ثقافة وفن

«ديك الجن الحمصي».. كتاب يسلط الضوء على حياة شاعر مبدع نسيه الباحثون

يتحدث كتاب “ديك الجن الحمصي الذاتية والابداع” للدكتور خالد الحلبوني عن العصر الذي عاش فيه هذا الشاعر من النواحي السياسية والاجتماعية والدينية والفكرية والادبية لما لها من أثر على حياته وقدراته الشعرية كونه من رواد المدرسة الشامية في الشعر.

ويشير الحلبوني إلى أن ديك الجن من مواليد مدينة حمص وأن اسمه الحقيقي عبد السلام بن رغبان أما لقبه الذي غلب على اسمه واشتهر به فيعود لكثرة ترداده على البساتين منذ الصباح الباكر ومعاقرته الخمرة فهو كالجن ينأى ويستتر عن الناس وكالديك يستيقظ قبيل الفجر.

ويفند مؤلف الكتاب مقولات بعض الباحثين والنقاد ممن حطوا من قيمة ديك الجن وشعره، مبينا ان رأيهم متسرع ولا يستند الى الحقائق الموضوعية والواقعية كما، أن ديك الجن لم ينل الاهتمام الكافي من الدارسين عامة والجامعيين خاصة كغيره من شعراء العصر العباسي كما يتضمن الكتاب دراسة لأغراض شعر ديك الجن المتنوعة بين اللهو والخمر والرثاء والفخر والهجاء.

ويوضح الحلبوني أن ديك الجن جاء في غرض الرثاء بموضوعات جديدة لم يسبق اليها وله طريقة خاصة فيه تنبه لها بعض الاقدمين حيث جدد في موضوع رثاء زوجته “ورد” جامعا بين الغزل والرثاء في القصيدة الواحدة كما، تفنن في توليد المعاني وجدد في الصور الشعرية مع نزعة تهكمية ساخرة.

ويفرد المؤلف بحثا عن ديك الجن بعنوان “ديك الجن من رواد المذهب الشامي في الشعر” دارسا ألوان الثقافة الواسعة عند الشاعر وتهذيبه لشعره واختياره للألفاظ والاتيان بالصنعة الطريفة مع الموسيقا الشعرية والتصوير القريب من الفهم وربط ذلك بالخلجات النفسية مع المواءمة بين اللفظ والمضمون، مشيرا الى التجديد عنده في الشكل والمضمون حيث جدد في مطلع القصيدة ومنهجها وثار على المقدمة الطللية وابتكر في الموسيقا الشعرية كما جاء بموضوعات جديدة كالمجون والشكوى من الزمن.

ويرى الدكتور المختص في الأدب العباسي أن ديك الجن شاعر مبدع من الطراز الاول فلديه قدرة مميزة أنتجت نشاطا فكريا ذا قيمة في عالم الشعر واستطاع ان يمتلك مقومات الابداع من لغة الشعر وحيازة أدواته إضافة إلى الثقافة الاختصاصية والعامة والتحدي والممارسة.

ومما لا شك فيه برأي المؤلف فإن ديك الجن وعى علوم العربية وامتلك ناصيتها وكان قادرا على التصرف بها واستخدامها في شعره باقتدار واطلع على الشعر العربي عبر عصوره ووعى التراث وعيا جيدا اذ ترك ذاك الوعي آثاره الواضحة في شعره فذكر بعضا من أسماء الشعراء الصعاليك الجاهليين واتخذ من فلسفتهم ديدنا لحياته واسلوبا في تفكيره.

ويعقد الحلبوني في الفصل الاخير من كتابه اربع موازنات بين ديك الجن وغيره من الشعراء في عصره وممن جاء بعدهم فتحدث عن موضوع الرسالة الشعرية ووصف الخمرة بين ديك الجن وأبي نواس وعقد موازنة في الصنعة البديعية عنده وعند ابي تمام فبدا ديك الجن استاذا لابي تمام له دور الريادة والسبق ودور المعلم والموجه وكانت الموازنة الثالثة في وصف الطبيعة واللغة الشعرية عنده وعند البحتري فكلاهما وصاف مجيد الا ان ديك الجن تفوق بنزعته الذاتية وتفجير مشاعره والتعبير عن مكنونات نفسه.

وكتاب ديك الجن الحمصي يقع في 455 صفحة من القطع الكبير صادر عن الهيئة العامة السورية للكتاب.

يشار إلى أن مؤلف الكتاب خالد الحلبوني أستاذ في كلية الآداب بجامعة دمشق وحائز شهادة دكتوراه باختصاص “الأدب العباسي” من الجامعة له عدد من المؤلفات في الأدب منها “الصداقة في الشعر العباسي” و”فن الرسائل النثرية في العصر العباسي”.. وغيرها.

كما وضع العديد من البحوث الأدبية والنقدية وهو عضو في اتحاد الكتاب العرب.