line1اخترنا لك

سورية تنقذ العالم من الأحادية القطبية

لعقود ثلاثة خلت، استباحت أميركا العالم عبر مجلس الأمن وخارجه، وشنت الحروب ودمرت الدول وشردت شعوبها، نفذت ذلك كله تحت عناوين وتلفيقات كاذبة من قبيل حقوق الإنسان والحرية والديمقراطية إلى ما هنالك من معزوفات النفاق الغربي. ولكن أميركا اصطدمت عبر قيامها بالعمليات الهجومية في سياق المشروع الصهيوأميركي المستبيح للحقوق والكرامات والسيادة الوطنية اصطدمت بالمقاومة ومحورها في الشرق الأوسط ذاك المحور الممتد من إيران شرقا إلى الساحل الشرقي للمتوسط عبر سورية التي شكلت حلقته الوسطى وقلعته المنيعة فقررت تدميرها واقتلاع الصخرة التي تسد طريقها إلى نظام عالمي أحادي القطبية.
وكان على سورية أن تكون وفية لتاريخها الوطني والقومي ولإرثها الإنساني، فقررت الدفاع واستعدت لتقديم ثمن الصمود رغم علمها بكلفته المرتفعة، قررت ذلك لأن الخيار الآخر كان يعني الاستسلام والهوان وهو أمر لا يمكن أن يتلاءم مع ذاك التاريخ العربي السوري المضيء، ولا مع طموحات الشعب السوري ونزعته إلى الكرامة والعنفوان ومع هذا الإصرار دارت المواجهة بين معتد يريد اغتصاب الكرامة والحقوق، ومدافع لا يعبأ بثمن يدفعه في سبيل إنقاذ الوطن، وحفظ الكرامة الإنسانية.
والآن بعد نيف و30 شهراً من المواجهة البطولية والصمود السوري الأسطوري الذي أبدت فيه سورية ومعها الشرفاء من هذا العالم بدءاً بحلفائها في محور المقاومة والجبهة الدولية بالقيادة الروسية، بعد كل هذا مع ما رافقه من قتل وتدمير وتشريد للشعب لسوري، وإنهاك للقدرات الوطنية السورية، يبدو أن النتائج بدأت تظهر، وقد يكون القرار 2118 الذي صدر عن مجلس الأمن في شأن السلاح الكيمياوي السوري أول الغيث والمظهر المؤكد لفشل العدوان على سورية ونجاحها في رسم مسار جديد للحراك الدولي والعلاقات الدولية، قرار يمكن أن نتوقف عند بعض العناصر الأساسية فيه التي تؤكد أن العالم بات أمام عهد جديد لا ينتمي إلى عصر الأحادية القطبية والهيمنة الأميركية حيث إن في القرار أكثر من إشارة إلى التراجع الأميركي والتقدم نحو التوازن الدولي منها:
■ الفشل الغربي في اعتماد القرار تحت الفصل السابع بما يتيح لها استعمال القوة وتكرار التجارب التي نفذتها في أفغانستان والعراق وليبيا، حتى إن الإشارة إلى الفصل السابع جاءت من قبيل لزوم ما لا يلزم ولم تقدم للغرور الأميركي شيئاً يعول عليه.
■ إخفاق الغرب في إسقاط الحكومة والنظام في سورية لمصلحة الجماعات المسلحة التي استعملتها في العدوان على سورية، وجل ما تمكنت منه هو إدخال السوريين من هذه الجماعات إلى مؤتمر جنيف 2 أما غير السوريين وهم الأكثرية من المسلحين فلن يكون لهم دور أو محل في مستقبل سورية خلافاً لما تشتهي أميركا واتباعها وخاصة دولة التكفير الوهابي.
■ إخفاقهم في تبرئة الجماعات الإرهابية المسلحة التي أوجدوها وأرسلوها إلى سورية، فشلها في تبرئتها من الجرائم التي تقترفها في سورية واضطرارها إلى مخاطبتها بالقرار 2118 كمرتكب محتمل أو مفترض لجرائم ترتكب على الأرض السورية.
■ اضطرار أميركا للتراجع عن فكرة العدوان والتهديد به، والقبول بمرجعية مجلس الأمن الحصرية للنظر في سلوك الدول ومسار تنفيذ الاتفاقات الدولية.
هذا غيض من فيض الملاحظات الأولية التي تسجل انطلاقاً من القرار 2118، الذي يعتبر البداية التي تكتب من الميدان السوري في نظام عالمي جديد غابت عنه الأحادية الأميركية لمصلحة التوازن الدولي على أساس المجموعات الإستراتيجية المتعددة. وهو أمر ما كان ليحصل لو لم تصمد سورية في دفاعها وتقدم هذا الحجم الهائل من التضحيات من أجل حريتها وحرية العالم الذي يشهد اليوم بدايات تفلته من الأحادية الأميركية الاستعمارية.