ثقافة وفن

القاصة عبير منّون: أجد ذاتي في القصة أكثر وهناك توءمة بين قلمي وريشتي

على حصى أيامها تعبر القاصة السورية عبير منّون ،مشوار الحياة بعين ترصد الناس والأشياء، بكثير من الحساسية والدهشة والإبهار، فتصيغ من مواجع الناس قصصا تنشرها على شرفات البوح، كعزاء لمن فقدوا بوصلة دروبهم، في الحين ذاته تتألق في رسم لوحات فنية لاتنفصل عراها عن بوحها القصصي ، بالقلم والريشة تبدع إبداعات الكلمة واللون.

كان من الممكن أن تكونين شاعرة مهمة، لماذا اخترت كتابة القصة القصيرة؟

الشعر فن من فنون الأدب الهامة، ولكنني لا أجيده، فهو فن صعب وليس من السهل تأليف مجموعة من الأبيات موزونة على بحر من بحور الشعر .وأنا شخصيا أحب أن أسمع الشعر من ناظمه أكثر من قراءته لذلك تراني مداومة على حضور الأمسيات الشعرية. أميل إلى كتابة القصة فهي تسمح بمساحات شاسعة للبوح عن تفاصيل الواقع، ومكنونات الذات الداخلية وذوات الآخرين، والحرية في الوصف والتعبير، ومزيد من القول والتفاصيل. القصة هي مسرح للبطل أستطيع التحكم بأفعاله كما أريد أكثر من الشعر، وباختصار أنا لا أجد نفسي في الشعر، إنما القصة القصيرة اعتبرها ساحتي المشرعة لي، بالإضافة لفضاء اللوحة التشكيلية.

من أين تستمدين شخصياتك وعوالم قصصك؟

بدأت بكتابة القصة مذ كان عمري أحد عشر عاما. كنت أكتب الأحداث وأرفقها برسومات ملونة تفيد حدث القصة، وكنت ألقى الدعم من المعلمين في المدرسة وعندما كبرت أكثر، كنت أمضي يومي بقراءة الروايات العالمية وأهم الروايات التي قرأتها حين ذاك: ذهب مع الريح لمارغريت ميتشل ورواية أوليفر تويست للرائع تشارلز ديكنز ورواية البؤساء لفيكتور هيغو.. والعديد من الروايات العالمية، وحتى الآن أتذكر أبطال هذه القصص، والأحداث الهامة التي فعلوها في تلك الروائع، فعندما كنت أنتهي من قراءة الرواية أو القصة تبقى أبطالها راسخة في الذاكرة لعدة أيام.

يرى الكثير من النقاد أن القصة القصيرة تحتضر.. ليس في سورية وحسب بل في الوطن العربي عموما ؟

قد يكون هذا جزء من الحقيقة بالنسبة لقلة عدد القاصين المتميزين، ولكن من البداية لاحظت قلة كتّاب القصة، قياسا بهذا العدد الهائل من الشعراء والشاعرات. ومع هذا هناك الكثير من كتّاب القصة المبدعين الذين كتبوا ولازالوا يبدعون في عالم القص في معظم المدن السورية، فعندنا في حمص على سبيل المثال: الدكتور نزيه بدور، وصفوان حنوف، والصحفي عيسى إسماعيل وخديجة بدور وغيرهم.

ما الطقوس التي تمارسينها.. أثناء الكتابة ؟

أحب كتابة القصة في جو هادئ، بوجود موسيقى هادئة، وغالبا ما أميل للكتابة ليلا، أو في الصباحات المبكرة حيث الهدوء.

هناك من يرى وعلى (سبيل الدعابة) أن من يحفر بئر في حمص، تطلع له قصيدة، وهذا يدل على كثرة الشعراء وقلة القاصين!

فعلا فقد تم تصنيف عدد الشعراء في مدينة حمص على أنهم ثلائمائة شاعر تقريبا أما عدد القاصين والروائيين فهم أربعون وهذا يدل على أن مدينة حمص هي مدينة الشعر والشعراء أكثر مما هي مدينة للقصة أوالروائيين.

هل البعد عن العاصمة يحرم المبدع من تسليط الضوء عليه وعلى إبداعاته؟

نعم … فالعاصمة دمشق هي مركز الإبداع، والفعاليات المهمة والعالمية تحدث فيها وعلى منابرها وفي دور ثقافتها.. ولكن وجودي في حمص لم يمنعني من الاتصال بدمشق وعند الحاجة لوجودي هناك أسافر إليها فورا.

بالإضافة إلى كتاباتك القصصية، تمارسين الرسم. أيهما أقرب إلى روح عبير منّون؟

هناك ارتباط وثيق بيني وبين أقلام الرسم فما عجزت أقلام الحبر عن البوح به، كانت تخطه أقلام الرسم بألوان إيحائية وتعبيرية.

في مجموعتك القصصية الأخيرة الموسومة بعنوان: (غفران) كان للحرب التي نتعرض لها، دورا هاما، ماذا تحدثي القراء عن ذلك؟

لقد تأثرت بأحداث الأزمة وخاصة حالات الخطف والتعذيب، كما أن الأزمة سرعت في كشف السيئين، ولكني زرعت الأمل في قصصي، وقصصي مستمدة من الواقع.

أبطال قصصك بماذا يحلمون؟

يحلمون بالعيش الكريم يحلمون بتحقيق الأمل يوما ما، ببزوغ فجر جديد والإنسان بطبعه يحلم دائما بالحب والسعادة الحقيقية، ويحلم بالحبيب المنتظر الذي لايعرف تفاصيل وجهه.

عن مجموعتك القصصية غفران يقول د. نزيه بدور: (نحن أمام روايات صغيرة لا قصص قصيرة).. مارأيك؟

ربما لأن قصصي تصنف كقصص طويلة قصيرة، حيث يبلع عدد صفحات الواحدة 40 أو أكثر وربما تصلح كل قصة منها نواة لرواية.

ماذا تخبئ لنا الأديبة والفنانة عبير منون في القادمات من الأيام؟

أحضر لمجموعة قصصية جديدة، كما أحضر الآن مجموعة من اللوحات الفنية للمشاركة في المعرض الفني القادم.

البعث ميديا || حاورها: أحمد عساف