مساحة حرة

في الذكرى التاسعة والستين لعيده.. الجيش العربي السوري في أم المعارك

    لم يعد الأول من آب مجرد ذكرى تقليدية يتم خلالها إحياء عيد ميلاد الجيش الوطني في سورية الذي تم إنشاء لبنته الأولى في الأول من آب عام 1945 حيث اعتمد هذا التاريخ عيداً رسمياً للجيش العربي السوري ، بل وجب علينا ونحن نعيد إحياء الذكرى التاسعة والستين أن نُعطي المناسبة حقها التاريخي والإنساني من خلال التركيز على المعاني النضالية والأخلاقية والدور البطولي الذي قام به الجيش العربي السوري في أم المعارك دفاعاً عن عقيدته “وطن شرف إخلاص” ، والإشارة  إلى ما قدمه الجيش الوطني من بطولات وتضحيات وإنجازات فاقت كل التوقعات التي يُمكن أن يقوم بها جيش محترف تقليدي في أي بلدٍ من العالم ، وأن تكتمل صورة الأول من آب كموعد مقدس يتم التعبير فيه على الساحة الوطنية شعباً ودولة ومؤسسات وجغرافيا عن الاعتزاز والفخر والشموخ بجيش الوطن الذي حمى وحدة سورية وصانها من الانهيار في حرب كونية قذرة استخدمت فيها كل الوسائل الممكنة لإسقاط سورية الدولة والدور ، لقد حمى الجيش العربي السوري البلد ومثلها أفضل تمثيل من خلال وحدته وتكافله وتعاونه مع القوى الوطنية والشعبية في كافة المناطق السورية لمنع انهيار الدولة ، لقد أثبت الجيش العربي السوري لمدة ثلاث سنوات ونيف قدرة خلّاقة في مواجهة أبشع حرب عرفها التاريخ الحديث ضد دولة بكل مكوناتها الرسمية والشعبية وضد وجودها وكيانها , استطاع خلالها وبسرعة مذهلة التأقلم مع طبيعة المعركة التي اعتمدت أسلوباً مختلفاً كلياً عما هو متعارف عليه في المعارك الحدودية الخارجية ، وتمكن من ترويض طبيعة المعركة بما يتناسب مع الأهداف الأساسية لخوضها ووضع نصب عينيه هدفاً أساسياً هو التفوق والانتصار دون غيره وقد حقق النصر المذهل على أدواتها المدربة أفظع تدريب ، حيث تمكن هذا الجيش العظيم من تحصين وحدته الداخلية الكاملة من خلال التركيز على عقيدته الوطنية والقومية ورفع الحالة النفسية والمعنوية لعناصره والتعالي على الحالة الذاتية ، ومنع انزلاقهم في مستنقع العواطف الأسرية والقبلية والإقليمية والمذهبية وقد نجح في ذلك نجاحاً باهراً ، فتحولت الحالة الوطنية العالية إلى قوة دافعة في معركة إثبات الوجود وقضية أمة لا مساومة عليها وقد استبسل عناصره من كل المحافظات السورية في معركة الدفاع عن الدولة ومؤسساتها الرسمية وعن الشعب بمكوناته المختلفة ، حيث لعبت وحدة الجيش وقوة تماسكه دوراً بارزاً ساهم في منع سقوط المجتمع السوري بحرب أهلية أرادها الأعداء لإنهاء الوجود والدور السوري في المنطقة والعالم .

  لقد أثبت الجيش العربي السوري براعة مطلقة في السيطرة على الأرض من خلال خطط إستراتيجية كانت مدروسة بدقة ومفاجئة للأعداء ومن يخطط لهم في غرف العمليات المظلمة خلف الحدود ، وتمكن من تحقيق إنجازات ضخمة خلال العام الماضي والعام الجاري قادت إلى تحرير مناطق واسعة من الجغرافية السورية كان الإرهابيون يعتبرونها أوكاراً محصنة وعصية على الاختراق ومن المستحيل اقتحامها من أي قوة في العالم ، بينما خلال ساعات أو أيام قليلة كانت قوات الجيش العربي لسوري تدكها وتجعلها مجرد أطلال يتحدث عنها الإعلام الغربي المعادي لسورية بأنه انسحاب تكتيكي في حين كانت هزيمة كبيرة للإرهابيين وانهيار لإمبراطورية الوهم التي كانت تحتل أدمغة الأعداء وأدواتهم ، وقد اعتبرها المحللون الإستراتيجيون معجزة تاريخية تخطاها الجيش العربي السوري الباسل بحكمة وحنكة عسكرية عالية  .

   يرى المتابعون بأن الصورة التي قدمها الجيش العربي السوري في معاركه ضد الإرهاب سبقت وتفوقت على كل ما خططته لها مراكز الأبحاث الغربية المعادية لسورية ، بل تمكن هذا الجيش العظيم من رسم الخطط المعاكسة بعلمية وواقعية أفشلت جميع الخطط المعادية وأبطلت مفاعيلها ، وقد أكدت بعض مراكز الأبحاث بأن الجيش العربي السوري أنشأ إستراتيجية خاصة به في حرب العصابات انطلاقاً من الواقع ، سيكون لها مساحة واسعة من الدراسة والتدقيق في أكبر مراكز البحث العسكرية العالمية ، وستُدرس كخطط إستراتيجية هامة في مواجهة الإرهاب والعصابات الإجرامية الخارجية والداخلية .

  لقد حققت سورية انجازات سياسية هامة خلال الحرب عليها رغم قسوة تلك الحرب وشراستها وتنوع أدواتها ، فقد تمكنت القيادة والحكومة السورية من تعديل الدستور والاستفتاء عليه شعبيا ، إضافة إلى إصدار العديد من المراسيم والقوانين العامة وكان أهم إنجاز هو الانتصار السياسي الكبير في انتخاب الدكتور بشار الأسد رئيساً للجمهورية لولاية دستورية جديدة في انتخاباتٍ متعددة ديمقراطية ، حيث قال سيادته في خطاب القسم الذي أداه في السادس عشر من تموز الماضي : ” لولا دماء الشهداء والجرحى وعائلاتهم الصابرة الصامدة العاضة على الجرح ..لولاهم جميعاً لما حمينا البلاد والدستور والقانون والمؤسسات وبالتالي سيادة الدولة ..ولما كنا هنا نتحدث هذا اليوم ..منهم تعلمنا وما زلنا معاني البطولة والتضحية والثبات ..ومنهم نستمد القوة والقدرة ..وبعظمتهم ووطنيتهم صمد الوطن ..” ، لذلك سورية بشعبها  ومؤسساتها مدينة لتضحيات وبطولات الجيش العربي السوري وقوات الدفاع الشعبية في كل انتصاراتها السابقة والقادمة .

 بهذه المناسبة العظيمة نقدم تحية محبة وإجلال واحترام لعناصر قواتنا المسلحة الباسلة ضباطاً وصف ضباط وأفراد ، ولقوات الدفاع الوطني الذين قدموا التضحيات الجسام في الذود عن وحدة وسيادة سورية ، والتحية الأكبر لأرواح أشرف الناس وأنبل نبي البشر شهداؤنا الأبرار مشاعل النور على طريق النصر وللجرحى والمصابين ” الشهداء الأحياء ” الذين استبسلوا فظفروا ..

 

محمد عبد الكريم مصطفى