مساحة حرة

الدولة الإسلامية .. والمهام الشيطانية؟؟

   محمد عبد الكريم مصطفى

منذ نشأتها والولايات المتحدة الأمريكية تمارس سياسة المعايير المزدوجة تجاه كافة القضايا الدولية وتعتمد فقط المعيار الذي يخدم مصالحها ومصالح الكيان الصهيوني الابن غير الشرعي الذي تبنته بالوكالة عن المملكة العظمى التي عمت شرورها الكرة الأرضية ولم تزل آثارها قائمة إلى يومنا هذا، وعندما كنّا نشير إلى تلك السياسة الظالمة غير العادلة، كان البعض ممن استطاعوا تغطية الشمس بغربال  يتهمونا بأننا أصحاب الذهنية الآثمة الغائرة في غياهب المؤامرة الوهمية، وعندما يتم اكتشاف الحقيقة ومطابقتها مع ما نقول يظهر علينا فطاحل التبييض والتحوير ويقومون بتلبيس سلة الخطايا كاملة برقبة فرد أو أفراد محددين لدحض فكرة التخطيط الصهيو– أمريكي المؤسساتي الممنهج ضد مجتمعاتنا ودولنا التي تنسى آلامها بسرعة مذهلة وبمجرد الطبطبة على ظهرها!!

تحذيرات القيادة السورية من الإرهاب العابر للحدود وانتشاره وتداعياته على دول المنطقة والعالم ليست جديدة وهي من عمر المخطط الجهنمي الذي وضعه جهابذة السياسة الأمريكية في النصف الثاني من القرن الماضي لمواجهة المد الشيوعي الجارف ، وكانت التجربة الأهم في أفغانستان عندما اعتمدت الإدارة الأمريكية آنذاك العصابات الإرهابية الجهادية “تنظيم القاعدة” لمواجهة الاتحاد السوفيتي السابق بالوكالة وبتغطية مالية وبشرية مباشرة من نظام آل سعود العميل.

  اليوم ومع تخطي عصابة ما سمي بالدولة الإسلامية “داعش” سابقاً لحاجز المهام الشيطانية الموكلة لها، فاجأتنا الأوساط السياسية الغربية (بريطانيا وأمريكا واستراليا) بنقل قضية من تسميهم”الجهاديين الأجانب” الذين يُقاتلون في العراق وسورية ودول أخرى إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن حيث صدر القرار الدولي رقم /2170/ تحت الفصل السابع بكل ما جاء فيه من بنود ظاهرها رحماني وباطنها مجهول، لأنه ليس لدينا أية ثقة بأمريكا والغرب الذين يُظهرون غير ما يُبطنون، سيما وأن هناك أهداف معلنة تتعلق بتقسيم المنطقة بطريقة جديدة، وعلى الرغم من أن القرار الدولي حمل في طياته تحميل المسؤولية القانونية والأخلاقية للدول والجهات الداعمة والراعية للتنظيمات الإرهابية (داعش – وجبهة النصرة)، نجد أن الأمريكان وحلفائهم يضمرون الشر بعينه لدول المنطقة ومجتمعاتها إضافة إلى مساعيهم الحثيثة من أجل ضمان عدم عودة الإرهابيين إلى البلدان التي يحملون جنسيتها، حيث قال وزير خارجية أمريكا  جون كيري  على أثر محادثاته الأمنية في سيدني مع وزيرة خارجية استراليا: “تقع على عاتقنا مسؤولية رفع الأمر للأمم المتحدة والعالم كي تتخذ جميع الدول المعنية إجراءات استباقية تحول دون عودة هؤلاء المقاتلين وما يجلبونه من فوضى ودمار”، بدورها وزيرة الخارجية الاسترالية ” جولي بيشوب” قالت: “إن قضية  الجهاديين الأجانب  تُمثل حقاً أحد أخطر التهديدات التي عرفناها منذ وقت طويل”. مؤكدة خشيتها من “عودتهم إلى استراليا كإرهابيين محليين أكثر تشدداً ويواصلون أنشطتهم هنا”  .

هذه الدعوة الخبيثة المبطنة يُمكن قراءتها كرسالة واضحة المعالم يستطيع من خلالها الشارع العربي الذي شكل قسم واسع منه حاضنة غبية لـ “داعش” فيما لو تلقف هذه الرسالة في الوقت المناسب، أن يأخذ على عاتقه التبرؤ من تلك “الدولة الإسلامية ” الشكل والصهيونية الفكرة والأمريكية النشأة والأهداف، وفق تسريبات أمريكية كشريط الفيديو الذي ظهر فيه “جيمس دولسي” رئيس وكالة الاستخبارات الأمريكية في عام ( 2006) والذي جاء فيه: “سنصنع لهم إسلاماً يُناسبنا ….” ، وما سربه “إدوار سنودن” في وثائق “ويكيليكس” التي أكد فيها إن إنشاء “داعش” جاء نتاج تعاون استخباراتي إسرائيلي بريطاني أمريكي مشترك، وما جاء في كتاب وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة “هيلاري كلينتون” التي قالت فيه: “إن واشنطن كانت على وشك الاعتراف بدولة الخلافة الإسلامية إلا أن المجريات المصرية قلبت الطاولة على الأمريكيين في المنطقة…”.

في النتيجة إن على دول العالم وخاصة الدول الغربية التي شاركت في إنشاء ودعم هذا البعبع “داعش” الذي نما سريعاً وشكل حالة قلق مستمر لديها، أن تعترف بدور الدولة السورية وحكومتها الوطنية في محاربة الإرهاب على أراضيها والسعي الجاد لخلق تعاون دولي جدي لتنفيذ القرار الدولي بعيداً عن اللعب على المصطلحات وتغيير الاتجاه الذي وجد لأجله القرار، وخلق جو من التعاون الفعال  مع الحكومة السورية على المستوى السياسي والقانوني والعسكري لمحاصرة تلك الظاهرة الخطيرة التي تُهدد سلامة واستقرار العالم بأسره، والخروج بتوجه دولي مشترك لحل النزاعات الإقليمية والمحلية بالطرق السياسية السلمية بعيداً عن الخطط الخبيثة المخربة ، من خلال وضع آليات دقيقة لمواجهة الإرهاب  قبل أن يقع الفأس على الرأس ..عندها لا يعد للحكمة السياسية دور يُرتجى …

 البعث ميديا