محليات

التعميم… وجماعة “تكاسي” الأجرة!

التعميم في منطقه، بعيد عن العقلية العلمية وقواعدها، وبما أن العلم يرفض التعميم، فهذا يعني أنه من الطبيعي أن يسري هذا الرفض حتى على الحالات العادية بين الناس العاديين، البعيدين في طبيعتهم ونتاجهم عن الحالات العلمية ولو بشكل غير مقصود، كأن يقوموا بها بشكل طبيعي، وهم يجهلون أن ثمة قوانين علمية، هي من جعلت العملية ممكنة، فالإنسان مثلا قام بتعويم القوارب قبل أن يعرف بقانون “ارخميدس” الذي يفسر سبب عوم القوارب، -لا الصلوات التي كانوا يرددونها قبل كل رحلة على متن القارب- والمثل المضروب سابقا، لا يذهب مباشرة نحو توسع أكثر في شرح عدم شرعية التعميم، لكنه يخبر في طبيعته، عن الكيفية التي يتصل بها الناس البعيدون في حياتهم اليومية، مع القواعد والقوانين العلمية، التي ترفض في منطقها، منطق التعميم.

حتى أن من الأمثال الشعبية العديد منها التي ذهبت لتأكيد على عدم شرعية التعميم مثل “مو كل أصابعك متل بعض”، وفي الكتاب المقدس أيضا “هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون”.

كل هذا لحد الآن جميل ومنطقي وبعيد عن التعميم إلا أن الكلام في “التعميم” عن شريحة سائقي سيارات الأجرة، يخالف كل تلك القواعد والقوانين المنطقية والعلمية والشعبية التي ترفضه، والتي وصل بها الحال، أنها صارت تخشى من أن تركب تكسي إن كانت مضطرة؟ فالسائقون لا يعترفون بالعداد ولا يعنيهم، ويبقونه شغالا في حال أوقفهم شرطي السير فالجماعة نظاميين وهذا العداد يعمل! -إنهم محتالون أيضا-، ولا يقلون راكبا إلا بعد أن يضعون السعر الذي يناسبهم والذي يفوق التسعيرة على العداد بعشر مرات أحيانا، وما فات علينا الزمن لكي ننسى ما فعله أحد أولئك السائقين بأحد الإعلاميين الزملاء، عندا قام السائق بضربه حتى اضطر لدخول المشفى، لأنه لم يعطه ما طلبه من اجرة لا تتناسب أبدا والمكان الذي ذهب إليه.

الشرطة تعرف بالموضوع ولكنها كما يقال “تاركة الحبل على غاربه” فليصطفل الزبون والسائق، لا علاقة لنا نحن، ولا أدري ما هو الشيء الغير ممكن، في ضبط هذه الحالة على الأقل!؟.

الأخوة السائقون ينظرون إلى الناس كفئات ورقية، هذا من فئة المئة وتلك من فئة الألف وهكذا، أما القانون الذي يحكم بينهم أي بين السائق والراكب فهو مشلول والشرطي يا غافل لك الله! لماذا بالله عليكم؟ هل ينقص السوريين عراكا فيما بينهم أيضا لأن سائقا بلا ضمير أراد أن يسرق أحدهم على عينك يا تاجر، عندما طلب من الراكب أجرة ليقله من ساحة الأمويين حتى دار البعث “1000” ليرة سورية، بينما عداده لم يتجاوز المئة والخمسون ليرة سورية.

لماذا صعب إلى هذا الحد ضبط من هو متلاعب بقوت الناس ومعاقبته وجعله تحت سلطة القانون؟ السوريون يعلمون تمام العلم أن هذه الشريحة من الناس، وبحسب نتاجها المادي، -مع كامل احترامنا لكل عمل شريف ولكل شخص صاحب ضمير أين كان موقعه-، المتمثل في تقديمها خدمة التوصيل المأجورة لمختلف أنواع الناس وأصنافهم، “بجيدهم وقبيحهم، بالنبيل منهم والخسيس وهكذا دواليك من اصناف الناس، هذه الشريحة وقع عليها مفعول القاعدة الماركسية الذهبية التي تقول أن الإنتاج يحدد الوعي” ومع هذا الوعي الذي لا ينظر إلى الناس إلا كعملات ورقية من فئة ال 500 وبالطالع لأقل طلب، فيجب أن يكون القانون هو سيد الموقف، هو الفيصل الذي لا يرد، لا “البوكس” وحلفان أغلظ الايمان!.

تمّام علي بركات