مساحة حرة

سورية الجديدة.. المتحول والثابت!!

جاء خطاب القسم الذي ألقاه السيد الرئيس بشار الأسد في السادس عشر من الشهر الجاري بعد أدائه القسم الدستورية لولاية جديدة ، ليوضح صورة سورية الجديدة من خلال المضامين الهامة التي طرحها سيادته والتي وضعت الإطار العام لسورية المستقبل ليس على المستوى المحلي فحسب ، بل والدور الفاعل المنتظر على الساحة الإقليمية والدولية  ، فمن جهة عبر الخطاب  بقوة عن سيادة سورية واستقلالها في قرارها السياسي كمنتج وطني ديمقراطي بامتياز ، ومعبرةً عن الحالة الراقية لآلية التفاعل الرسمي –  الشعبي ، بنبرة القائد الشجاع الواثق من خطواته المستمدة من إرادة الشعب الصامد الذي تجاوز كل عوامل التركيع ، إلى صناعة المجد والمستقبل بالدماء الطاهرة الزكية التي حملت رايات سورية إلى النصر.

   من أهم أهداف الحرب القذرة على سورية ، هو تمكين نموذج جديد لعلاقات عربية – عربية ، وإسلامية – إسلامية متناحرة ومتصارعة على قصص تاريخية فارغة كتبها المؤرخون الصهاينة مباشرةً أو بالوكالة لمنع أي توحد إقليمي تحت أي مسمى حفاظاً على تفوق الكيان الصهيوني على جواره المتجانس تاريخياً واجتماعياً، وجاء خطاب القسم ليؤكد على العروبة كمنقذ لكل أنواع التشرذم والتناحر المصطنع بقوة الغباء المحلي وبتأثير الدولار النفطي المعد بعناية فائقة كعنوان للخيانة التي اشتهر بها ملوك وأمراء الجزيرة العربية ، وطريق لتجريد العرب من هويتهم القومية وإنهاء تواجدهم الفاعل على الساحة الإقليمية والدولية ، وأكد السيد الرئيس بشار الأسد من جديد على أهمية احتضان القضية الفلسطينية كقضية مركزية للعرب والمسلمين ، وهذا كله من الثوابت الوطنية السورية التي حملت هموم العرب ودافعت عن مصالحهم وقضاياهم بنفس القوة وربما أكثر من دفاعها عن المصالح الوطنية والذاتية.

  شكلت لوحة حضور مهرجان القسم صورة ناصعة البياض عن وحدة الدم والفكر والتراث السوري ، وترسيخ الوحدة الوطنية بكل أبعادها الطبيعية المنسجمة شعباً وجيشاً وأرضاً ، وهي من الثوابت الوطنية المقدسة التي حافظ عليها السيد الرئيس من خلال سياسته الحكيمة والشجاعة ، معلناً للقاصي والداني بأن الدولة السورية محمية بإرادة شعبها الصامد ، وقوية بتضحيات أبنائها البررة ، وعصية على الأعداء مهما غيروا من جلودهم وخططهم وأدواتهم ،  وإن مقومات الصمود السوري مستمرة ودائمة ومبنية على أسس راسخة من الإيمان بعدالة الموقف وقدسية القضية ، حيث قال سيادته :  ” البلاد ليست بمساحتها أو عدد سكانها أو أموالها ونفطها ، البلاد ببعدها الحضاري والثقافي ، وبدور شعبها التاريخي وبالسيادة والإرادة لمواجهة تحديات الحاضر ولصناعة المستقبل”.

   محمد عبد الكريم مصطفى

  الخطاب لامس مشاعر المواطنين بصدق وشفافية ، وعكس صعوبة الحالة المعيشية اليومية التي يُعاني منها كل مواطن سوري في داخل الوطن وخارجه ، ووضع البلسم على الجرح لتتمكن الحكومة المنتظرة من تحويله إلى خطة عمل حقيقية قادرة على النهوض بالواقع السياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي لمجتمع واسع تعرض لتشويه القيم الأخلاقية والإنسانية لمدة أربعين شهراً متواصلة وصل معها إلى حد الكفاف ، فمن المهم جداً والواجب التحول الفعلي من الخطاب النظري ورفع الرايات الوهمية إلى مرحلة العمل الفاعل والمنتج في معالجة كافة القضايا الحياتية ، والشعب السوري الذي صمد وناضل وانتصر في معركة الوجود يستحق حكومة ومؤسسات مختلفة كلياً عما عهده خلال الأزمة وما قبلها ، حكومة وإدارات وقيادات ميدانية جديدة مخلصة لدماء الشهداء ولتضحيات كل شرائح الشعب السوري ، ومتجردة من الأنا الذاتية والمصالح المشتركة ، من خارج الصور الملمعة إلكترونياً ، حكومة تمتلك إرادة إنجاز إستراتيجية خطاب القسم ضمن فترة زمنية قياسية بعيداً عن الدراسات واللجان التي يأكلها الزمن ، هذا هو المتحول الذي ينتظره الشعب السوري بكل فئاته ومناطقه..