اخترنا لك

الزهراء الحمصيّة… هل من مخلّص!

لافرق بين عيدٍ وآخر في حمص ، إلّا في أعداد الشّهداء، أرقامٌ في سجلّات الدّولة السّوريّة ، تُرثى لساعاتٍ في قنوات الإعلام الرّسمي، لتعود الحياة إلى ما كانت عليه قبل الفراغ من لملمة أشلاء الأبرياء.

حي الزّهراء الحمصي يحمل في كلّ مناسبة دينيّة ،أو اجتماعيّة صرّة الفاجعة الأثقل.

شهداء بالجملة جرّاء التّفجيرات الإرهابيّة والعبوّات الناسفة ، وأحزمة الإرهابيين المفخخة ، التي تحصد أرواح المواطنين، فتسجّيهم على أرصفة الذاكرة، شهداء، ومصابي حرب.

آخر التفجيرات في هذا الحي كان قبيل رأس السنة الميلاديّة، عبر انتحارييّن، وسيّارتين مفخختين .

35 شهيداً ، و 100 إصابة حتى السّاعة، بحسب مصادر خاصّة لموقع “بتوقيت دمشق”، من داخل مركز الباسل الصحّي، الذي تحوّل إلى مستشفى بسبب الحرب الأخيرة .

لايحوي المركز المعدّات المطلوبة للعمليّات الجراحيّة ، ولا حتى للإسعاف، بيّد أنّ الواقع الصحّي المتردّي في المحافظة، وقلّة عدد المستشفيات، حدا بالقائمين على المحافظة، إلى تحويل مركز الباسل الصحي – وهو مستوصف – في حي الزّهراء، ومركز العيادات الشّاملة ،في حي كرم اللّوز ، إلى مستشفيات .

الزّعيم والأهلي مستشفيان خاصّان في المحافظة، الأوّل في حي عكرمة، والثّاني في حي الزّهراء، يستقبلان المصابين والجرحى في التفجيرات، ليكون الإسعاف في اليوم الأوّل مجاني، وفيما تلاه من مراجعات ومعالجة ، يتكفّل المصاب المنكوب بسداد ثمنه.

المشهد ذاته في كلّ التفجيرات، تيّارات من الهلع البشري ، أمّهات حافيات خرجن بحثاً عن أولادهنّ ، فمن وجدت ضالّتها شهيداً وصل عويلها حدّ السماء ، ومن لم تجد، هرعت إلى المراكز الصحيّة المجاورة علّها تجد من تبحث عنهم.

يحفر الرّعب أخاديده عميقاً في وجوه أطفال الحيّ قبل التّفجيرات وبعدها، فكلّهم يعلم أن الحيّ سيُستهدف في أي لحظة.

لا يجد حمزة ذو السبع سنوات ،ما يحدّث به سوى أنواع الصّواريخ والقذائف، والأسلحة الحربيّة الثّقيلة، والخفيفة، يتجوّل في الشّارع المجاور لبيته الذي لطالما استُهدف بالقذائف والتفجيرات، حاملاً ” مسدسه” البلاستيكي، متأملا جدران الأبنية المثقوبة برصاصات القنّاصين.

يروي حمزة مغامرته ووالدته، في السّيّارة التي أقلّتهم أيام حصار الحيّ عبر أحياء المسلّحين قائلا : “مررنا بحي عشيرة، كان مليئاً بالمسلحين شعرت والدتي بالرّعب وأنا كذلك خشيت أن نُختطف ونُقطّع، كما حدث مع جارنا، ولكننا وصلنا أخيراً بسلام إلى حي النزهة.”

لا يجد المرء، من يبتسم في الحي، إلا الشّهداء في صورهم التّذكارية، التي تضئ الشوارع. ففي السّاحة الرئيسيّة ملصقات لشهداء، وعلى شرفات المنازل صور لشهداء، وعلى أعمدة خشبية صور لشهداء، ارتقوا في معارك ضد الإرهابيين، أو في تفجيرات نفذّها الإرهابيون في الحي.

“عوائل شهداء تعزّي عوائل شهداء” الأسود هو اللّون الرسمي لنسوة هذا الحي الفقير. تنتقل أسراب المعزّين من خيمة عزاء إلى أخرى، لصور الأطفال فيها الحصّة الأكبر.

عانى الحيّ الحمصي الفقير والذي يضمّ “العباسيّة ، والأرمن، والمهاجرين ” من الحصار لسنوات . عشيرة ، النّازحين ، جبّ الجندلي ، البيّاضة ، باب الدّريب، باب تدمر ، دير بعلبة ..مجموعة من الأحياء التي كانت مكتظّة بالمسلّحين ، شكّلت طوقاً حاصر الحيّ البائس، فقدّم آلاف الشهداء عبر سنيّ الأزمة.

يتّهم أبناء الأحياء الحمصيّة ،المسؤولين الأمنيين  في المحافظة ، بالتّقصير، فالخروقات الأمنيّة  تكلّف الجسد الحمصي مزيداً من الأشلاء ، ليتساءل المواطنون:” كيف تمرّ السيّارات المفخّخة، عبر الحواجز المُقامة على مداخل الأحياء الحمصيّة، ولماذا لا تُحاسِب الدّولة من يَثبُت تقصيره في حفظ الأحياء من الانتحاريين، والسيّارات المفخّخة.” أسئلة برسم محافظة حمص والحكومة السوريّة.

 

عن موقع “بتوقيت دمشق”