مساحة حرة

القوات السورية الجديدة.. ولعبة تبديل الطرابيش!

تُحاول الإدارة الأمريكية تمرير أجندتها الشيطانية المعهودة عبر لعبة تبديل الطرابيش، وإعادة تدوير صورة الفصائل الإرهابية وتغيير أسمائها المتداولة لتٌصبح “القوات السورية الجديدة”، علّ وعسى تكتسب بعض الشرعية الشعبية، بعد أن لاقت التسميات القديمة حالة من الرفض الشعبي وعدم القبول بها وبأفكارها الوهابية التكفيرية البعيدة كليأً عن ثقافة وتقاليد الشعب السوري الأصيلة، حيث أعلن وزير الدفاع الأمريكي ” آشتون كارتر”: “أنه تم تغيير تسمية العناصر السورية التي سيتم تدريبها إلى (القوات السورية الجديدة) تجنباً لاعتبارها قوات معارضة للنظام السوري، وتأكيدا على أن مهمتها هي قتال داعش فقط”.

في حقيقة الأمر وعلى الرغم من اختلاف نبرة وطبيعة التصريحات والتصريحات المضادة بين مسؤولي الدول الموالية للولايات المتحدة ذاتها، هناك مخطط ثابت من أجل تدمير مكونات المنطقة بالكامل بما فيها إيران التي لم تزل عصية على الاختراق حتى الآن ولو من الناحية النظرية، تلعب السعودية وتركيا الأدوار الأساسية لتنفيذ هذا المخطط وبقية الدول تُشكل “الكومبارس” عبر استمرار سياسة حرب الاستنزاف الداخلية لكل بلد من بلدان محور المقاومة المناوئ للولايات المتحدة وسياسات الهيمنة الدائمة التي تعتمدها، وإن إنشاء ما يُسمى بقوات التحالف العربي التي قامت بالاعتداء على اليمن، هي من اجل تسهيل عملية إعادة احتلال المنطقة وإعادة تقسيمها وفق المخطط الجديد بسواعد بعض الجيوش العربية وتحييد بعضها الآخر كجيش مصر الذي يُشكل عبر تاريخه عمق استراتيجي للعروبة.

هذا ما أكده احد الجنرالات الإيرانية ضمن سياق الرد على وزير الدفاع الأمريكي حيث قال: “إن إطلاق واشنطن برنامج لتدريب ما تسميه “المعارضة السورية المعتدلة” في الأردن وتركيا يأتي ضمن خطط الحروب الأمريكية بالوكالة على شعوب المنطقة …مؤكداً أن الكيان الصهيوني يشعر بالارتياح لإيجاد حدود آمنة له وقتل الآلاف في سورية والعراق واليمن على يد الإرهابيين”.

قد يعتقد حكام السعودية والأردن وقطر وغيرهم ممن شاركوا في التكوين والتدريب والدعم ، بأن صناعة الإرهاب ودعمه ضد سورية سيخلق لهم بيئة مريحة لحماية أمن دولهم وتثبيت عروشهم، لكنهم تجاهلوا أو ألزموا على التجاهل، بأن طباخ السم سيذوقه حتماً، وأن الجيش العربي السوري الذي احترف مواجهة العصابات التكفيرية المسلحة، هو اليوم أكثر قدرة وقوة على سحق هذه العصابات وتدمير قدراتها العسكرية مهما وصلت إليه من التدريب والتطوير والتسليح، وإن أية جهود جدية لمحاربة داعش وأخواتها على الأراضي السورية لا بدّ وأن تمر عبر مؤسسة الجيش العربي السوري ومخططاته الخاصة، وإن الأنظمة الرجعية التي تلعب بالنار لن تجد نفسها بالقريب العاجل في مأزق حرق الأصابع فحسب، بل ستجد أنها دخلت لهيب جهنم برجليها ولن تتمكن من الخروج منها إطلاقاً، وستكون الولايات المتحدة الأمريكية أول المهللين لهذا السقوط المريع المنتظر، وإليكم بالإخوان الشياطين في مصر ورئيسهم المعزول محمد مرسي عبرة ليست ببعيدة، وسيكون وضع تركيا على أجندة التسويات الدولية القادمة مرحلة من الفوضى التي تفوق توقعات حكومة العدالة والتنمية، وذك من أجل لجم غرور العثماني الطائش ” أردوغان” وإعادة تركيا إلى حجمها الطبيعي الذليل ضمن الحظيرة الأمريكية.

لم تكن سورية وقيادتها السياسية في يوم من الأيام بمنأى عما يجري حولها من تخطيط وحياكة المؤامرة تلو الأخرى ضدها ابتداءً من إطلاق الشائعات والحرب النفسية التي سايرت الأزمة السورية والحرب عليها منذ البداية، حتى مرحلة تدريب ما اطلقوا عليها “القوات السورية الجديدة”، ولديها وشركائها في محور المقاومة الخطط التكتيكية البديلة لحماية المبادئ الإستراتيجية لدولها مع الأخذ بالحسبان كل السيناريوهات المحتملة وما الرد القاسي والتهديد المباشر الذي وجهه الممثل الدائم لإيران في الامم المتحدة إلى وزير خارجية السعودية عادل الجبير عندما لمح بالاعتداء على سورية بعاصفة حزم جديدة: “إن كنتم رجالاً افعلوها..”، سوى رسالة محددة المعالم لمرحلة ما قبل وما بعد الاتفاق النووي.

 

محمد عبد الكريم مصطفى