مساحة حرة

اتفاق إدلب بين المماطلة التركية والإصرار السوري ؟

لم يكن النظام التركي في أي يوم جاداً في المشاركة الإيجابية في إنجاز حل سياسي للأزمة السورية التي كان في الأساس هو أحد أخطر أركان صناعتها، مستغلاً بذلك الواقع الطبيعي والديموغرافي الذي يجمع بين سورية وتركيا، وبعد سلسلة من الضغوط المركبة التي فُرضت على هذا النظام المتشبث بإيديولوجيتيه الدينية المتخلفة، تمكن من حجز مقعداً له على طاولة الدول الضامنة لمنصة أستانا باعتباره من بين جوقة الدول الراعية للإرهاب الوارد إلى سورية عبر الحدود التركية بكل أشكاله ومسمياته، لذلك ليس مستغرباً مماطلته بتنفيذ بنود اتفاق سوتشي الذي وقعه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أيلول الماضي، بحجة طلب مهل إضافية لاحتواء المجموعات الإرهابية التي يدعي أنها ستنفذ الاتفاق، لكنها تحتاج مزيداً من الوقت، في حين أنه هو من يلعب على عامل الزمن معتقداً بأن أمور جديدة ستظهر نتيجة إعادة ترتيب أوضاع التنظيمات الإرهابية من خلال تغيير في أسمائها أو قياداتها أو غير ذلك.

أكد وزير الخارجية الروسي “سيرغي لافروف” أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تُبدي الجاهزية المطلوبة للتعاون الشامل مع موسكو في إيجاد حل سياسي للقضية السورية، في الوقت الذي أثبتت فيه الوقائع على الأرض بأن من يُحارب الإرهاب بكل تنظيماته هي القوات المسلحة السورية وحلفائها، بينما تحتضن القوات الأمريكية المتواجدة على الأراضي السورية تنظيمات إرهابية بما فيها تنظيم ” داعش ” الإرهابي وهي بذلك تخالف قرارات الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن الدولي، وقد أكد السيد وليد المعلم وير الخارجية السوري في أكثر من مناسبة : بأن القيادة السورية تُفكر فيما بعد إدلب حيث ستكون وجهة الجيش السوري إلى شرقي الفرات، وأن الاستعدادات السورية مستمرة لمعركة تحرير إدلب وبقية المناطق التي لم تزل محتلة سواء من الإرهابيين أو من جيوش غازية دخلت الأراضي السورية بشكل غير شرعي في إشارة إلى القوات الأمريكية والتركية وغيرها، وأن أي منطقة لا تدخل في مشروع المصالحات والتسويات السلمية بشكل مباشر، سيتم تحريرها بالقوة العسكرية كائنا من كان خلفها، لذلك فإن مخاض إدلب المتعثر، سيتم إجراء عملية قيصرية له من قبل القوات السورية التي أعدت كل ما يلزم لإنجاح تلك العملية في حال وصل اتفاق سوتشي إلى الطريق المسدود، رغم المهل الزمنية التي منحت لرئيس النظام التركي من قبل الروس، باعتباره الراعي المباشر للإرهابيين، لم يتم تنفيذ أهم بند من اتفاق سوتشي ألا وهو سحب الأسلحة الثقيلة التي لم تسحب بالكامل من كثير من المناطق المتفق عليها ولم تزل بعض المناطق الآمنة تتلقى قذائف الغدر الإرهابية، وبالتالي لن يكون الصبر الروسي على أردوغان وعصاباته إلى ما لا نهاية.

وبعد أن بدأ مشهد التعافي يعود إلى أغلب المناطق السورية، وتحركت عجلة إعادة الإعمار متسارعة في أغلب المناطق السورية، وتم إصدار العفو الرئاسي عن الفارين والمتخلفين عن الخدمة العسكرية، باشر الكثير من المهجرين السوريين بالعودة إلى بلداتهم تحت ضمانات الدولة السورية التي قدمت كل متطلبات الحياة والآمان للعائدين، وبذلك تم سحب ورقة هامة من الأوراق التي كان يُتاجر بها رئيس النظام التركي في وجه القارة الأوروبية، حيث كان يُطلق التهديد تلو الآخر بفتح الطريق أمام المهاجرين إلى القارة العجوز التي لا تحتمل المزيد من الضغط السكاني والتنوع الإيديولوجي في ظل تنامي الإسلام السياسي المولد و الراعي للحركات الإرهابية، بل على العكس من ذلك بدأ السوريون المهاجرون بالتفكير جديا بالعودة إلى وطنهم وأرضهم وأرزاقهم بعد انتشار سلطة الدولة على الجغرافيا السورية ووضع الجيش العربي السوري يده على كل المناطق وضمن الأمن والأمان للمواطنين.

 

محمد عبد الكريم مصطفى

Email: mohamad.a.mustafa@Gmail.com