line1مساحة حرة

الدور الروسي: المشروعيّة والمبدئيّة

تبذل القيادة الروسيّة جهوداً فاعلة ومقنعة لتأكيد مشروعيّة حضورها الفاعل في مكافحة الإرهاب في المنطقة والعالم، وفي سوريّة تحديداً، وهي مشروعيّة ليست بحاجة إلى جهود للإقناع لاعتبارات عديدة منها اقترانها: بالمبدئيّة – وبعدم الازدواجيّة – وبالقوّة الفاعلة والكافية “الانطلاق من قرارات الشرعيّة الدوليّة والمجتمع الدولي خاصة قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بمكافحة الإرهاب: 2170-2178-2199″, لاسيما أن الفقرة الثالثة من القرار 2178 لاتحصر الإرهاب بداعش، بل بالنصرة وبالجماعات الأخرى المرتبطة بالقاعدة. بينما يجتهد الغرب لخلق واستقطاب “إرهاب معتدل”.
< من حيث المشروعيّة فقد ثبت وبعد مرور عام على القرارات المذكورة أنَّ الإرهاب في المنطقة كفعل إجرامي، وكمساحة جغرافيّة، وكأعداد بشريّة لم يتناقص ولم يتقلص، بل لا يزال يتمدّد وينتشر ويتشظّى أفقياً وعمودياً دماراً للحضارة والروح والفكر والمجتمع والاقتصاد، وكأنَّ تلك القرارات أتت بنتيجة عكسيّة واقعياً قصداً، وهذا ليس بمحض المصادفة، وليس عن جهل، بل اقترن ذلك وبعد صدور القرارات المذكورة باجتهاد الغرب والرجعيّة العربيّة والتركيّة للتنصّل من تبعات التدخّل في الشؤون الداخليّة للمجتمعات وللدول العربيّة بإشعال نار الفتن والحروب الأهليّة حتى تأكّد لهؤلاء الذين أشعلوا النار ولاسيَّما في سوريّة أنَّهم ليسوا قادرين على إطفائها، بل إنَّ ألسنة اللهب تتطاير إلى عواصمهم.
كما أنَّ الدور الروسي بحضوره السياسي والعسكري يأتي في سياق مسبق للأزمة، وهو مقترن بالسيادة الوطنيّة، وبقرارات الأمم المتحدة، وبعلاقات واتفاقات سابقة، ومنطلقٌ من وضوح المنعكسات السلبيّة للتدخلات الاستعمارية الامبريالية في قضايا الشعوب والدول على الاستقرار والسلم والتقدّم والأمن الدولي.
ولا يغفل الروس وغيرهم في هذا السياق أنَّ الغرب والسعودية وتركيا شجَّعوا واستقدموا المجموعاتِ الإرهابية من أربع جهات الأرض، ولاسيَّما حين ساعدت المخابرات التركية الإرهابيين الشيشانيين والقوقازيين للدخول إلى سورية، ونقلت أيضاً مئات الإرهابيين الأيغور من جماعة الحزب التركستاني الإسلامي إلى سورية نكاية بالفيتو التاريخي المزدوج الروسي الصيني.
وفي هذا السياق أيضاً فقد تأكّد فشل الطرف الأمريكي ومعه السعودي والتركي المسؤولين على تسعير الأزمات في المنطقة، في إمكانيّة صياغة تسوية تلبي طموحاتهم السياسيّة العابثة في سوريّة وغيرها. ما يرسّخ طابع المشروعيّة على الدور الروسي.
< ومن حيث المبدئيَّة فقد صبر الروس طويلاً وهم ينظرون إلى أخطاء وأخطار التحالف الصهيو-أطلسي الرجعي العربي في المنطقة والعالم، خاصةً بعد صدور قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بمكافحة الإرهاب، فتأكّد لهم عدم الجدّية، واستهداف سورية تحديداً الدولة الوطنيّة والجيش العقائدي والدور المبدئي، لاسيَّما جرّاء الازدواجيّة في قصف التحالف للإرهابيين في العراق وعدم قصفهم في سورية على الرغم من تحديد مواقعهم بدقة.
كما أنَّ للسوفييت وللروس تحديداً دوراً تاريخيَّاً مشهوداً في الانتصار لقضايا الشعوب وحقوقها ونضالها في وجه أطماع قوى الاستعمار والامبرياليّة والهيمنة وذيولها الرجعيّة المتآمرة تاريخيَّاً على حركات التحرّر، وعلى أهداف منظمات الصداقة والسلم والتضامن بين الشعوب، بالتالي مناهضة نفاق الغرب وازدواجية معاييره المستمرة والمؤذية.
والحرص على نجاح الحل هو الذي دفع الروس إلى استمرار التوجّه نحو الغرب بخطاب: شركاؤنا – أصدقاؤنا… ما دفع كيري بالمقابل بداية إلى القول: إنَّنا سنرحّب بأي جهد روسي بنّاء ضد داعش.وهنا تحركت الرجعيَّة العربيّة والتركيّة للضغط والتنديد بإدارة أوباما، وشنَّت وسائلها الإعلامية والدبلوماسية هجوماً عليها متعدِّد الأساليب.
وبالموضوعية المعهودة أوضح الروس للعالم، ومن أرض الواقع والحقيقة أنَّ منطلق محاربة الإرهاب هو دعم الجيش العربي السوري القوَّة الأكثر فاعلية على الأرض، والاعتراف بأنَّ من يعزز هذا هو الإسهام الفاعل للرئيس الأسد تحديداً. فأكد لافروف أنَّ: «الجميع يعترف بأنَّ الخطر الحقيقي هو الإرهاب وليس الحكومة السورية، وبعضهم يهمس بهذا ولا يستطيع الإفصاح لاقتران ذلك بخوف الغرب على ماء وجهه».
هذه المبدئيَّة هي التي أوصلت بوغدانوف في حديثه مع المسؤولين المصريين عن استراتيجية العلاقة بين مصر وروسيا، إلى التأكيد على ضرورة تعزيز العلاقات بين مصر وسورية، مضيفاً بابتسام: «إنكم قد تحتاجون يوماً إلى العودة إلى زمن الوحدة مع سورية». وهذا حلم وطني وعروبي، وضرورة تستدعيها التحديات الراهنة.
وهذا حقيقة… فستنتصر المبدئيَّة والمشروعيَّة والشرعيّة لا شك قريباً. وسيكون للأسد القائد بشجاعة وحكمة الدور التاريخي في هذا الانتصار.
د. عبد اللطيف عمران