مساحة حرة

السيطرة على الإعلام.. الأوسكار نموذجاً

لم يأت خبر منح جائز أوسكار لما يسمى ” القبعات البيضاء” مفاجأً، فذاك الحدث المثير للسخرية، لم يخرج أبداً عن سياق أسلوب “لجنة كريل” أثناء الحرب العالمية الأولى أيام الرئيس الأميركي ويلسون، تلك الجنة التي استطاعت تحويل الشعب الأميركي خلال 6 أشهر من شعب مسالم إلى شعب تتملكه الهستيريا والتعطش للدماء، في خدمة لالتزامات ويلسون تجاه الحرب.

أسلوب “لجنة كريل” بات منهجاً سارت عليه كافة المجموعات التي كُلفت بتوجيه وصناعة وقيادة الرأي العام في أميركا والعالم، كصناعة ما عُرف بهيستيريا ضد الرعب الشيوعي، أو تلك الأكاذيب التي ساهمت وسائل الإعلام تلفيقها كأكذوبة الأطفال البلجيكيين ذوي الأذرع الممزقة تلك الماركة المسجلة لوزارة الدعاية البريطانية، والتي تشدك في لحظات لأكذوبة الأطفال منزوعي الأظافر التي شاعت بداية اندلاع الأحداث في العام 2011.

يشبه منح تلك الجائزة العالمية، إلى حد بعيد، ما جرى خلا حفل استقبال بالبيت الأبيض في يوم حقوق الإنسان، أيام حكم الرئيس ريجان، الحفل الذي شهد منح المدعو “أرماندو فالاديرز” السجين الكوبي، صاحب القصة المنمقة حول يوميات تعذيبه في أحد السجون الكوبية، والتي طبل لها الإعلام الأميركي والغربي وزمر، إلى الحد الذي سهل على الرئيس الأميركي ريجان تعيين “أرماندو” كممثل للولايات المتحدة في لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ليقوم بدوره بتقديم خدمات عظيمة لأميركا بدفاعه عن حكومتي غواتيمالا والسلفادور ضد التهم الموجهة لهما بارتكاب جرائم وحشية، فكانت هذه الخطة الأميركية خير دليل على عملية “صناعة الإجماع”، بدليل ما تم في ذات الشهر من إلقاء القبض على أعضاء لجنة حقوق الإنسان بالسلفادور وتعذيبهم في “سجن الأمل” الذي أرسلوا إليه مواصلين دفاعهم عن حقوق الإنسان داخله، فقد قاموا بإعداد تقرير من 16 صفحة يحتوى على تفاصيل وشهادات ووثائق نادرة حول التعذيب الذي مورس ضدهم، ووقع عليه 43 محامي، لكن كل تلك الوثائق والتقارير لم تلق أي اهتمام من قبل وسائل الإعلام الصحفية والمتلفزة، فكانت صفراً أمام تقرير واحد لشخص واحد بشهادة فردية، كتبها “أرماندو”، وبالتالي لم يتم دعوة أي من المحامين إلى أي حفل استقبال في البيت الأبيض ولم يتسلم أي منهم منصباً.

وتوحي جائز الأوسكار هذا العام، أن الأسلوب الذي أسست له “لجنة كريل” وسار عليه عباقرة الإعلام الأميركي والغربي يشهد اليوم تطبيقاً عملياً عبر منح تلك الجازة العالمية لفئة مثلت مسلسلاً من الأحداث التي لم يعد مهماً لدى الرأي العام الغربي والأميركي على أقل تقدير أكانت واقعاً حقيقياً أم أنها مجرد تمثيلية ساخرة كما وصفتها الخارجية الروسية، ومن غير المستبعد المضي في منح أفراد من تلك المجموعة “القبعات البيضاء” هؤلاء الأشخاص ادَّعوا أنهم قاموا بإنقاذ حياة آلاف الأشخاص، ولكنهم كانوا يقومون بتسجيل مقاطع فيديو احترافية صغيرة ولم يخجلوا من نشر هذه المقاطع على الإنترنت، مناصب مستقبلية تخدم مصالح وسياسات الولايات المتحدة الأميركية.

خاص البعث ميديا|| أ. بلال ديب