مساحة حرة

“غزو” سورية.. انتحار طوعي للغزاة

البعض يريد غزو سورية مباشرة براً، بعد 5 سنوات من الفشل الذريع والتحشيد البشري ضد الدولة الوطنية السورية من بقاع الأرض الأربع، وبعد كل ما هدروه من اموال وأسلحة وتدريب وإعلام .. وماء وجوه (إن توفرت على شيء من كرامة أو حكمة أو حصافة أو وطنية أو إيمان أو حسن تقدير).

أرادوا سورية قاعاً صفصفاً، أرضاً محروقة، ذلك أن من يريد الإستيلاء على نظام حكم ما او تغييره في أي إتجاه افضل أو أسوا، يحرص على الإبقاء على الإنجازات والموارد والمقدرات ليرثها هو أو هم، ويحرص على كسب الناس ولو زيفاً والى حين، والظهور ولو كذبا ونفاقاً في حالة افضل مما هو قائم، ولكن أولئك أرادوا إسقاط سورية، وتحويلها إلى حال أسوا من دولة فاشلة وإعادتها الى مجاهل التاريخ بكل ما فيه من تخلف وتذابح وتشرذم دون أدنى مقومات.

لكن الذي حدث أن سورية صمدت رغم كل الجراح والآلام والضحايا والخسائر، والتف حول الدولة أغلب السوريين حتى من كان متردداً أو مضللا، فيما فقدت العصابات الإرهابية التكفيرية الوهابية والإخونية أغلب البطانات الحاضنة،وتوجه العديد ممن وقفوا فترات ضد الدولة مصالحين ومندمجين في بنيتها ضد الإرهاب ومصنعيه ومموليه .

ولم يقتصر التحول على الداخل، فقد انتصرت جهات عديدة لصالح سورية بشكل أقوى عما كان عليه الحال في البدايات دولاً وقوى، فيما إنكفأت عنهم جهات كانت تقف بقوة شديدة لصالح من يفكرون بغزو سورية الآن،وحرصت الدول الغربية الكبيرة المتآمرة على سورية، الظهور علنا بشكل مختلف،ولكن مراوغ،تحت تأثير المتغيرات على الأرض في سورية والإقليم .

هؤلاء المراوغين يضعون قدما مع الحل السياسي ظاهراً، والقدم الأخرى باتجاه تسعير الحرب على محور المقاومة وساحته الرئيسة سورية، ودعم أولئك  المشهرين صفاقتهم،ومضيّهم  الطوعي نحو نهايات انظمتهم.

الولايات المتحدة الأمريكية ومعها عواصم أوروبية غربية كبرى، توصلت إلى قناعة مفادها  بأن التابعين من الجهات المعادية لسورية، ليست جديرة بشيء،لا من حيث قدرتها على تحقيق الأهداف النهائية في سورية،ولا من حيث إحداث تغييرات جوهرية في بناها السياسية والاجتماعية والثقافية على الطريقة الغربية .. فهي من وجهة واشنطن وعواصم الغرب الرئيسة باتت تشكل عبئاً عليها غير محتمل، ولا تريد في آن تحمل أكلاف إسقاطها، ولا إنتصار محور المقاومة عليها (بالضربة القاضية).

وبذلك فالأفضل بالنسبة للمحور الغربي بقيادة واشنطن، زج أؤلئك المتباهين بتخلفهم، في حرب برية تسقطهم، وتكبد محور المقاومة  أكبر قدر ممكن من الخسائر،رغم علمها الأكيد بان هذا المحور هو المنتصر، ولكن إشغاله في الحرب يخفف من اهتماماته الأخرى، كل في مجاله، وهو انشغال مفيد ولو مؤقتاً للغرب،ريثما يخرج من أزماته المتعددة،لكن الحسابات الإستراتيجية تشير إلى أن محور المقاومة سيكتسب خبرات عسكرية وستجعله التحديات أقوى (إيران مثلاً)، فضلا عن ارتدادات الإرهاب الفار من المنطقة نحو الغرب، والتي نرى مقدماته.

يريد الذين يهددون بغزو سورية،الخروج من أزماتهم بنقلها إلى خارج حدودهم، حيث بدأت حروبهم الدينكوشوتية ترتد عليهم داخل أراضيهم، وحيث باتت (دولهم) مهددة بالتفكك، و(فكرهم) الوهابي والإخوني بالتعري،وحيث تكشف عدائهم للإسلام بذريعة الإسلام، وارتباطهم المشين بالغرب وفي خدمته، وبهذا فإنْ هم أشعلوا النار أكثر مما أوقدوا، فلأنها سهامهم الأخيرة، علهم يُذهبوا عبثاً ؛ عن انفسهم اليقين بالزوال.

ولا بد أنهم سيدفعوا قواعدهم البسيطة المضللة المؤمنة، للموت دفاعاً عن قياداتهم الإرهابية التي ملأها الرجس والغدر والعمالة والضلال، تحت مسمى الشهادة وحوريات العين والدفاع عن الإسلام، فيما تلك القيادات الإرهابية تختبيء في جحورها، وقد انتفخت بطونها وأوداجها من مال حرام، وقد انتهكت الحرمات واغتصبت الحرائر من نساء المسلمين من كل المذاهب ومن أتباع ديانات أخرى.

بكلمات، انا شخصيا، أتمنى أن تبلغ الجهالة والحماقة والصلف حده عند من يهددوا بغزو سورية براً، ومن يحرضهم على ذلك من خارج المنطقة، لاستكمال الدرس الذي لم يقدروا على فهمه، ولم يسعوْا للخروج من ورطتهم باقل قدر من الخسائر، ليس لشيء، وإنما للحفاظ على ما لديهم، والتخلص الآمن من لعب الغرب بهم والضحك على ذقونهم.

 

محمد شريف الجيوسي