منوع

العزيمة والحلم والقدوة.. عناصر نجاح طلاب معهد التربية الخاصة لتأهيل المكفوفين بدمشق

لم تمنع الإعاقة البصرية الطفل زاهر أسود من الجلوس في مقاعد الدراسة ومواصلة تحصيله العلمي والحلم بأن يصبح مدرسا في المستقبل.

زاهر الذي يواصل دراسته مع 170 طالبا في معهد التربية الخاصة لتأهيل المكفوفين بدمشق تجاوز بعد المسافة بين بيته والمعهد معتمدا على المواصلات التي تم توفيرها للطلاب مجانا يوضح أنه سعيد بإكمال دراسته كأي طفل آخر وأصبح بالصف الخامس يتلقى الدروس ويحصل على وقت للمرح مع أصدقائه.

ومن النماذج التي يحتذي بها طلاب المعهد المدرسة الكفيفة براءة الحمصي التي تعمل مدرسة لغة عربية حيث قالت: “كنت من طلاب معهد التربية الخاصة من الصف الأول حتى الثانوية العامة ثم تابعت دراسة الأدب العربي في جامعة دمشق والآن أقوم بتدريس طلاب المعهد بطريقة برايل وأحاول أن أكسبهم المهارات اللازمة للتفوق”.

ويتجاوز عدد طلاب المعهد حسب مديرته ندى أبو الشامات 170 طالبا وطالبة من عمر 6 سنوات حتى 18 عاما يتلقون تعليمهم وفق منهاج وزارة التربية الذي يطبع بطريقة برايل إضافة إلى أقراص مدمجة سماعية لطلاب شهادتي التعليم الأساسي والثانوية العامة.

ويضم المعهد في بنائه بمنطقة المزة 12 غرفة صفية وقاعة تعليم مهني وأخرى لتعليم الموسيقا والمعلوماتية، كما أشارت أبو الشامات إلى أن كادر التدريس بالمعهد من وزارتي الشؤون الاجتماعية والتربية ومعظمهم من طلاب المعهد الذي لم يتوقف عن العمل رغم الظروف الصعبة التي فرضتها الحرب الإرهابية على سورية وأبرزها صعوبة المواصلات وعدم توفر مكان للإقامة الداخلية وازدياد حالات الإعاقة بسبب جرائم التنظيمات الإرهابية إضافة إلى صعوبة تأمين وسائل التعليم الحديثة؟، لافتة إلى أن وزارة الشؤون تسعى لتلبية متطلبات المعهد من هذه الأجهزة عبر التعاون مع منظمات دولية.

من جانبه أوضح موسى ذياب المشرف على صفحة المعهد في موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك أن الهدف من إنشاء الصفحة تسهيل التواصل مع الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية وأهاليهم الذين منعتهم ظروف الحرب الإرهابية من متابعة الدراسة في المعاهد المخصصة وهم من مختلف المحافظات، إذ يتم نشر صور ومقالات تمكن الأهل من تعليم الطفل الكفيف منذ مرحلة الطفولة المبكرة والرد على أسئلتهم من خلال الاختصاصيين بالمعهد أو نشر أبحاث عالمية تتعلق بأسلوب التعامل مع الطفل الكفيف وتعليمه وتنمية مهاراته.

وخلال التجول في قاعة التدريب المهني التي يتلقى فيها طلاب المعهد تعليما مهنيا على صناعة الاكسسوارات وأعمال التريكو بشكل ينمي مواهبهم ومهاراتهم ويمكنهم من تعليم حرفة مستقبلا تبين المعلمة نجاح سليمان أن التعليم المهني يراعي رغبة الطالب، مؤكدة مقدرة طلابها على إنجاز منتجات جميلة يتم عرضها في معارض بالمعهد إلى جانب مشاركات في معرض دمشق الدولي.

ولفتت المعلمة نجد حيدر إلى أن تعليم الأشخاص ذوي الإعاقة مهنا يدوية يحتاج إلى تبسيط الطرق عبر استخدام أسلوب العدد لتنفيذ القطع النسيجية ومشاركة الطلاب في أفكار للأشكال التي يرغبون بها.

ويتشارك كل من طلاب التعليم المهني بالمعهد سمير هزيم وتمام فياض وياسر غيبور الرأي بأن تعليم حرفة للمكفوفين أمر سهل إن وجدت الإرادة وحب العمل، مشيرين إلى أنهم استطاعوا خلال فترة قصيرة إنجاز قطع نسيج كاملة وأغصان أشجار للزينة.

وفي قاعة الموسيقا تختلط أصوات الآلات الموسيقية مع أصوات الطلاب الجميلة لتضفي على المعهد رونقا خاصا يبين قدرات ومواهب هذه الفئة وهو ما أكدته المعلمة بشيرة دعبل بقولها: “الكفيف يمتلك حاسة سمع ولمس قوية يمكن استثمارها في تعلم العزف والغناء بكل سهولة لدى الأشخاص الموهوبين منهم”، مشيرة إلى أنها تسعى هذا العام لتشكيل فرقة موسيقية خاصة بالمعهد من طلابه.

المعلمة دعبل بينت أنها كانت من طلاب المعهد خلال مراحل التعليم الأساسي والثانوي وتابعت في جامعة دمشق حتى حصلت على شهادة الآداب قسم اللغة الانكليزية وعادت لتدرسها لطلاب المعهد إلى جانب تدريس الموسيقا كونها الموهبة التي نمتها خلال مراحل دراستها المختلفة، معربة عن سعادتها بأن تكون ضمن الكادر التدريسي للمعهد الذي تعلمت فيه.

الطالب غسان سمارة تعلم العزف على آلة الأورغ منذ أن كان في الرابعة من عمره ضمن معاهد خاصة وهو اليوم في الصف التاسع بالمعهد يتابع تنمية موهبته الموسيقية، مؤكدا أنه يسعى ليكون من طلاب المعهد العالي للموسيقا فيما ترغب الطالبة بتول بخيت التي تحب أداء أغاني السيدة فيروز وهي طالبة في الصف العاشر بالمعهد أن تدرس في كلية الحقوق وتنمي موهبتها كهواية تشارك فيها بالمسابقات والحفلات الفنية.

ويواصل الطالب سليمان داوود الذي توج بطلا للموسم الأول في مسابقة “حكاية حلم” التي أقامتها جمعية جذور للدعم النفسي والاجتماعي في نيسان العام الماضي تطوير موهبته في الغناء من خلال معهد خاص للموسيقا، حيث بين أنه يغني لعدد كبير من المطربين كما يتقن تقليدهم، معربا عن أمنيته بأن يصبح فنانا مشهورا أو مدرسا.