مساحة حرة

الإدارة الأمريكية ونظرية الإحتواء ؟

على الرغم من تأكيد القادة العسكريين السابقين والمحللين السياسيين الأمريكان على خطورة تنامي قوة ما يُسمى “بالدولة الإسلامية” على الأمن والسلم الدوليين بما فيها على الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا الذين يُعدان هدفاً استرتتيجياً مستقبلياً لتلك التنظيمات اللإرهابية التكفيرية، يرى رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الأمريكي الجنرال” مارتن ديمبسي” إن الدولة الإسلامية لا تُشكل أكثر من خطر إقليمي، وإنها لا تُشكل أي تهديد على الولايات المتحدة و أوروبا “، وهو يؤيد فكرة إحتواء ” الدولة الإسلامية ” لا القضاء عليها خلافاً لما نص عليه القرار الدولي /2170 / الصادر بتاريخ 15 آب الجاري، ومؤكداً بأن الولايات المتحدة لن تتحرك ضد تنظيم ” داعش ” إلا في حال شعورها بتهديد أمن أمريكا لا المواطنين السوريين !!

هذا يقودنا إلى صحة الفرضية التي أطلقناها ونحن نقتنع بها قناعة مطلقة ، والقائلة بأن تنظيم ” داعش ” الإرهابي وغيره من التنظيمات التكفيرية التي تُقاتل على الأراضي السورية هي صنيعة الاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية وعملائهما في المنطقة وهناك رغبة أمريكية وقحة بالمحافظة عليها وعدم مكافحتها، كما يؤكد ذلك اتهاماتنا المستمرة للإدارات الأمريكية باعتمادها سياسة الكيل بمكيالين متناقضين في الزمان والمكان، بما تقتضيه مصالحها الحيوية والاستراتيجية، وما يخدم سياساتها الاستعمارية في المنطقة والعالم، وهذا يُعيد إلى الأذهان الدور والآلية التي استخدمتها الإدارة الأمريكية السابقة في تدجين تنظيم القاعدة في أفغانستان على حساب أموال النفط السعودي والخليجي، حتى طالت نيرانه ذقنها ذاتها على مبدأ “طباخ السم”، وقد واستخدمتها جسراً لتمرير سياساتها الاستعمارية ضاربة بعرض الحائط القانون الدولي والمجتمع الدولي ومواثيق منظماته المهترئة كما حصل في حربها على العراق وأفغانستان.

 في والوقت الذي أبدت فيه الحكومة السورية مرونة عالية ، وفتحت الباب واسعاً امام أي تحالف دولي أو ثنائي لمحاربة الإرهاب في كل من العراق وسورية بآنٍ معاً تنفيذاً للقرار الدولي 2170 تُعيد الإدارة الأمريكية ممارسة نفس اللعبة وتصرح على لسان خارجيتها : “بأننا لسنا في خندق واحد مع دمشق في مواجهة داعش” ، في حين تؤكد دمشق موقفها الثابت بمنع تحليق الطائرات الأجنبية أو ضرب مواقع لداعش ضمن الأراضي السورية بدون تنسيق أمني وسياسي مسبق وعلني أمام الرأي العام الدولي مع الحكومة السورية، وهذا ما أكدته الخارجية الروسية على لسان وزيرها سيرغي لافروف : ” إن أي عمليات ضد الإرهابيين يجب أن تجري بموافقة الدول المعنية ومع احترام سيادتها وبمراعاة القانون الدولي مؤكدً ضرورة إنشاء جبهة دولية مشتركة لمكافحة الإرهاب، معرباً عن استمرار بلاده دعم دمشق وبغداد في مواجهتهما للإرهاب.. ويجب أن يوحدنا السعي إلى تحقيق الانتصار على الإرهاب الدولي وعدم السماح للإرهابيين بالاستيلاء على أراضٍ جديدة وبإقامة دولة إرهابية “، وطالب “لافروف” أن يتم لك من خلال التعاون مع الحكومتين الشرعيتين في سورية والعراق.

السؤال الذي يفرض ذاته هنا هو: هل ستلتزم الدول المشاركة والداعمة للإرهاب في سورية بموجبات القرار الدولي 2170 وتوقف إمدادها للإرهابيين وفي مقدمتهم دول جوار سورية التي تُقدم تسهيلات واضحة للعناصر الإرهابية وذلك باعتراف الإرهابيين أنفسهم على صفحات الإعلام المختلفة ؟

 يقول وزير الخارجية والمغتربين السوري وليد المعلم : ” أنا لم أرى أو ألمس التزاماً حقيقياً بتنفيذ هذا القرار وخاصة من دول الجوار السوري ” ، مستشهداً بما قرأه في صحيفة ” واشنطن بوست ” عن لقاء لأحد قادة ” داعش ” الي قال فيها إن تعاون “داعش ” مع تركيا تعاون وطيد وإنهم يفرشون لهم السجاد الأحمر ويقومون بمعالجة جرحاهم ، وتساءل الوزير السوري : هل هذا التزام بتنفيذ القرار ؟

  مؤكداً على وجود علاقة دعم مستمرة ومفضوحة تقوم بها مشيخة قطر تجاه تنظيم ” جبهة النصرة الإرهابي ” ، متناسين بأن اتساع رقعة الإرهاب ووازدياد قوته ستطال عروشهم الهشة عاجلاً أم آجلاً ، و مع التعنت الأمريكي لجهة عدم القيام بالتنسيق اللازم مع القيادة السورية ، نجد أن الإدارة الأمريكية عادت إلى دائرة المماحكة للالتفاف على القرار الدولي والتقليل من مفاعيله الواجبة ، في حين أن قيام تحالف دولي مع سورية والتنسيق معها بات ضرورة حتمية لمواجهة إرهاب التنظيمات التكفيرية التي أصبحت تُشكل هاجساً دولياً مشتركاً بين الغرب والشرق ، وإن الحاجة الدولية للقضاء على آفة الإرهاب الخطيرة فرضت نفسها لتكون عاملاً لا بد من قبوله من ألد الأصدقاء مع دمشق على مبدأ ” مكره أخاك لا بطل ”

 

محمد عبد الكريم مصطفى