دوليسلايد

إحياء الذكرى السنوية الأولى للزعيم البوليفاري «تشافيز»

تحيي فنزويلا اليوم الذكرى السنوية الأولى لرحيل زعيمها الوطني الكبير أوغو شافيز الذي توفي بعد صراع مرير مع المرض مخلفا وراءه تاريخا حافلا بالمواقف الوطنية والانسانية المعبرة عن روح الثورة البوليفارية الرافضة للظلم والاستبداد والهيمنة الامبريالية على العالم.

وبدأت مراسم إحياء الذكرى في العاصمة كراكاس والمدن الفنزويلية بنزول الآلاف من المواطنين إلى الشوارع في مسيرات تعبر عن المحبة الكبيرة التي مازال يكنها الشعب الفنزويلي لزعيمه الراحل والتمسك بنهجه ومسيرته في رفض المشاريع الاستعمارية الرامية إلى السيطرة على العالم ونهب ثرواته خدمة للمصالح الأمريكية والغربية.

وتتعرض فنزويلا هذه الأيام لمحاولات تستهدف أمنها واستقرارها من خلال سعي الحركات اليمينية وقوى الثورة المضادة لزعزعة هذا الاستقرار وجر البلاد إلى حالة من الفوضى مدعومة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية ووسائل إعلامها المضللة وهو الأمر الذي يواجهه الشعب الفنزويلي بكل فئاته من عمال وفلاحين وفقراء بالالتفاف حول حكومة الرئيس نيكولاس مادورو والتمسك بنهج الزعيم الراحل شافيز.

وفي قراءة لمسيرة حياة الزعيم الراحل يمكن القول إن شافيز كان وسيظل معلما مهما في تاريخ فنزويلا الحديث حيث أعاد إحياء مرتكزات الثورة البوليفارية القائمة على رفض “الظلم والهيمنة وسيطرة القوى الرأسمالية والاقطاعية” على مقدرات الشعب الفنزويلي وأعطى لفنزويلا مكانة عالمية مرموقة من خلال مواقفه الشجاعة والصلبة في مناصرة الشعوب المظلومة والوقوف إلى جانبها في مواجهة القوى الاستعمارية والامبريالية.

ويمكن الاشارة في مجال الحديث عن سياساته الداخلية إلى نقاط وانجازات أساسية تمثلت في نقل فنزويلا من حالة بؤس معيشي ناشئ عن معدلات غلاء فاحش أنتجتها حالة نقص حاد في أرصدة النقد الأجنبي لأن القسم الأعظم من دخل الدولة بالعملات الأجنبية يذهب لمواصلة سداد ديون خارجية لموءسسات وشركات غربية من ناحية ولعمليات نهب منظم من شبكات رجال الأعمال ورموز السلطة العليا إلى حالة من النجاح الاقتصادي والاجتماعي الشامل بعد التوصل بقناعة نهائية إلى امساك الدولة بحركة الاقتصاد الوطني ونبذ نهج الاقتصاد الراسمالي والاقطاعي وتطبيق برامج اجتماعية أدت إلى تخفيض الفقر بنسبة النصف وخفض الفقر المدقع بنسبة 70 بالمئة وتوسيع الخدمات المجانية في مجالي التعليم والصحة ورفع الحد الأدنى للأجور بنسبة عالية مع خفض معدل البطالة بنسب مرتفعة وذلك بتوفير فرص توظيفية متجددة سنويا ومتصاعدة في سوق العمل.

وفيما يخص السياسة الخارجية انتهج الزعيم شافيز سياسة مستقلة ومستوحاة من مصالح الدولة الفنزويلية وشعبها وتعد في هذا السياق مواقفه تجاه القضايا العربية إحدى النقاط المهمة في مسيرته النضالية الطويلة حيث عمل طوال فترة حكمه على تعزيز العلاقات مع الدول المقاومة للعدوان الإسرائيلي والمشاريع الأمريكية في المنطقة وعلى رأسها سورية كما وقف إلى جانب الشعب الفلسطيني في نضاله لاستعادة حقوقه المشروعة.

وتشكل العلاقة الاستراتيجية الوثيقة التي بناها وأرسى أسسها الزعيم الراحل شافيز مع سورية واحدة من النماذج المهمة المعبرة عن مواقفه الوطنية الحقيقية تجاه القضايا العربية حيث أسهمت الزيارات الثلاث التي قام بها الراحل شافيز إلى دمشق في ترسيخ العلاقات الاستراتيجية بين البلدين في حين عززت الاتفاقيات التي وقعت بين الجانبين الصلات والتعاون بينهما في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية.

كما شكلت مواقف الزعيم الراحل من المؤامرة التي تتعرض لها سورية منذ ثلاث سنوات دليلا واضحا على بعد النظر الذي امتلكه حيث عبر وبشكل قاطع عن رفضه لهذه المؤامرة مؤكدا وقوفه إلى جانب سورية قيادة وشعبا في مواجهتها ودعمه بكل الوسائل لصمود الشعب السوري في تصديه للمخططات التي تستهدف أمنه واستقراره ووحدته الوطنية.

وليس بعيدا عن سورية رسخ الزعيم الراحل علاقاته مع عدد من الدول العربية كما عزز علاقاته مع محيطه الاقليمي عبر بناء علاقات استراتيجية مع كل من كوبا وبوليفيا والاكوادور والبرازيل وغيرها من دول امريكا اللاتينية و بنى علاقات مع الكثير من دول العالم الرافضة للسياسات الأمريكية وعلى رأسها روسيا والصين وإيران وكوريا الديمقراطية وغيرها.

ويشير المراقبون إلى أن هذه السياسات والتوجهات جعلت من شافيز زعيما عالميا حاز احترام وتقدير شعوب العالم بأسره وفي مقابل ذلك حاز عداء الادارات الأمريكية المتلاحقة والذي بلغ ذروته بمحاولة انقلابية عسكرية مدعومة أمريكيا في عام 2002 واجهها وأفشلها الشعب والجيش الفنزويلي ليؤكد تمسكه بنهج الثورة البوليفارية الذي جسده شافيز وظل وفيا له حتى وفاته.

يذكر أن الرئيس شافيز تولى الحكم في فنزويلا عام 1999 وتوفي في الخامس من آذار عام 2013 بعد صراع مع مرض السرطان لعدة سنوات تلقى خلالها العلاج في كوبا وخلفه الرئيس مادورو بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية التي جرت في الرابع عشر من نيسان عام 2013.