line1مساحة حرة

التصحيح فعل مستمر

د. خلف المفتاح عضو القيادة القطرية للحزب – البعث ميديا

لم تكن الحركة التصحيحية المباركة التي قادها القائد الخالد حافظ الأسد عام ١٩٧٠ فعلاً حزبياً داخلياً بقدر ما هي حركة نوعية وفعل سياسي استراتيجي على مستوى الوطن والأمة،أخرجت سورية والحزب من دائرة الصراعات الداخلية الى أفق الدور والفعل والتأثير العربي والاقليمي والدولي و وضعتها  على الخريطة الدولية لاعباً أساسياً فاعلاً إيجابياً  في أحداثها.

إن إحياء ذكرى التصحيح ليس طقساً احتفالياً بقدر ما هو تبصر وقراءة عميقة لما أنجز وتحقق، وسعي واستنهاض وعمل لما  هو مطلوب من مهام، ومواجهة تحديات  تفرضها طبيعة الظروف التي تمر بها سورية والمنطقة في ظل حرب شرسة وعدوان غير مسبوق تتعرض له سورية وشعبها وجيشها وفكرة العروبة الحضارية بشكل عام من قوى وتيارات ناصبت سورية والأمة العربية العداء على مدى عقود كثيرة.

لقد أثبتت الأحداث التي مرت بها سورية والمنطقة أن الحركة التصحيحية المباركة لم تكن حدثاً آنياً تمّ وانتهى بقدر ما هي فعل مستمر ومنظومة سياسية وأخلاقية ووطنية ارتبط بنهج وعمل وإنجاز أكثر من ارتباطه بأي شيء آخر بدليل أنها مع مرور الزمن اكتسبت دينامية وبعداً وقدرة على  التجدد في إنجازاتها ومفاهيمها ومفردات عملها.

وإذا أردنا استعراض ما تحقق على الصعيد السياسي جاز  لنا القول:  إن القائد الخالد حافظ الأسد  قام بما يمكن أن يسجل في دائرة الإنجازات الكبرى حيث استطاع وخلال زمن قياسي وضع سورية على خارطة الأحداث السياسية الكبرى ولم يرضَ لها أن تكون في دائرة الانفعال ، وإنما الفعل، وهذا ما يدركه كل من عايش تاريخ سورية المعاصر .

لقد مرت المنطقة العربية في بداية السبعينيات بأخطر مراحلها التاريخية حيث سددت أقوى الضربات للمقاومة الفلسطينية ،وكذلك التيار القومي العربي، وتمثل ذلك  بإخراج مصر من دائرة التأثير العربي بعد انجراف قيادتها مع المعسكر الأمريكي الصهيوني . وما جرى للمقاومة الفلسطينية على أيدي النظام الأردني في أيلول عام سبعين وتسعمئة وألف، فكان التحدي الأبرز أمام القائد الخالد حافظ الأسد هو الحفاظ على الحد الأدنى من التماسك العربي الذي أريد ضربه في الصميم بعد توقيع المعاهدة المصرية الإسرائيلية، ثم جاءت الحرب الأهلية اللبنانية مستهدفة  تقسيم لبنان  على أساس طائفي،  فكان التصدي لذلك واجباً وطنياً وقومياً وضرورةً تاريخيةً تصدى لها  جيشنا الباسل والقائد الخالد حافظ الأسد.

أما على الصعيد الاستراتيجي الدولي فكان لسورية الموقع والموقف الذي يليق بتاريخها وحضارتها وكرامتها ورسالتها الإنسانية  وهو ماجسدته قيادتها التاريخية بكل أمانة وصدق وشعور بالمسؤولية الوطنية والقومية ،فكانت السمة الأساسية لها  هي  الحفاظ على السيادة والقرار الوطني المستقل، وعدم الدوران في فلك أي قطب دولي، انطلاقاً من مفهوم الاستقلال الناجز والسيادة الكاملة ما أكسب سورية احترام الأصدقاء ومهابة الأعداء.

إن ذلك النهج عبر تلك المنظومة المتماسكة  هو الذي استمر وتنامى وبخط تصاعدي وفضاء إقليمي ودولي في ظل قيادة السيد الرئيس بشار الأسد الأمين القطري لحزب البعث العربي الاشتراكي رئيس الجمهورية العربية السورية  وعلى كل المستويات السياسية والحزبية والاقتصادية  والاجتماعية ،وفي المسار الديمقراطي المنفتح استجابة لمنطق التطور والتجديد الذي هو أهم ضرورات وحقائق الحياة ما يعني  توفر ونضوج   البيئة الموضوعية لاستمراره نهجاً يقوم على قاعدة الإنجاز المرتبط بطبيعة وضرورات المرحلة، دونما تخل عن الثوابت الوطنية والقومية التي هي في جوهر مبادئ الحزب وأدبياته، وإنما مقاربتها بصيغ ونهج متجدد .

إن ما تواجهه سورية من عدوان ظلامي حاقد على شعبها وأرضها ورسالتها الحضارية  من قوى يفترض ألا يكون بينها أية قواسم  مشتركة من حيث جذرها الحضاري  والفكري، وما تصدره من عناوين يؤكد حقيقة أن تلك القوى متفقة  على الهدف وهو  قتل ووأد الفكرة الحضارية السورية ورسالة العروبة التي قيض لبلاد الشام وأهلها حملها على مر التاريخ   وهو ما استلزم  وقفة تصد لها  وهزيمتها من شعبنا وجيشنا الباسل وقيادتنا السياسية ممثلة بسيادة الرئيس بشار الأسد  وهو ما تحقق فعلاً ولكن المطلوب  أيضاً هو وقفة حقيقية من كل القوى الحية  والمقاومة على الساحتين  العربية والإقليمية، لأنها هي الهدف النهائي لذلك المشروع الاستعماري الكولونيالي الجديد .

إن إحياء ذكرى التصحيح هي مناسبة وطنية وقومية نستلهم من معانيها ونهجها  جيشاً وشعباً وقيادة كل أسباب القوة المعنوية والمادية لنستمر بإلحاق الهزائم وفي  أكثر من ساحة وميدان بذلك المشروع الظلامي الاستعماري وأدواته المجرمة . ونحن على ثقة تامة بأن النصر لن يكون إلا للشعوب الحرة المدافعة عن أرضها وكرامة شعبها وحريته واستقلاله .