الشريط الاخباريمساحة حرة

النبض حيٌّ في قلب العروبة

بالعودة الى ما جاء في لقاء الرئيسين الأسد والبشير قبل أيام من تأكيد على “أن الظروف والأزمات التي تمر بها العديد من الدول العربية تستلزم إيجاد مقاربات جديدة للعمل العربي.. تكفل تحسين العلاقات العربية العربية بما يخدم مصلحة الشعب العربي” يصبح طبيعياً بل وضرورياً أن يتخذ النظام العربي المزيد من الخطوات الديبلوماسية والسياسية والميدانية تجاه سورية الوازنة ذات الدور التاريخي المعهود في دعم مؤسسات العمل العربي المشترك والمتمسكة بالأمن القومي العربي، فهي صاحبة المشروع القومي العربي الذي لم يغادها حتى في أصعب الظروف السياسية والميدانية.
ويبدو خطأ الرهان على الغرب وأميركا مراراً وتكراراً في ممارسات بعض الدول، والكيانات، وحتى المجموعات، فلم يشهد التاريخ القديم ولا الحديث المعاصر تجربة واحدة ربح فيها المراهن على الغرب وأميركا رهانه، بل على العكس كانت الخسارات مزرية لأن ما بُني على باطل لا بد سيفشل هذه هي طبيعة الأمور.
في المقابل يبقى الحق الذي تتمسك به الشعوب خاصة الشعب العربي في سورية أقوى الرهانات وأكثرها نجاحا ونحن اليوم نشهد بأم العين ما يحصل من عودة للدول العربية واحدة تل والأخرى الى الدور الطبيعي والمكان الصحيح فبدل أن تتسلل تلك الدول عبر الحدود وترسل السلاح والعتاد الى الارهابيين كان الأحرى بها أن تأتي عبر بعثات ديبلوماسية محترمة كما هو الحال اليوم، وبالتأكيد هذا هو الوضع الطبيعي للدول المحترمة وما سواه شاذ وزائل خاصة في سورية.
وبعد أن أدركت تلك الدول أن الوضع في سورية مختلف عن أماكن أخرى استطاعت شرذمتها وتدميرها كـ(ليبيا) مثلاً، جاء الانسحاب الأمريكي (المفترض) والمملوء بإشارات الاستفهام لأنه لا ينسجم مع التوجهات ولا مع النوايا الأمريكية ليؤكد أن سورية ليست سهلة ولا يمكن لأحد أن يبقى على أرضها دون التفاهم مع الحكومة الشرعية في دمشق.
وقد يحمل الانسحاب الأمريكي ان حصل أوجهاً جديدة يمكن ان تتكشف في القادم من الأيام الا أن ما يهمنا هنا هو ان الرهان على الأمريكي من قبل بعض المجموعات الخارجة على القانون تبددت. ورغم أن أحلاماً بالحلول محل الأمريكي بدأت تظهر الا أنها سرعان ما تبددت اليوم مع الاعلان عن دخول منبج من قبل الجيش العربي السوري استجابة لمطالب الأهالي هناك، وهو ما جعل المجموعات المسلحة التي تدعى “قسد” تخرج وتسلم مواقعها بعد أن انكشفت على حقيقة قدراتها الواهية وبطلان وجودها الواضح للجميع.
تسارع الأحداث الميدانية والديبلوماسية لا بد أن يُقرأ في ميدان السياسة خاصة المسارات الثابتة التي خطتها سورية بالتعاون مع الحلفاء والأصدقاء والمتمثلة بمسار استانا، وسيشهد الشهر القادم قمة لرؤساء الدول الضامنة للمسار بعد ما سرى من معلومات حول التفاهم على تشكيل اللجنة الدستورية وما يتبع ذلك من استمرار في الجهود السياسية الصادقة للوصول الى حل سياسي والذي لم يكن ليتقدم بوجود الأمريكي ووجود الارهاب على الأرض السورية ولا بوجود القطيعة التي تعيشها بعض الدول مع الحكومة الشرعية في دمشق.
وفي الوقت الذي تحظى به الحكومة السورية بدعم شعبي كبير يمنحها المشروعية والأحقية في قيادة أي عملية سياسية بغض النظر عن المخرجات إلا أن سورية كانت ولاتزال تؤمن بالعمل المؤسساتي المبني على الدستور والقانون مع احترامها للأعراف الدولية والجهود الصادقة التي تصب في مصلحة الشعب العربي السوري.
وفي ظل هذه التطورات الهامة يكون الحديث عن مزيد من السفارات العربية والأجنبية التي ستفتح أبوابها بعد سنوات من الاغلاق طبيعياً وتكون عودة كل شبر من الأرض السورية الى كنف الدولة واقعاً جلياً سيكون في القادم من الأيام، لكي يغادر العام 2018 وفي نهايته تحولات جوهرية في مسار الأحداث لصالح الشعب السوري، فهذا الشعب يستحق أن يجني ثمار صبره وصموده وتضحياته الثمينة ودماء شهداءه التي روت أرض بلادهم مجنبتةً العالم تمدد مشاريع الارهاب مبقيتةً النبض حياً في قلب العروبة.
بلال ديب

belalwdeb@gmail.com