قصة بطولة

شامة فخر في جبين الأمة.. العميد عز الدين حسن ياغي شهيدا كرمى طهر الوطن

خير المطالع تسليم على الشهداء، أزكى الصلاة على أرواحهم أبدا، فلتنحن الهامات إجلالا وتكرمة، لكل حر عن الأوطان مات فدى…

في الصفوف الأولى

الشهيد العميد شرف عز الدين حسن ياغي من محافظة طرطوس، قرية المزرعة، حدثتنا زوجته هدى حسن بدموع الفخر وغصة الألم على فراقه، وبعد أن لملمت أحزانها وكفكفت دموعها: كان الشهيد ياغي قائد كتيبة، قائدا ميدانيا في الصفوف الأولى، متقدما على جنوده، والشهيد البطل من مرتبات الفرقة التاسعة، خاض أعتى المعارك وأشدها على كامل مساحة الوطن الحبيب ومنذ اندلاع الحرب الظالمة، حيث كان له شرف قتال المجموعات الإرهابية التكفيرية في ريف درعا من الحراك والغاريات الشرقية والغربية إلى الكرك والنعيمة، خدم الشهيد ياغي باللواء 52 في درعا الذي استولى عليه الإرهابيون وذلك في 9/6 / 2016، كما ندب إلى الفيلق الخامس اقتحام.. انتقل وجنوده إلى تدمر لمتابعة مسير العمليات العسكرية، وخاض عمليات عديدة، كان له الفضل بتحرير مثلث تدمر، ذهب إلى محافظة الرقة لتحقيق الإنجازات وسحق الإرهابيين، خاض معارك الرقة كلها، إضافة إلى دير الزور ريفا ومدينة والميادين والبوكمال، كما كان له شرف القتال في محافظة حماه وتحرير قرى عديدة من ريفها الواسع مثل معان وتل عدس …

أوسمة عز وفخر

تعرض الشهيد ياغي لثلاث إصابات وذلك أثناء تأدية مهامه، مرتين في درعا، وكانت بكتفه دخل على إثرها مشفى الحراك وبقي أياما حتى تحسن، وأخرى في الميادين بدير الزور حيث دخلت رصاصة بيده ورجله وذلك إثر انفجار عبوة ناسفة، بقي أسبوع بالمشفى الوطني بدير الزور، كما انفجر فيهم لغم بحلب ودخل إلى المشفى العسكري بحلب وبقي يومين ثم عاد إلى أرض المعركة.

التحام قل نظيره

كان الشهيد يرفض المكوث في المشفى مهما كانت الإصابة وكان جل تفكيره حال عناصره، كيف يقاتلون ..؟  أين هم الآن …؟ حسب ما أفادت به زوجته، وأضافت: وحتى الإجازة التي كان ينزل بها إلى عائلته كان يشعر بالندم والذنب، وعندما يسمع أن أحد جنوده استشهد كان يقطع الإجازة ويترك المنزل ويلتحق بمهامه… كان قائد كتيبة المشاة في درعا، كانت لديه خبرة قتالية عالية في الميدان، كان يجمع جميع الطوائف على سفرة واحدة ويتناول طعامه مع جنوده.

 

قصة صمود اللواء 52

لم تستطع زوجة الشهيد إكمال حديثها، فتابعت ابنتها شذا التي أخبرتنا عن قصة صمود والدها وجنوده في اللواء 52 التابع للفرقة التاسعة بمدينة الحراك في درعا، حيث بقي اللواء محاصرا خمس سنوات، لم نر والدنا سوى مرة كل سبعة أشهر، وفي طريق إجازته كان الطريق “زخ من الرصاص” من قبل إرهابيي جبهة النصرة والجيش الحر، بصعوبة كبيرة وبالغة كانوا يستطيعون أن يخرجوا من الحراك، وفي عام 2015 تم خرق اللواء 52 وانسحب الكثير من الضباط والعناصر إلا الشهيد ياغي أبى الانسحاب وبقي صامدا، نزل بخندق وكان المسلحون جانبه فاعتقدوا أنه منهم، وكان الشهيد مهيئا ليقتل نفسه حتى لا يتم أسره من قبل التكفيريين …بقي يمشي داخل الخندق، وتابع زحف في الأراضي إلى أن وصل إلى أراضي زيتون، مشى بين مجموعتين إرهابيتين، ثم ما لبس أن أدرك الإرهابيون أنه ليس منهم، فركض الشهيد وباتوا يرشوا عليه الرصاص ويضربوا القنابل العنقودية، وكان البطل ياغي متعب صحيا حيث كانت لديه سماكة على القلب ومعه جيوب وارتفاع بالضغط.. ومن شدة أصوات الانفجارات لم يعد يحتمل فوقع أرضا، وفي هذه الأثناء كان أحد الجنود يلبس لباس النصرة وكان راكبا دراجة آلية، قضى على العديد من المسلحين من جبهة النصرة وأرداهم قتلى، وأثناء الطريق وجد الجندي العميد ياغي مرمى أرضا فوضعه على الدراجة وأخرجه من اللواء، وبدأ الإرهابيون يرشون عليهم لكن “بقدرة قادر” لم تصبهم رصاصة… وفي الطريق وجدوا سيارة بيك آب فـأرسل الجندي العميد إلى مشفى السويداء فدخل قسم الإسعاف، كان وضعه الصحي متعب للغاية، بقي في المشفى يومين ثم خرج إلى مطار الثعلة بريف السويداء للقتال حيث كان المطار يشهد اشتباكات وهجمات من التكفيريين.

وأفادت شذا عن حادثة استشهاد والدها البار فقالت: استشهد العميد ياغي يوم الجمعة بتاريخ 12 / 1 / 2018  أثناء تأدية مهامه القتالية في إدلب، تلة الزرزور، حيث كان يقف أعلى التلة يوزع جنوده لإتمام المهمة لكن اليد الآثمة كانت أقوى من تنسيقات القائد، فرمت المجموعات الإرهابية والأتراك قنابل صاروخية وهاون، فدخلت ثلاثة شظايا في صدر الشهيد وقلبه وخاصرته، نال شرف الشهادة مع 28 من جنوده… وقبل استشهاده كان في إجازة بيننا وما إن أتاه خبر: ” بأن سبعة من جنوده استشهدوا” حتى ترك المنزل والتحق بالميدان.

ثناءات وأوسمة

لم يكن يطلب والدي سوى نصرة وعزة سورية والشهادة والحمد لله نالها بعد إنجازات عديدة مشرفة في درعا وكامل مساحة الوطن، نال ثناءات عديدة من وزارة الدفاع إضافة إلى ستة أوسمة من الفيلق الخامس من روسيا، كرمه العميد سهيل الحسن رغم أنه لم يكن من ضباطه وذلك لشهامته ورجولته.. كان يحق له التسريح بسبب وضعه الصحي لكنه فضل قتال أعداء الله والإنسانية.

 عائلة تهوى ثرى الوطن

يكفي فخرا أن الشهيد من عائلة تقدس تراب الوطن وتدفع الغالي والنفيس من أجل كرامته وكرامة أبنائه، نوري ياغي، أخ الشهيد عز الدين، التحق بقوات الدفاع الوطني منذ بداية الأحداث، كما له أبناء أخ في الجيش وهم : المقدم مازن ياغي وهو بالفرقة الرابعة، وعلي وجيه ياغي متطوع، وقصي ياغي عسكري احتياط، وفادي ياغي احتياط، و باسل محمد احتياط، كما أن للشهيد ابن أخته في صفوف الجيش السوري وهو العقيد المهندس سالم حسين وأخوه وسيم حسين.

والجدير ذكره أن الشهيد العميد شرف ياغي كان محبوبا من قبل جنوده وحتى أقاربه وأبناء قريته، حتى أن الإجازة التي كان يأتي بها إلى منزله لرؤية عائلته كان يقضيها مع جميع من يحب ويحبونه، والشهيد البطل من مواليد 1963، وله من الأبناء ثلاثة، شعيب وشذا ويوسف .

رحم الله شهيد الوطن العميد شرف عز الدين ياغي وجميع شهداء سورية…لأرواحهم الطاهرة ألف نور وسلام ولنا بهم العزة .

البعث ميديا || طرطوس- دارين حسن