مساحة حرة

استمرارية الصراع على سورية.. ومعركة الفصل؟

واجهت سورية ولم تزل حرباً من أخطر الحروب التي عرفتها البشرية  وأكثرها شراسة وضراوة حيث دخلت عامها السادس دون أن تتمكن من تحقيق أهدافها البعيدة، وهي حرب معقدة ومركبة ومؤهلة لأن تكون ولّادة لحروب وصراعات إقليمية ودولية طويلة الأمد، حيث تنبثق من صلب تلك الحرب الظالمة التي فُرضت على الشعب السوري ودولته الشرعية، وهذا ما حذر منه السيد الرئيس بشار الأسد منذ بداية الأزمة السورية، وقد تصل شظاياها القاتلة إلى الجسد الأمريكي الذي خطط ودرب وزود بالسلاح والمال مباشرة أو عبر عملائه في المنطقة وأدواتهم المأجورة لتقوم بإشعال حرب استنزاف طويلة الأمد في منطقة الشرق الأوسط يكون مركز ثقلها الأساسي تدمير الدولة السورية والقضاء على مكوناتها المتنوعة الرسمية والشعبية وذلك من أجل تحقيق أطماع استراتيجية واسعة والوصول إلى أهداف استعمارية قديمة متجددة تحكم من خلالها الولايات المتحدة قبضتها على مقدرات المنطقة وتُسيطرعلى اقتصادها، وتُدمر مستقبلها بأيادي شعبها عبر القيام بتجييش طائفي ومذهبي يفتح الباب واسعاً أمام استمرار تلك الحرب وازدياد فروعها المحتملة حتى انهاك الجسد المقاوم في المنطقة والذي تقوده سورية بالتعاون مع المقاومة اللبنانية وتدعمه وترعاه إيران والأصدقاء في روسيا والصين وغيرهم.

اتخذ مؤخراً الصراع على سورية أبعادً جديدة تهدف إلى تقاسم السيطرة على الجغرافية السورية بين الولايات المتحدة وشركائها في الحلف الأطلسي وحلفائهم الإقليميين والتنظيمات التي يرعوها ويُدربوها وفي مقدتهم (جيش سورية الديمقراطي) وبعض التنظيمات الإرهابية من جهة وبين الجيش العربي السوري وحلفائه في المعركة من جهة أخرى، حيث يُركز الخصوم على توزيع الأدوار فيما بينهم، على أن تتركز جهود تركيا وأدواتها من جيش الفتح وجبهة النصرة في السيطرة على الريف الجنوبي لحلب وصولاً إلى شمال إدلب، وتتجه الحملة الأمريكية الغربية المشتركة باتجاه الريف الشمالي لحلب وصولاً إلى دير الزور عبر منبج مستخدمة ميليشيا “جيش سورية الديمقراطي” ذات الغالبية الكردية، من أجل الحصول على أكبر مساحة من الجغرافية السورية واستخدامها كورقة ضغط في المفاوضات السياسية المحتملة.

لكنه بالرغم من كل الوسائل القذرة التي استخدمتها الولايات المتحدة وحلفاؤها وعملاؤهم في المنطقة في تلك الحرب من تجويع وقتل وحصار جائر وتشريد مورس على الشعب السوري طيلة الخمس سنوات الماضية ولم يزل مستمراً، نؤكد بأنه لم ولن يُكتب النجاح للأهداف الأمريكية الخسيسة، حيث تشير المعطيات الميدانية إلى أن الجيش العربي السوري وحلفائه في المعركة يقفون على أهبة التجهيز والإستعداد لانطلاق معركة الفصل وتحديد لحظة النهاية التامة والقضاء على كل السيناريوهات المرسومة، وحسم معركة تحرير كامل التراب السوري من رجس الإرهاب والقضاء على  كل إرهابي داخل الأراضي السورية، وذلك بالتوازي مع السير الجاد في طريق الحل السياسي وتحقيق المصالحة الشاملة على مساحة الوطن السوري.

قد يكون ما تسرب عن احتكاك عسكري أمريكي – روسي جوي غير مباشر في الثامن عشر من الشهر الجاري للمرة الأولى في الأجواء السورية، والإصرار الروسي على دك معاقل الإرهابيين رغم إعتراض الطيران الأمريكي، هو رد فعل مباشر على تحذيرات وزير الخارجية الأمريكية “جون كيري” الذي نفد صبره، وعلى وثيقة موظفي وزارته الخمسون الداعية إلى ضرب مواقع الجيش العربي السوري ومراكز ومؤسسات الدولة السورية من قبل القوات الأمريكية في محاولة لإحياء المشروع الأمريكي الغربي لتقسيم سورية وفرض كنتونات ذات صفة مذهبية أو إثنية،  وما رافق ذلك من تصريحات لرئيس أركان القوات الروسية الجنرال “فاليري غيراسيموف” الذي قال: “إن موسكو ملتزمة باتفاقيات دعم وقف الأعمال القتالية، والمصالحة في سورية.. متابعاً نحن من نفد صبرنا حيال الوضع في سورية وليس الأمريكي..!

وإن قراءتنا الموضوعية لمجريات الأحداث وتجاذباتها المختلفة، ولتحركات وزير الدفاع الروسي “سيرجي شويغو” على الجبهات السورية وتفقد القوات وجاهزيتها ولقائه بالسيد الرئيس بشار الأسد، تأتي ضمن سياق تنفيذ ما اتفق عليه في طهران بين وزراء الدفاع الثلاثة الإيراني والروسي والسوري، وما تلاه من احداث كثيرة لا تُبشر بالتزام الولايات المتحدة بتعهداتها العديدة، ومحاولتها المستمرة في عرقلة أي حل سياسي في سورية، واستمرارها في سياسيتها المضللة حيال الأزمة السورية، ومن المؤكد أن الأيام القليلة القادمة ستتوافق مع الطقس الساخن جداً وتسفر عن معارك أكثر سخونة وحيوية، وسيكون النصر فيها حليف الجيش العربي السوري الذي يُدافع عن الأرض والعرض والوطن.

 

محمد عبد الكريم مصطفى