مساحة حرة

التحالف الامريكي في دائرة الاتهام؟؟

من الثابت بأن الولايات المتحدة الامريكية لم تكن يوماً في وارد مكافحة الإرهاب بكل أشكاله وأنواعه، سيما وأنّ التنظيمات الإرهابية هي صناعة أمريكية بامتياز سواء خرجت من رحم مملكة الرمال الوهابية أو من تحت عباءة مشيخة قطر أو من قصور حريم السلطان الإخواني في تركيا، لكن المستثمر الأساسي لهذه التنظيمات هو الاستخبارات الأمريكية وأتباعها في المنطقة خدمةً للمشروع الاستعماري الأمريكي – الصهيوني واهدافه المباشرة والبعيدة في الهيمنة على المنطقة والعالم، في الوقت الذي تدّعي فيه الإدارة الأمريكية (سواء السابقة ام الحالية) بأن تحالفها المزعوم قد أُنشئ لمحاربة الإرهاب الدولي الذي بدأت نيرانه تلتهم أثواب رعاته الكبار انطلاقاً من فرنسا وصولاً إلى الولايات المتحدة ذاتها مروراً ببريطانيا رأس الاستعمار القديم وصانعة الفتنة المذهبية في العالم، وما هذا الإدعاء بأن التحالف الأمريكي الغربي يقوم بمحاربة الإرهاب في سورية إلا كذبة ممجوجة فضحتها الوقائع و الأحداث على الأرض التي أثبتت بأن هذا التحالف المشبوه ما هو إلا تواجد استعماري فعال للتغطية على التنظيمات الإرهابية وحمايتها بما في ذلك تنظيم “داعش” الإرهابي الذي تُظهر الإدارة الأمريكية عداوته نظرياً، بينما هي في الحقيقة ترعاه وتساعده، ويتجلى اثبات ما نرمي إليه بقيام الطائرات الأمريكية بقصف مواقع للجيش السوري (جبل الثردة في دير الزور) مما مكن عناصر داعش الإرهابية من السيطرة عليها، وكذلك قيام طائرات التحالف بالتغطية على قوافل ” داعش ” التي كانت هاربة من ضربات الجيش العراقي في الموصل ومحيطها والمتجهة إلى البوكمال ودير الزور السوريتين وتأمين طرق وكريدورات آمنة لهذه القوافل دون أن تتعرض لها طائرات التحالف، بل وتمنع طائرات الجيش العربي السوري من معارضتها والقضاء عليها وقد أسقطت إحدى الطائرات السورية التي كانت تقوم بمهمة ملاحقة الإرهابيين في الريف الشمالي الشرقي لمنطقة تدمر، مما يؤكد بأنه لم يزل ضمن الأجندة الأمريكية مهام مستقبلية لتنظيم ” داعش ” الإرهابي عليه القيام بها لصالح الخطط الأمريكية والأهداف العدوانية ضد سورية وجيشها وشعبها من خلال تعزيز التواجد الإرهابي في سورية، وعرقلة تقدم الجيش العربي السوري وحلفائه المتسارعة في تحرير مناطق كثيرة من سيطرة ” داعش “، حيث أصبحت سياسة الولايات المتحدة مفضوحة تجاه عدم التفريط بداعش كورقة ضاغطة إلى جانب بقية التنظيمات الإرهابية الأخرى التي تُطلق عليها صفة ” الإعتدال ” بما في ذلك جبهة النصرة الإرهابية التي باتت تسيطر على كامل محافظة إدلب الحدودية مع تركيا ومناطق أخرى ..

إن تعمد طائرات التحالف الأمريكي استهداف البنية التحتية للمناطق التي يُسيطر عليها داعش في محافظتي الرقة ودير الزور دون المساس بقدرات التنظيم الذاتية، هو دليل آخر على ضرب الاقتصاد السوري الذي تُشكل الجسور والطرقات والسدود قوامه الحيوي في تلك المناطق، بما لا يؤثر على قدرات داعش العسكرية والمالية كون التنظيم يعتمد أساساً على الدعم المالي والعسكري الذي يصله من الخارج عبر طرق مختلفة مختلفة جميعها بعلم وموافقة الإدارة الأمريكية  وهذا ينطبق كذلك على بقية التنظيمات التي تتلقى الدعم المباشر من شركاء أمريكا وأدواتها في التحالف المشؤوم، كما أن استهداف طائرات التحالف للمدنيين الأبرياء هو مؤشر على وحشية قوات التحالف وانسجام أعمالها الإجرامية مع ما تقوم به داعش واخواتها من الإرهابيين، بما يُخالف القانون الدولي والمواثيق العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن، وان الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي مطالبان اليوم قبل الغد بدراسة هذه الظاهرة غير الشرعية (التحالف الأمريكي) واتخاذ قرارات جدية في حل هذا التحالف وإلغائه واعتباره بمثابة عدوان غير مبرر على الأراضي السورية والشعب السوري الأعزل، وإن محاربة الإرهاب والقضاء عليه ضمن  الأراضي السورية يجب أن تتم بالتعاون والتنسيق مع الجيش العربي السوري والحكومة السورية الشرعية التي تُمثل الشعب السوري بكل أطيافه ومكوناته، وان أي إجراء خارج هذا الإطار القانوني يُعتبر لاغياً وغير شرعي ولا يهدف إلى محاربة الإرهاب ..

لقد أثبت الجيش العربي السوري جديةً عالية في محاربة الإرهاب وملاحقة فلوله في كافة الأراضي السوري واستطاع تحرير مناطق واسعة من رجس التنظيمات الإرهابية، كما فتحت القيادة السورية وحكومتها الشرعية في الوقت ذاته باب المصالحات الوطنية على مصراعيه أمام كل السوريين الذين غُرر بهم وضلوا الطريق وسمحت بتسوية أوضاعهم والعودة إلى حضن الوطن ضمن مشروع وطني واسع لوقف الحرب العبثية، وسمحت لمن يقوم بتسوية وضعه بأن يُشارك بفاعلية في الدفاع عن الوطن وفق الأصول القانونية، ويساهم في إعادة الإعمار التي ستتناول الحجر والبشر والتشريعات والقوانين في سورية المستقبل..

محمد عبد الكريم مصطفى