line1مساحة حرة

“الحسكة” وإجهاض المشروع الأمريكي

 

وقعت عصابة الأسايش أسيرة في المشروع الفتنوي الخطير والكبير الذي تقوده الإدارة الأمريكية لفتح جبهات صراع إضافية.

وعلى الرغم من أن «الأسايش» لغوياً ومعجمياً  تعني «الاستقرار والارتياح» فإن هذه العصابة عملت عن سابق إصرار وتخطيط على ضرب الاستقرار والعيش المشترك، فلم تعد تمثّل أي مكوّن وطني سوري يهمه مصلحة الشعب والوطن، بل هي تعمل على إضعاف وتفتيت الطيف الوطني العربي والكردي، السوري والعراقي.

واليوم يأتي الاتفاق الموقّع لوقف إطلاق النار في الحسكة في سياق إطفاء فتيل الأزمة، وإظهار حسن النوايا، ودعم المسار السياسي لحل الأزمة، وسحب الذرائع من اليد الأمريكية الخبيثة.

فقد كشفت الأحداث التي تعيشها محافظة الحسكة منذ أسبوع الدور الأمريكي المستمر والمباشر في الحرب على سورية والمؤامرة على شعبها ودولتها الوطنية بثوابتها ومبادئها ودورها الوطني والقومي الراسخ الذي تؤكد الأحداث نفسها أنه دور لن يتزعزع لأن عودة الوعي قريبة إلى من غرر به من أبناء شعبنا بمختلف أطيافه.

فما عجزت عنه النصرة وداعش وبقيّة الأذرع الإرهابية لن يفلح أي تنظيم آخر في تحقيقه، وبالتالي صار واضحاً أنه لا يمكن الرهان على أي خطة أمريكية لدعم المسار السياسي لحل أي أزمة في المنطقة، أو لتعزيز الاستقرار والسلام الإقليمي والدولي. فكيف في سورية التي لطالما تصدّت لكثير من المشاريع الأمريكية وأفشلتها في تاريخنا المعاصر.

اليوم يأتي الدعم الأمريكي لتنظيم الأسايش متزامناً مع الجهود الأمريكية الحثيثة المبذولة لخلق ألوان وأشكال غير موجودة حقيقة من «المعارضة المعتدلة»، وأيضاً مع الجهود نفسها لتلميع وجه جبهة النصرة القبيح بإعطائها الفرصة تلو الأخرى لتجديد نهجها الإجرامي الوحشي.

فما تقوم به الإدارة الأمريكية في دعم الأذرع الإرهابية من داعش والنصرة والأسايش وغيرها يؤكد أن هذه الإدارة كالأخطبوط كلما بَترتَ ذراعاً منه تحركت الأذرع الأخرى، وهذا مابدا واضحاً في أحداث الحسكة مؤخراً حيث يخوض الأسايش حرباً إجرامية إرهابية بالوكالة عن أعداء سورية ولا يختلفون في ذلك عما يحلم به غيرهم من العصابات الإرهابية الأخرى.

إن جماهير شعبنا في الحسكة، وفي غيرها من المحافظات السورية، عرباً وكرداً وأرمن وسريان وآشوريين.. إلخ، يعرفون أبعاد هذا المخطط وأدواته، ويقفون خلف دولتهم الوطنية بمؤسساتها الراسخة: الشعب والجيش والقيادة السياسية لإجهاض المشروع المعادي لوحدة سورية وسيادتها أرضاً وشعباً ودولة وطنية عروبية عريقة كانت وستبقى.

وفي هذا السياق أتى اتفاق وقف إطلاق النار في الحسكة لإفشال المشروع الهادف إلى إشاعة حالة من الفوضى والابتزاز والإجرام في المدينة. والرامي إلى امتصاص الضربات الناجحة والمؤلمة التي توجهها قواتنا المسلحة ومجموعات الدفاع الوطني للمجموعات الإرهابية الأخرى في مختلف أرجاء سورية. وإلى إشغال الجيش العربي السوري وإرباكه بتعدد الجبهات، وبتعدد أطراف العدوان والمؤامرة على الشعب ومؤسسات الدولة. لأن المشروع الأمريكي يراهن على خلق عدة جبهات. وعدة مجاميع إرهابية، وعدة مكوّنات مغرر بها لتدخل  أتون الحرب فوجاً وراء فوج.

فهذا الاتفاق هو فرصة تمنحها الحكومة السورية لاختبار مصداقية بعض الأطراف في العمل على حقن دماء الشعب السوري، فإذا ما عادت الأسايش إلى أعمالها الإجرامية فسيكون شعبنا وجيشنا بالمرصاد، ولن يكون حظ هؤلاء بأفضل من حظ بقيّة المجرمين والإرهابيين الذين يخوضون حرباً بالوكالة وبالأصالة عن أعداء الشعب والوطن والأمة.

وأي خرق للاتفاق ستواجهه الدولة، ومن خلفها القطاعات الأوسع من الشعب، انطلاقاً من مسؤوليتها الوطنية، فجيشنا لايزال موجوداً وقادراً بعديده وعتاده بمختلف صنوف أسلحته على الاحتفاظ بزمام المبادرة وعلى الوصول إلى أي بقعة في أرض الوطن برّاً وجوّاً.

وإذا كان الدافع الأساسي للاتفاق هو الحرص على شعبنا وجيشنا ومؤسسات الدولة، فإن التعرّض لما نحرص عليه سيستدعي الرد المناسب وفي الزمان المناسب.

د. عبد اللطيف عمران