ثقافة وفن

الفنان العراقي سيف الكيلاني.. ألوان متألقة بين الانطباعية والتعبيرية

ثمة ما هو مدهش في لوحات الفنان التشكيلي العراقي سيف الكيلاني، في زمن فقدنا فيه الدهشة.

أعمال الفنان الكيلاني بكليتها تشكل عالما إبداعيا مختلف عن تجربة أبناء جيله في العراق الشقيق، من حيث استخدامه للون ومن الاشتغال على بناء اللوحة وهدفها. لذلك وجدنا ذاتنا أمام تجربة فنية غنية ومهمة، يميزها صدق التعبير وذاك الاحساس المرهف والجميل، لديه قدرات فنية متميزة، وهو المولع برسم الطبيعة والمرأة والورود.

فاللوحات تدعونا إلى التأمل في مفردات الطبيعة التي تقدمها لنا، كما لو أنها تقول إن للعيون وظائف جمالية أخرى غير النظر في لوحاته نجد ذاك الحضور الأخاذ والآسر لسحر الألوان بكل تجلياتها وحميميتها ودفئها، إلى حد أنها تكاد تكسر اطار اللوحة لتضيف بعض الحنان والشغف على جدران العزلة.

ألوانه متميزة وهي تجمع بين الحرارة والبرودة وبتدرجات الهارموني اللوني، هدوء نسبي في بعض ألوانه ينكرّس باللون الأزرق بكل تدرجاته والذي يعكس صفاء الفنان سيف ونقاء روحه، أما ألوانه الحارة فهي تتجسد بذاك اللون الأحمر الذي يحمل تلك الخصوصية المنتمية لبصمة الفنان الباحث عن مساحات وفضاء أشد رحابة، وعن سماء قريبة من قلق الروح وحيرتها. ويبقى للون الأخضر ذاك الحضور المنبعث من ذكريات طفولته، في مدينة البصرة – مدينة الشاعر السياب. ولا نبالغ إذا قلنا إن اللون الأخضر لديه يكوّن علامة فارقة في أعماله الفنية التي رسم فيها نخيل العراق، وضفاف شط العرب.

أما نساء الكيلاني فهن يبحثن عن هامش بسيط من الحرية للذهاب إلى أحلامهن، إلى بعض الجسد المنذور لميثولوجيا الخطيئة، إلى التفاحة  التي لم تقضم بعد، إذ ثمة أطفال ونخيل يتحدى الخراب بشموخه.

في تجربته الفنية ورحلته الحياتية مرت أعماله الفنية بمختبره الفني، وطرأ عليها التحول مع مرور الزمن وتقادم الأيام. فالفنان المولع برسم الطبيعة والمرأة والورد، يصبح الورد لديه حاملا ملامح امرأة، حتى انه يرسم نساء بلون الورد الحزين. لكنه ينتقل لإيجاد حالات جديدة ومواضيع جديدة، وطور أدواته، وكذلك ألوانه، فرسم لوحته الشهيرة (الخلاسية) كذلك رسم لوحته المميزة (امرأة في البار الأحمر) استخدم فيها السكين وسماكات لونية شديدة التألق، كذلك بورتريهات وخطوط سوداء لوجوه  أنهكها التعب.

إلا أنه في تجربته الفنية لا يتوقف عند حدود معينة لمدرسة فنية ما، أو مذهبا فنيا ما، تارة نجده تعبيري، وتارة اخرى انطباعي.. مرة نجده تجريدي ولربما كلاسيكي أيضا، على حين تكاد تختفي السوريالية عنده. وفي البعض من لوحاته نتلمس خيطا خفيا للرومانسية، يضاف لذلك انه (مهندس مدني) فهو يهندس لوحاته بالق روحه وشغفه الكبير بالرسم. أعماله مقتناة في العراق وسورية وبعض البلدان الاوروبية.

البعث ميديا || أحمد عساف