد صالحة لإدارة شؤون العالم، منها إنشاء مناطق النفوذ، والسعي لاستبدالها بمفاهيم يطلق عليها “الاعتماد المتبادل” و “التعقيدات الكونية.”

أما الرئيس الروسي بوتين فيدرك إن أوكرانيا بما تمثله من ثقل جغرافي وسياسي ينبغي إن تبقى ضمن دائرة النفوذ الروسي، واثبت استعداده لترجمة ذلك جليا الأمر الذي كان مسلما به لدى المبتدئين في الدبلوماسية الأميركية منذ زمن طويل.

تشابك مفاهيم المصالح الوطنية بين الدول الأوروبية والولايات المتحدة يلقي ظلاله على العلاقات المشتركة بينها، سيما وان الجانب الأوروبي يعتبر ديمومة تدفق الغاز الروسي والاتجار مع روسيا امر يصب في صميم مصالحه الوطنية وليس الانحياز لاتخاذ موقف من أوكرانيا.

 إذ أشارت ألمانيا إلى رغبتها في بقاء روسيا عضوا في مجموعة الدول الصناعية الثمانية، مع الأخذ بعين الاعتبار إنها تستورد نحو 40% من احتياجاتها للطاقة من الغاز الروسي، الأمر الذي حفز التكهنات حول قيام المستشارة الألمانية انجيلا ميركل بدور دبلوماسي رئيسي لحل الأزمة الأوكرانية.

سيدرك الطاقم الأميركي المحيط بالرئيس أوباما، ربما متأخرا الترابط العضوي بين المصالح الوطنية والتبادل التجاري مع دول الجوار وتشبث المعنيين بأولوية المصالح الوطنية على ما عداها من اهتمامات.

اشتهرت إدارة الرئيس أوباما بأتباع نهج “تصدر موقع القيادة من الخلف” كأسلوب لإدارة الأزمات يدفع بطرف قريب منها إلى الواجهة، وما قد ينجم عنه من فراغ سياسي نظرا لعدم توفر الإرادة عندها لاتخاذ قرار يخص منطقة ما. الدول الأخرى الصاعدة، مثل روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية، استغلت ثغرات الإستراتيجية الأميركية لتعزيز مواقعها على المشهد الدولي.

تاريخ الكيان السياسي الأميركي يشهد على إقصاء عامل السياسة الخارجية وتقلباتها من حسم نتائج الانتخابات. الاستثناء الثابت خص الرئيس جيمي كارتر، بعد تلقيه سلسلة هزائم أمام إيران وأفغانستان، نهاية عقد السبعينيات، واسهم في خسارته انتخابات إعادة ترشيحه لولاية رئاسية ثانية.

إما انخراط الولايات المتحدة في حربي أفغانستان والعراق، والآن مثول الأزمة الأوكرانية برفقة البرنامج النووي الإيراني والاضطرابات في مصر وتوسع الصين في محيطها الإقليمي، شكلت عوامل ضاغطة على سياسات الرئيس أوباما أمام الجمهور الأميركي.

الأزمة الأوكرانية والميل لتوتير العلاقات الأميركية مع روسيا قد تترك تداعياتها على الإرث السياسي للرئيس أوباما بخلاف الرواية التي أرادها وسعى بدأب لتحقيقها.

البعث ميديا