مساحة حرة

البحار الخمسة.. تأسيس لنظام عالمي جديد

يبدو أن الوقائع السياسية المتلاحقة لدول المنظومة التي أعلن عنها الرئيس بشار الأسد في نهاية العقد الأول من القرن الحالي والمعّرفة بالبحار الخمسة، تؤكد ترابط مصير هذه الدول وضرورة تلاقيها لصد المخاطر والتحديات التي تواجهها..

فتشكيل المنظومة القائم على أسس علمية يتم طرحها لأول مرة بالعالم من خلال اعتبار الأرض التي تقع ضمن البحار الخمسة “الأحمر – المتوسط- الأسود – قزوين- العرب” متحد جغرافي، تتشارك في المصير الأمني والسياسي والاقتصادي ويجعل منها في عالم ما بعد القطب الواحد الذي كانت تمثله الولايات المتحدة الأمريكية، مجتمعة، قطباً كبيراً وازناً في السياسية الدولية، أي لا يوجد ما يسمى بدولة عظمى ودولة صغرى، فلكل دولة دور جيوسياسي ما، يجب أن تقوم به لمواجهة عدم انزلاق هذا المتحد نحو المخاطر.

ولعل ما يجري في سورية اليوم أكبر دليل على أن أغلب أعضاء المنظومة المفترضين قاموا بأدوار متنوعة للحفاظ على وحدة سورية من التشظي والانكسار أمام الهجمات التي استهدفتها عبر مشاريع معادية للجغرافية والعلم عبر ستار الإرهاب والحرب الطائفية والمذهبية، فالأمن والاستقرار في سورية هو استقرار لكل دول المتحد، والعكس صحيح.

وهذا ما حدث مع تركيا التي كانت ركن أساسي في المنظومة عند طرحها في2009 ثم غيرت انتمائها على وقع إغراءات قدمت لقادتها تحت عناوين السلطنة العثمانية وزعامة الإسلامية، فانخرطت في المشروع المضاد، قبل أن تضطر إلى تغيير سياساتها المعادية للمنظومة بعدما وجدت أن الاستمرار في تبني سياسية معاكسة لهذا المتحد الجغرافي سيجر عليها ويلات التقسيم والفوضى وربما الانهيار.

وبالتالي فإن مجمل هذه الوقائع السياسية الناتجة عن أحداث هذا المتحد الجغرافي الفريد في الطرح والمقاربة، ستؤدي إلى نشوء نظام عالمي جديد يكرس إعادة تموضع الدول على اختلاف أحجامها وفق نظريات تتوافق والرؤى العلمية، تأخذ بعين الاعتبار مصالح الإقليم وشعوبه على غرار منظمة الـ”البا” لدول أمريكيا الجنوبية.

أخيراً إن هذا المشروع في حال نجاحه سيمنح المنطقة قرارها الوطني المستقل ويجعل ثرواتها بين أيدي أبنائها حصراً فإن الممانعة الخارجية من دول معينة اعتادت على أن تكون المنطقة مصدرا للثروات والمواد الأولية الرخيصة ستكون كبيرة جداً وبالتالي ستخلق عراقيل متعددة في وجه هذا المشروع وستستمر في ذلك بالتعاون مع إسرائيل وبعض الأنظمة التابعة في المنطقة وهذا تحد كبير جداً لكن نتيجته ستحكم مستقبل المنطقة لقرن قادم على الأقل.

البعث ميديا || سنان حسن