مساحة حرة

جنون العظمة!!

على ما يبدو مستنقع الأزمات بدأ يتسع في واشنطن، كون أن الإدارات الأمريكية المتعاقبة مازالت تكابر وتصر على المضي في اخطاء تاريخية قاتلة، تلك الاخطاء كلفت المحافظون الجدد خسائر فادحة وفشل ذريع في أكثر من مكان بالعالم وذلك بعد أن خاضت تجارب قاسية ومريرة في أماكن متفرقة من العالم، تلك التجارب والأخطاء أدت الى المزيد من الفوضى التي تحولت بفعل فاعل الى ارهاب دولي غير مسبوق.

لدرجة أن الادارة الامريكية الحالية وقعت في لغط وتناقض واضحين حيال تلك الأفعال. هذا العناد والإصرار على المضي في أخطاء تاريخية قاتلة سوف يؤدي بسياسات الولايات المتحدة الامريكية لانعكاسات ومخاطر تمس السلم والأمن العالميين، وذلك نظراً لتدخل تلك الادارة الامريكية في شؤون الغير دون حياء أو خجل!! كاتب امريكي وصف الحالة في الولايات المتحدة الامريكية بأنها أسوأ مما نظن وذلك بسبب انسداد الأفق السياسي لدى الأوساط الحاكمة، مضيفاً حتى ما يسمى بفصل الصلاحيات بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية أصبحت خاضعة بشكل كبير الى تجاذبات عقائدية بين محافظين وليبراليين.

 اليوم الادارة الامريكية ترتكب خطأً جسيماً بدعمها للإرهاب واستخدامها لدول اقليمية في المنطقة، لا سيما وان القاصي والداني بات يدرك ان واشنطن استخدمت ورقة الارهاب لزعزعة الاستقرار واثارة الفوضى في مناطق متعددة من العالم ومع ذلك تلك الادارة الرعناء تدّعي وبصفاقة محاربتها للإرهاب، تماماً مثلما ادعت في اكثر من مناسبة دعمها للديمقراطية والحرية في العالم، ما جرى في افغانستان بحجة محاربة (ارهاب القاعدة) وما جرى في العراق ابان الغزو الامريكي عام /2003/ بحجة ديكتاتورية صدام وامتلاكه اسلحة الدمار الشامل، تلك الحجج الواهية لمسناها في كل من افغانستان والعراق وأدركنا ماذا حل بهما!!

السؤال الذي يطرح نفسه أي ديمقراطية واي حرية في ظل الارهاب الذي ترعاه أمريكا؟!! بعد أن أطلقت العنان لتنظيمات ارهابية متعددة بالتوافق مع كل من (تركيا – قطر – السعودية – اسرائيل) بدءاً من تنظيم القاعدة الارهابي ومروراً بجبهة النصرة واخواتها وأخيراً وليس آخراً «داعش» تلك الإدارة لم تتوانى لحظة واحدة عن دفع دول اقليمية وعربية لتمويل التنظيمات الارهابية بمختلف انواعها واشكالها لوجستياً وبطريقة لا أخلاقية.

من يتابع التصريحات النارية (المترددة) للسيد أوباما الذي يحاول بطريقة أو بأخرى أن ينصب نفسه زعيماً على العالم، يرى أن هنالك مشكلة داخل الادارة الامريكية وذلك لعدم وجود استراتيجية واضحة لدى الفريق السياسي، هذا بالإضافة الى عناصر الفشل لدى السياسيين أكثر بكثير من عناصر النجاح.

على سبيل المثال لا الحصر السيد أوباما قال منذ فترة ليست ببعيدة: ليس هنالك معارضة معتدلة وإنما هنالك معارضة فاشلة!! أيضاً منذ أسبوعين قال أوباما: ليس لديه استراتيجية واضحة تجاه «داعش» ومن ثم لا يلبث أن يعلن عن تحالف دولي ضد «داعش»!! نستنتج من ذلك أن الادارة الامريكية متناقضة ومتخبطة لنرى السيد أوباما يسعى جاهداً لدعم تلك المعارضة الفاشلة!!.

هذا الصلف والطغيان المتنامي ازداد فظاعة وفظاظة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي السابق لتنفرد واشنطن بالهيمنة على العالم ( كما تعتقد ) هذا الوهم جعل الادارات الامريكية المتعاقبة تحدد وحدها(وبشكل منفرد عن المجتمع الدولي) معايير ومقاييس الخير والشر… تحدد وحدها معايير الحق والباطل بمعزل عن العالم كله وبالطريقة التي تحلو لها.

جنون العظمة!!

تلك الادارة الرعناء وغيرها من الادارات السابقة كانت ولازالت تبتكر وتخترع الأزمات في اماكن متفرقة عبر أدوات اقليمية ومن ثم تتنطح لحلها كما فعلت في افغانستان والعراق والعديد من الدول العربية من ضمنها سورية الغطرسة الامريكية وبعبارة أدق (البلطجة) الامريكية تتجه لتأديب كل من يقف ضدها أو يخالفها الرأي!! وذلك بعد أن أقرت رسمياً بأن من ليس معها هو ضدها!! واشتغلت على هذا الاساس بعد أن وضعت معايير لا تمت للديمقراطية والحرية بصله و(الكيل بمكيالين) والدليل على ذلك ما يجري اليوم على امتداد الساحة العربية واوكرانيا وامريكا اللاتينية، تلك السياسة الحمقاء تنتهجها في أكثر من مكان في العالم جعلت العديد من الشعوب في وضع شبه مأساوي وذلك بسبب العنجهية والبلطجة الامريكية.. أنه جنون العظمة ونفاق مابعده نفاق.

 ما تخطط له الادارة الامريكية من فتن وحروب وفوضى في عهد أوباما لن يكتب له النجاح.. لأن ادارة أوباما ذاهبة الى الجحيم تماماً مثلما ذهبت ادارة بوش الابن الى الجحيم. لاسيما وأن العديد من دول العالم بدأت تعي اليوم أكثر من أي وقت مضى طبيعة الدور الامريكي في خلق الاضطرابات والانقسامات والتدخل في شؤون الغير بطريقة لا أخلاقية، بعد سلسلة من الانتهاكات للأعراف والمواثيق الدولية، تلك السياسات والانتهاكات لن تستمر الى مالا نهاية وستدفع اثمان باهظة نتيجة افعالها التي ولدت حالة من الذعر في أكثر من مكان.

على سبيل المثال لا الحصر باسم (الربيع العربي) أدخلت ادارة أوباما هذا الكم الكبير من الوحوش الذين روعوا البشرية بجرائمهم الوحشية التي لا تمت للإنسانية والاخلاق بصلة.

  في حمأة هذا الصراع المرير قد يسأل سائل من سيفوز دمشق ومحور المقاومة أم أوباما والأربعون دولة؟!! كما اسلفت أن عوامل الفشل لدى إدارة اوباما أكثر بكثير عن عوامل النجاح وذلك للأسباب التالية:

1-     وضعت الادارة الامريكية كل ما في جعبتها في يد جماعات ارهابية غير متجانسة تلك الادارة لن تحصد من تلك الجماعات سوى الخيبة لأنها غير منضبطة.

2-    المليارات التي انفقت دون حساب خلال ثلاث سنوات ونيف لم تؤدي الفرض المطلوب منها.

3-     لا توجد أي نية أو رغبة لدى الامريكيين والاوروبيين لقتال عصابات ارهابية، السيد أوباما كان قد تعهد بعدم خوض حروب بعد تجربته الفاشلة في العراق- لكنه قد يتخلى عن تعهده هذا ويرتكب حماقة جديدة.

4-     الضربات الجوية لن تستطيع ان تحقق شيئاً على الارض، بدليل لم تستطيع امريكا حسم أمرها في افغانستان بل ستنسحب في نهاية هذا العام، كذلك الأمر فشلها في العراق وانسحابها، أيضاً الغارات الجوية المكثفة التي شنتها ((اسرائيل)) في جنوب لبنان عام 2006 والطلعات الجوية فوق قطاع غزة على مدار /51/ يوم لم تحقق أياً من اهدافها.

5-     استحالة محاربة «داعش» في سورية إلاّ من خلال الجيش العربي السوري الذي يمتلك خبرات وقدرات عسكرية عالية.

6-     ضرب «داعش» دون التنسيق مع سورية وايران سيخلق مشكلة قد تطال المنطقة برمتها، بل ستفتح نار جهنم تتحمل مسؤوليتها الادارة الامريكية ذاتها. فاستبعاد سورية و إيران من التحالف ناجم عن رغبة « اسرائيلية سعودية ».

7-    أي عملية في المنطقة بمعزل عن الدول المعنية مباشرة ( سورية وايران) التي تحكمها ادارات ومؤسسات من الصعب جداً ضبط ايقاعها في ظل هذا الفلتان للتنظيمات الارهابية المتناحرة التي كان قد وصفها أوباما بالفاشلة.

 خلاصة القول لن يقف العالم مكتوب الأيدي الى ما لانهاية تجاه تلك الفظائع والخروقات اللاإنسانية خاصة وأن العالم بدأ يشهد مخاضاً عسيراً هذا المخاض قد يتكلل بولادة طبيعية لعالم جديد بهمة شرفاء وأحرار العالم، وقد يحتاج الأمر الى عملية قيصرية لا أحد يدرك مدى خطورتها على البشرية، في كل الأحوال لن يبقى العالم مختطفاً بتلك الطريقة ولن يسود منطق القهر والظلم الذي تنتهجه امريكا لأن ارادة الشعوب ستبقى هي الأقوى، وجنون العظمة سينال من صاحبه عاجلاً م آجلاً.

بقلم: نبيل حافظ حسن