مساحة حرة

السيسي .. مكرهٌ أخاك أم بطل ..!؟

قتل مصريين في ليبيا ..!! ” ذبحا .. يا للهول !!. هكذا جُلبت مصر الى التحالف ضد ” داعش” ..!! وهكذا جُلبت أغلب الدول المشاركة فيه ..!! قتلٌ وذبحٌ و قطعٌ للرؤوس. سيناريو مؤلم وأحداثٌ فظيعة ومروعة ومخيفة, تضع المتألمين “المقصودين” أمام حلٍ وحيد ومسلكٍ وحيد .. إنه الدخول والإنتظام في صفوف الدول المتحالفة للحرب على “داعش” .. تحت وطأة فورة الدم و الغضب و الإنفعال .. بطريقةٍ تُلغي العقول و تحرف الأنظار وتُسوّق الفعل الى حيث أراد “المبرمجون” .. هو التحالف ضد ” داعش ” ولا بديل عنه ..!!؟؟ هي الحالات العاطفية الإجبارية لجنس البشر التي تدفع أصحاب القرار للدول المفجوعة بأن يتذخّروا و يتسلحوا بدعم جماهيرهم و التي فقدوها في شوارعهم – غالباً – وينطلقون نحو الحرب ولا شيء سوى الحرب ….. ولكن .. على من ..؟ و كيف ..؟

يقولون على القاتل و المجرم والإرهابي المنفذ ويقصدون تنظيم “داعش” الإرهابي, الذي لا يعدو أكثر من أحد أذرع الأخطبوط .. وليس الأخطبوط بحد ذاته.

لماذا تزيح الأبصار وتتوقف العقول .. ولا تتجه مباشرةً نحو رأس التنين والأفعى والأخطبوط ..؟ لماذا يتجهون نحو الفرع وليس نحو الأصل..؟ هل هم يجهلونه ..؟ أم …….؟؟؟؟؟ من هنا سنبدأ. فالكل بات يعلم أن الإرهاب له منشأ وأصول وعرّابون .. ولسنا نسوق جديداً إذ قلنا أن الغرب بكليته هو الأب الروحي والشرعي للإرهاب, و قد تناوبوا على اكتشاف خلطته الوراثية و زراعته في الأرحام المناسبة, وتتويجاً بحضور ولادته, ورعايته واستنساخه بأشكال وأسماءٍ مختلفة.

لقد كان لبريطانيا العظمى وفرنسا وغير دول أوروبية شرف البداية، في حين تابعت دولة الولايات المتحدة الأمريكية المسيرة, فيما بقي الفكر الصهيوني حاضراً وحاضناً وموجهاً لكافة مراحل نموه, والإشراف على تغذيته والتأكد من اشتداد عوده.

لقد وجدوا ضالتهم في الأرض العربية وبين قبائلها وشعوبها.. فزرعوا بعض العائلات وسيّدوها واّزروها وملئوا جيوبهم وجيوبها من خيرات الشعوب العربية.. وها قد أتى زمن استثمار كل ما بنوه وأسسوه فيها, بعدما اكتملت عناصر النسخة الصهيو- عربية – المتأسلمة, فظهروا كرأس أخطبوطٍ أهلي ومحلي, فيما بقي الرأس الحقيقي للأخطبوط يستعمل ويستثمر ما اجتهد في صنعه.. بعيداً عن ماله الخاص وجيشه الخاص. فهل يعقل أن نرى الحماقات تتشابه لهذه الدرجة.. فجريمة حرق الطيار الأردني جعلت ملك الأردن يحلّق فوق سماء سورية ليحارب الذراع الإرهابية الفرعية, واليوم يأتي رئيس مصر ليفعل الشيء ذاته ويهبُ بأسراب طياريه ليضرب ذراعاً أخرى في ليبيا ..!! ويحكم ألا ترون ولا تبصرون .!؟

إن عدونا كعرب هو واحدٌ ولا يحتاج بعد عقودٍ طويلة لشهادة تعريف .. إنه الفكر الصهيوني ووحيده المدلل الكيان الغاصب, بالإعتماد على القاعدة الماسونية الأولى في العالم دولة الولايات المتحدة الأمريكية. ويحق لنا أن نسأل الرئيس المصري .. ماذا لو قتل “داعش” مواطنين مصريين في السعودية أو “اسرائيل” هل كان سيضرب فيهما؟ ويفعل مثلما فعل في ليبيا ..!!؟ وهل تكرس مصر بعد الأردن حرب العرب على العرب بحجة الحرب على “داعش”..!!؟؟ نرجو أن لا يغيب عن قادة مصر.. أن مصر بحد ذاتها هدفٌ رئيسي في المشروع الصهيو – أمريكي الذي يجتاح المنطقة والعالم, وأن إعادة رسم خارطة المنطقة لا تستثني مصر, والجميع يعرف أن الصهاينة هم من رفعوا شعار “حدود اسرائيل من الفرات الى النيل” وهم من رسموا علمهم ذو الخطين الزرقاوين كناية عن ذلك.. ناهيك عن مخططات التقسيم التي تطال مصر كما تطال غيرها من الدول العربية – كما بات معروفاً.

ولكن ماذا يريدون من مصر ..؟؟

لقد كان إبعاد مصر عن معادلة الصراع العربي – الإسرائيلي عبر اتفاقية كامب ديفيد خسارةً عربية غير مسبوقة, ولا يمكن تعويضها تبعاً لقوة ومكانة مصر عربياً واقليميا. إن تشتيت الذهن المصري بدأ من تلك الإتفاقية.. فكامب ديفيد كبلت مصر وأخرجتها من الصراع والمواجهة – من الجهة المصرية – ولكن هل حقاً خرجت من أطماع العدو وأجندته وخرائطه ومشروعه الكبير ..؟ إن ادخال مصر في تحالف الحرب على “داعش” سيكون المدخل الدامي لها ولشعبها.. إن مصر تواجه خطراً كبيراً, ولا بد لها من حماية نفسها.. ولكن ليس عن طريقة تجاهل التصويب على منبع الإرهاب, وأن تذهب بأرجلها لتغوص في المستنقع الليبي أو اليمني وأن ترضخ لمن يريدها نواةً ورأس حربةٍ فيما يسمى “جيش ردع عربي” تكون غايته الهجوم على سورية, بعد فشل أربع سنوات من الحرب عليها. هذا ما سيتسبب في تشتيت الجيش المصري وتبديد مقدراته وبعثرتها فيسهل اصطيادها وقضمها وتفتيتها وتشظيها.

هل نجح الغرب في إجبار مصر على هذا..؟؟ عبر زجها في حروبٍ فرعية مع “داعش” هنا وهناك.. ومن خلال الضغط عليها إخوانياً عبر تركيا وقطر والسودان …..الخ أو سعودياً عبر المال القذر والمساعدات المشروطة القاتلة..؟ أم بحربٍ على الحوثيين في اليمن, وبذلك تُنهك مصر مقابل حماية العرش السعودي وغيره من دول الخليج.

نتمنى أن تتنبّه القيادة المصرية لخطورة المرحلة وتتجه دونما تردد باتجاه الدولة السورية وتستثمر معها نصرها على الإرهاب, وتعود اقليماً جنوبياً يكوّن مع شماليه سداً منيعاً أمام هذا المشروع الخبيث, ولا نعتقد بوجود مخرجاً اّخراً نحو حماية مصر لشعبها وأرضها.. وللفوز بالدولة السورية المنتصرة لتكون قلب العروبة النابض من جديد والى الأبد.

ميشيل كلاغاصي