مساحة حرة

العدو الحقيقي

 محمد كنايسي

منذ بداية الحرب الإرهابية العالمية على سورية، كان واضحاً لكل ذي نظر، أن الكيان الصهيوني هو المستفيد الأول منها، وأن لهذا الكيان دوراً خفياً في دعم أدواتها ومساعدتها على تحقيق هدف إسقاط الدولة الوطنية السورية.

ثم لم تلبث الوقائع أن أثبتت أن “إسرائيل” متورطة في دعم الإرهابيين، ومدّهم بالسلاح، وحتى التدخل العسكري من خلال العدوان الغادر لرفع معنوياتهم وتسهيل مهماتهم، كما حدث في جمرايا.

وبعد قضاء الجيش العربي السوري على الإرهابيين في القصير انكشفت آثار الدعم اللوجستي الكبير الذي كانت “إسرائيل” تمدهم به. ثم توالت الوقائع لتُظهر أنها تدرب الإرهابيين، وتُعدّهم، وترسم لهم الخطط، وتحدد المهام، وأنها تداوي المصابين منهم في مشافيها، وتخصّهم بالرعاية الاستثنائية.

وفي الآونة الأخيرة أصبح هذا التورط سياسة إسرائيلية رسمية يعلنها نتنياهو تارة وهو يزور الإرهابيين المصابين، ويعلنها رئيس هيئة الأركان الصهيوني تارة أخرى وهو يجول في الجولان المحتل. وأمس نفّذت “إسرائيل” عدوانها الغاشم على قرية الحميدية، في خرق سافر لاتفاق فصل القوات وقواعد القانون الدولي، لتؤكد مجدداً تورطها الرسمي المباشر في دعم الإرهابيين. وجاء هذا العدوان بعد أن ضيّق الجيش العربي السوري الخناق عليهم، وقام بعملية استباقية لنسف أي تفكير في إقامة حزام أمني في الجولان لحفظ أمن إسرائيل.

ومن الواضح أن هذا التصعيد الصهيوني الانتقامي الذي فشل في تغيير المعادلة العسكرية على الأرض، يعكس قلق “إسرائيل” الشديد من التقدم المضطرد الذي يحرزه الجيش العربي السوري في مختلف الجبهات، ولا سيما في جبهة الجولان التي يزداد شعور الصهاينة بأنها باتت مصدر خطر كبير عليهم، بعد ثلاث سنوات من الحرب الإرهابية التي فشلت في إضعاف الجيش العربي السوري والنيل من قوته وإرادته.

ولعل مخاوف “إسرائيل” هذه هي أحد الأسباب التي دفعتها الى فبركة خبر احتجاز السفينة الإيرانية التي تحمل صواريخ سورية، في محاولة ماكرة لتحريض الولايات المتحدة على طهران ودمشق، بما يؤدي الى إفشال الاتفاق النووي الإيراني، وإنهاء جنيف2 والعودة الى خيار التدخل العسكري في سورية، فتَضربَ ركني المقاومة بحجر واحد.

إلا أن هذه الألاعيب المكشوفة التي دأبت “إسرائيل” على استخدامها كلما ذهب رئيس حكومتها الى لقاء أوباما، لم تعد مجدية، وكذلك تصعيدها العسكري والإعلامي الذي لن ينقذها من تبعات تورطها في سورية وتحركها ضد إيران، فما ترتكبه يضعها في موقع الاتهام، ويعيد اتجاه البوصلة إليها باعتبارها العدو الحقيقي.