ثقافة وفن

الكاتب حنا مينة في ملتقى السرديات بثقافي أبو رمانة

تناول ملتقى السرديات ضمن فعاليات الدورة الثانية من ملتقيات دمشق الثقافية مسيرة حياة وإبداع الكاتب السوري الروائي الكبير حنا مينة الذي يعد أحد اهم الروائيين العرب في العصر الحديث وذلك بمشاركة مجموعة من الأدباء في ثقافي أبو رمانة.

وتخلل الملتقى تقديم فيلم قصير استعرض أهم المحطات التي أثرت في شخصية الأديب منذ ان ولد في اللاذقية عام 1924 ومعاناته من التشرد والفقر والجوع والحرمان متنقلا من مكان لآخر حيث عاش سنواته الأولى في لواء اسكندرون السليب ثم تعرف في الثانية عشرة من عمره على الثوار الذين كانوا يحاربون المستعمر الفرنسي والذين وجد عندهم معنى التضحية والبطولة والكفاح فأخذ عنهم الكثير وتعلم منهم ليجعله يكتب في شيخوخته “المجتمع والطفولة واليافعة والشباب أعطوني تجارب لا تنسى أفادت في كفاحي بالقلم على امتداد حياتي الادبية الطويلة”.

وتحدث علي العقباني الذي اخرج الفيلم في مداخلته التي جاءت بعنوان “حنا مينة والسينما” عن الكم الكبير من روايات مينة التي تحولت إلى أفلام ومسلسلات تلفزيونية منها “اه يا بحر” و”الشراع والعاصفة” و”نهاية رجل شجاع” “والمصابيح الزرق” ليكون من أكثر الروائيين السوريين الذين نقلت اعمالهم الأدبية إلى السينما معتبرا أن ذلك نتيجة لقدرة مينة على تأريخ حقبات مهمة من تاريخ سورية الاجتماعي والسياسي والنضالي وتناول الحياة الاجتماعية وكل اشكال النضال ومقاومة الاضطهاد والقهر.

وأعاد العقباني تراجع الاعتماد على أعمال مينة وسواه في صناعة السينما السورية لظهور موجة تسمى سينما المؤلف بعد ظهور مخرجين أكاديميين حملوا معهم هاجس كتابة أفلامهم بأنفسهم دون الاعتماد على نص أدبي فضلا عن تراجع الإنتاج السينمائي المحلي.

وبين الدكتور عاطف بطرس في مداخلته بعنوان “دور حنا مينة الريادي في الرواية العربية” أن اختيار هذا الروائي عنوانا لأنه أحد أشهر الروائيين العرب وتكمن اهمية رواياته في الموضوعات التي عالجها والتي تعتبر جديدة في تاريخ الرواية العربية كالبحر والغابة وغيرهما إضافة إلى الأشكال الفنية التي قدمها في رواياته موضحا أن ما ميزه عن غيره من الروائيين هو التجربة الحياتية الغنية التي عاشها كمادة غنية في سردياته ومدونته الروائية حيث استطاع أن يعكس حالته وتجربته الشخصية من الطفولة والشباب وفترة النضج من خلال أعمال فنية روائية.

ورأى بطرس أن الروائي مينة جسد في مجمل أعماله منظومة من القيم الأخلاقية ووحد بين المثال المجالي والاخلاقي فمعظم أبطاله ينتمون إلى الفئات الاجتماعية البسيطة ومجمل ادبه يسجل ويدون تاريخ سورية الحديث بدءا من النضال ضد الاستعمارين العثماني والفرنسي ممثلا بالطروسي بطل روايته “الشراع والعاصفة” إلى ما عشناه حتى الألفية الأولى من القرن الحادي والعشرين من التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

وأوضحت الدكتورة وجدان محمداه في مداخلتها بعنوان “المرأة في ابداع حنا مينة” صورة المرأة ونظرته إليها في أعماله بين العربية والأوروبية والتي تختلف عن نظرة بعض كتاب جيله من الروائيين العرب الكبار مستعرضة صورة الأم في ثلاثية السيرة الذاتية بقايا صور والمستنقع والقطاف حيث ظهرت كأم متفانية طيبة غزلت عبر دموعها وآلامها وتضرعها أملها بإرسال ابنها الوحيد ليتعلم في مدارس المدينة وكان لها ذلك ليكون هذا الابن هو الروائي الكبير مينة اما المرأة الاوروبية فجاءت من خلال بعض رواياته ولا سيما روايات الربيع والخريف وفوق الجبل وتحت الثلج وغيرها.

مدير ثقافة دمشق حمود الموسى أوضح ان حنا مينة شخصية أدبية تناول في أعماله الروائية من الحياة الطبقية إلى الكفاح السياسي والاجتماعي وتناول معاناة والام ووجدان وظروف الناس الحياتية إضافة إلى نضاله المعروف ضد الاستعمار حيث كان من اهم من كتب ضد القوى العاتية التي تحاول النيل من سورية مبينا أن هذه الملتقيات يشرف عليها نخبة من المختصين من المهتمين بالشأن الثقافي لإعادة الثقة بين الجمهور والمنبر.