مساحة حرة

في الذكرى الـ 46 لتأسيس الجبهة الوطنية التقدمية.. المراجعة والتجديد سمات المرحلة القادمة

 بعد ست وأربعين سنة على تأسيس الجبهة الوطنية التقدمية في سورية، يبدو سؤال المراجعة والنقد لازماً وملحاً، وتبدو الحاجة إلى إعادة قراءة مفردات المجتمع السياسي في سورية، وإعادة تعريف وتأصيل دور الجبهة الوطنية التقدمية وأحزابها مسألةً غايةً في الأهمية، خاصة أن الجبهة شكلت رئة الحياة السياسية السورية مدة نصف قرن تقريباً، وأنها على الرغم مما قيل بشأنها من نجاح وإخفاق، فقد استقطبت اهتمام السوريين على اختلاف ميولهم وخياراتهم السياسية، وشكلت علامة بارزة في الحياة السياسية السورية.

ولأن لكل تجربة عريقة جماليتها المتفردة عن غيرها، فإن سؤال المراجعة والنقد هنا يستدعي أسئلة فرعية تطال صلب الحياتين الحزبية والسياسية، وتستفهم حول من منهما تتقدم الأخرى وتؤثر فيها، وتنزاح نحو ملامسة رؤى أحزاب الجبهة للتجربة نفسها، ولجهة وضع اليد على الانفراجات والصعوبات، ولماذا نجحت هنا وأخفقت هناك، ولتنطلق بعدها نحو سؤال منطقي متوقع، وهو، كيف يمكن تطوير هذه التجربة، وماذا ينبغي أن تفعل القيادة المركزية للجبهة وأحزابها لجهة تجديد أدبيات الجبهة وأدبيات الأحزاب نفسها، ودورها ومهامها في النظام السياسي السوري بكل تجلياته، التشريعية والتنفيذية، وما يتعلق منه بالجانب التنويري والنهضوي، وما يتطلبه الجانب الاقتصادي والخدمي من حضور للأحزاب والجبهة على صعيد الاقتصاد الوطني وملامسة مؤشرات الدخل والنمو وإعادة الإعمار، وفوق هذا وذاك، على الصعيد الوطني ذاته، ولجهة التصدي لكل من يعبث بالخريطة الوطنية الجامعة، والسؤال المهم هنا، هو كيف استقرأت أحزاب الجبهة سنوات العدوان العجاف السبع، وماذا فعلت من فعل نضالي حداثوي وتنويري بوجه التكفير الظلامي.
هذه الأسئلة، وغيرها، كانت محل حوار طاولة مستديرة في مقر الجبهة الوطنية التقدمية لمناسبة الذكرى الـ/46 لتأسيسها في الـ7 من آذار 1972 وجمع عدداً من الأمناء العامين لأحزاب الجبهة ومن قيادات مكاتبها السياسية، وهم السادة صفوان قدسي الأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي العربي، وعمار بكداش الأمين العام للحزب الشيوعي السوري، وصفوان سلمان رئيس المكتب السياسي للحزب السوري القومي الاجتماعي /المركز/ والدكتور إياد عثمان الأمين العام لحزب الاتحاد العربي الديمقراطي، وخالد العبود عضو المكتب السياسي لحزب الوحدويين الاشتراكيين، والدكتور عبد اللطيف عمران المدير العام لدار البعث، وعدد من كوادر الجبهة، وكعادتها في تسليط الضوء على العمل الحزبي الجبهوي، فقد كانت “صحيفة البعث” حاضرة، وسجلت ما جرى.

بين التأصيل والتجديد
تتسم أدبيات الجبهة الوطنية التقدمية بالحداثة والتنوير، وتجري منذ سنة تقريباً جهود تقوم بها القيادة المركزية للجبهة ونائب رئيس الجبهة والأمناء العامون للأحزاب على شكل مراجعة نقدية للجبهة، على صعيد ميثاقها وأهدافها ومهماتها على الصعيد الوطني والقومي والدولي ونظامها الأساسي ومكوناتها ومؤسساتها ومهام رئيس الجبهة والقيادة المركزية وقيادات الفروع والمكاتب.

عن قضية التأصيل والتجديد لأدبيات الجبهة، يقول الأستاذ صفوان قدسي: مع أن تجربة الجبهة الوطنية التقدمية تجربة متفردة على مستوى بلدان العالم، وأنها أمضت ما يقارب نصف قرن من عمرها، إلا أن محاولات تطويرها لم تتوقف كلما استدعت الضرورة لذلك، وعلى هذا الأساس نعمل منذ سنة على تطوير أدبيات الجبهة وميثاقها الذي سيصدر قريباً، ونرى أن صيغة الجبهة الوطنية التقدمية هي الصيغة المناسبة لممارسة الحياة السياسية في سورية، وتحت رعاية واهتمام رئيس الجمهورية السيد الرئيس بشار الأسد، ونرى أنه يجب التركيز على تعميق مفهوم الثقافة الجبهوية داخل المجتمع، ولأن صيغة الجبهة الوطنية التقدمية هي صيغة متقدمة للعمل السياسي.
ويضيف، من المهم الإشارة هنا إلى أن الإعلان عن تأسيس الجبهة كان في 7آذار1972 وأنه كان قبل إقرار دستور عام 1973 ولذلك فإن دستور عام 1973 جاء كما يؤكد نائب رئيس الجبهة الأستاذ عمران الزعبي كاشفاً لوجود الجبهة بالمعنى القانوني وليس منشئاً لها، وهذه مسألة مهمة يجب التعريف بها.
وبتابع، من المهم الإشارة إلى أن الجبهة تستعيد دورها الآن وأن أحزاب الجبهة تتعاون في عملها كفريق واحد داخل إطار القيادة المركزية للجبهة، وعلى مستوى قيادات فروع الجبهة في المحافظات، كما يجري العمل على تعديل النظام الأساسي للجبهة بما يتوافق مع متطلبات العمل الجبهوي في المرحلة القادمة، وهناك استعدادات تجري لعقد مؤتمر الجبهة في نيسان القادم على مستوى المكاتب السياسية لأحزاب وقيادات فروع الجبهة التقدمية في المحافظات.

بدوره، الأستاذ عمار بكداش اعتبر أن السؤال المهم في عملية تجديد أدبيات الجبهة الوطنية التقدمية، هو: كيف يمكن تنشيط التعددية الحزبية في ظل الظروف الحالية، وكيف نمارسها، ونوجهها نحو ملامسة قضايانا والتعبير عن آمالنا وطموحاتنا، وكيف نمارس الحياة الحزبية، اليوم وغداً وفي المستقبل؟.
ويضيف، إن العمل الحزبي هو التواصل مع الناس في مكان من سورية، ونقل همومهم ومعاناتهم إلى دوائر صنع القرار على المستوى التشريعي والتنفيذي وكل مستويات النظام السياسي الوطني السوري لمعالجة تلك الهموم، خاصة وأن الدستور الحالي الذي جرى إقراره عام 2012 وقانوني الأحزاب والانتخابات تعطي الأحزاب الوطنية هذا الحق وبصفتها تمتلك الحضور الشعبي والتمثيلي داخل مؤسسات النظام السياسي، ولذلك نعمل داخل الجبهة على أن يلبي تعديل ميثاق الجبهة ونظامها الأساسي القيام بهذه الواجبات الوطنية لأحزاب الجبهة.

من جانبه، الأستاذ صفوان سلمان، يرى أن ظروف العدوان على سورية، والمعركة المصيرية التي تجري بين القوى التقدمية اليسارية والقوى الظلامية التكفيرية تستدعي من القوى والأحزاب الوطنية وخاصة أحزاب الجبهة أن تقرأ الحاضر وعينها على المستقبل، وأن تتعاون أكثر، لأنها في معركة وجود مصيري، ما يستدعي بالضرورة، تطوير وتجديد الجبهة، سواء على مؤسسة الجبهة ذاتها، أم على مستوى أحزابها.
ويضيف، إن أحزاب الجبهة تمثل التيارات الفكرية السياسية في سورية، وإن المسألة المهمة اليوم هي أن هذا التحالف الحزبي الذي يتميز بأفقه الوطني هو أمام امتحان كبير، وأن كل المؤشرات تكشف أنه سينجح فيه، وسيكون له دوره الكبير في بناء سورية المتجددة.

بدوره، الدكتور إياد عثمان يؤكد أن الجبهة الوطنية التقدمية أغنت الحياة الحزبية والسياسية السورية، وأوجدت حالة استقرار ونهوض تنموي واقتصادي وانعكست إيجاباً على حياة كل السوريين، وهي نموذج وطني خالص نابع من خصائص الحياة السياسية السورية ويلبي متطلباتها، وإن جهودنا التي تنصب من عدة أشهر على تطوير الجبهة تنطلق من واقعنا الراهن ومراعاة كل المستجدات التي حدثت، خاصة وأن تواصل الأحزاب مع الناس هو المعيار الأول حضورها الشعبي، والموجه الأساسي لنشاطها عل كل المستويات، ونأمل ونعمل على أن ينعكس تعديل ميثاق الجبهة إيجاباً على عمل لجان الجبهة بشكل أساسي كونها على تماس مباشر مع الناس.

من جانبه، الأستاذ خالد العبود اعتبر أن صيغة تحالف أحزاب الجبهة لم تأخذ حقها التاريخي الوطني، ومع أنها ذات تاريخ براق ومشرف ومثمر، إلا أنها تعرضت لقراءة غير منصفة وفهم خاطئ في بعض الأحايين، مبيناً أن جهود تطوير ميثاقها ستنعكس إيجاباً على الجبهة وعلى الأحزاب ذاتها.
ويضيف، أسال نفسي عند الحديث عن الجبهة، هل هي تحالف وطني أم سياسي، وأجيب أنه لو عدنا إلى مضامين الدستور السابق، لوجدنا أن هذه الصيغة الوطنية تتقدم على ما عداها، وأن مؤسسة التحالف الحزبي الوطني، أي الجبهة الوطنية التقدمية كانت خطوة هائلة متقدمة إلى الأمام، وأنها ارتبطت بقضايا وعناوين كبرى في سورية، موضحاً أن من سيعمل على تدوين هذه المرحلة من تاريخ سورية سينصف الجبهة، وسيجد أنها كانت تحالفاً وطنياً وليس سلطوياً، وأنها كانت تحالفاً غير كلاسيكي وغير تقليدي، وأنها كان تحالفاً مرناً مطواعاً قابلاً لأن يتجاوب مع الظروف اليومية والإستراتيجية، ويكفي أن نفكك مفردات الصراع الدائر على سورية، لنجد أن أحزاب الجبهة بتياراتها القومية والناصرية والشيوعية كانت الحامل الأساسي للتحالف الوطني المدافع عن سورية، فيما كانت الأحزاب الدينية والتكفيرية والتيارات الإسلاموية السياسوية هي الحامل الأساسي لحمل السلاح والعدوان على سورية.

بدوره، الدكتور عبد اللطيف عمران اعتبر أنه مع بدء قراءة متجددة لأدبيات الجبهة الوطنية التقدمية وتعديل ميثاقها، فإن الحاجة ملحة إلى تطوير العمل الحزبي ودور الأحزاب في الحياة السياسية وفي ميادين العمل الفكري والاقتصادي والاجتماعي والتنويري، ولأن السؤال الملح الآن، هو كيف نطور في نموذجنا السياسي ومجتمعنا السياسي، وكيف تساهم الأحزاب اليسارية والناصرية والقومية في هذا النموذج الوطني، وهي الأحزاب التي تمثل أطياف المجتمع السياسي السوري، كما أنه من المهم أن نتحدث بكثافة عن الحياة الحزبية وعن الحياة السياسية وعن المشتركات بينهما ومن منهما تتقدم الأخرى وكيف يمكن لهما أن يطورا في بنية مجتمعنا السياسي، كما أنه من المهم الإشارة إلى أن الحياة السياسية في سورية قد سبقت الحياة الحزبية والأحزاب، وأنه يجب أن نثري الحياة الحزبية في إطار النظام السياسي الوطني، ولأن هذا العمل سيؤدي إلى تقوية دور الأحزاب في المجتمع.
ويتابع، لقد سمعنا عن تعديل ميثاق الجبهة، ومن المتوقع الإعلان عنه قريباً، وهو أمر مهم لأحزاب الجبهة في إطار المراجعة والنقد، ولجهة أنه إعادة تعريف وتأصيل مفهوم التعددية الحزبية الذي تنعمنا به سنوات وعقود في سورية، ومن أجل البناء عليه للحاضر والمستقبل.
ويواصل، كلكم يتذكر دور الجبهة خلال العقود الماضية في صنع القرار السياسي والوطني، وفي اختيار مرشحي الأحزاب إلى شغل المهام والمسؤوليات في المركز والأطراف، ومن المهم اليوم، على ضوء تعديل ميثاق الجبهة أن نواصل هذا الحضور الوطني.
ويلفت الدكتور عبد اللطيف عمران النظر إلى مسألة مهمة في إطار تجديد الأدبيات الحزبية، وهي انفتاح حزب البعث على الاستفادة من مساهمة من يرغب بتجديد أدبيات حزب البعث، وبصرف النظر عن انتمائه الحزبي، وأن العديد من الوطنيين وغير البعثيين أسهم في إغناء أدبيات البعث، وأن أدبيات البعث كانت منجزاً وطنياً قبل أن تكون منجزاً حزبياً، وأن هذا الأمر كان معمولاً به طوال العقود الماضية، وحتى اليوم.

الدفاع عن سورية
قضية ثانية احتلت مكانا لافتاً في الحوار، وهي دور الأحزاب الوطنية وخاصة أحزاب الجبهة في مواجهة الإرهاب والعدوان الإرهابي التكفيري الذي يستهدف سورية.
ومن المهم هنا الإشارة إلى أن الدور النضالي العسكري لأحزاب الجبهة لم يأخذ حقه من تسليط الضوء الإعلامي وربما الجماهيري، ومع أن أحزاب الجبهة قدمت شهداء وجرحى وجابهت المجموعات الإرهابية في العديد من المواقع، إلا أن رؤية أحزاب الجبهة كانت تنطلق دائماً من منطلق وطني، وأن دورها النضالي هنا هو دور وطني وليس حزبياً، وأن منتسبيها ممن استشهد أو أصيب أو ما يزال قابضاً على السلاح في مواقع المواجهة مع المجموعات الإرهابية، إنما هم سوريون وطنيون قبل أن يكونوا حزبيين شيوعيين أو ناصريين أو وحدويين أو قوميين سوريين أو بعثيين.

عن هذه القضية، يقول الأستاذ صفوان قدسي: ليس سراً أن نقول أننا أسسنا “قوات رديفة من أعضاء الحزب للقتال إلى جانب الجيش العربي السوري، لكننا لم نرغب بالحديث عن ذلك، واعتبرنا ذلك شأناً وطنياً وليس حزبياً، ولقد دافعنا عن سورية وكنا متواجدين عسكرياً في جبهات عديدة، وقضى شهداء من حزبنا وأصيب آخرون في المواجهة مع المجموعات الإرهابية، إضافة إلى أننا وباقي أحزاب الجبهة نقوم بنشاطات عديدة وندعم جرحى الجيش وشهدائه ونشاطات أخرى تنويوية وثقافية تحت عنوان مواجهة الإرهاب، ولا نعلن عن غالبيتها لأن هدفنا هو القيام بها وليس الترويج لها.

بدوره، الأستاذ عمار بكداش اعتبر أنه طالما يوجد جيش وطني قوي قادر على صد العدوان مثل الجيش العربي السوري، فإنه ليس من مهمة الأحزاب أن تؤسس فصائل مسلحة تقوم بأعمال عسكرية، لكن على الحزب الشيوعي هنا أن يدفع أعضائه نحو الانتساب إلى صفوف الجيش العربي السوري للدفاع عن سورية.
وبتابع، لقد قمنا بزج كل من نعرفه من أعضاء حزبنا في صفوف الجيش العربي السوري، ولنا شهداء وجرحى قاموا بواجبهم، وهناك زملاء لهم يواصلون المسيرة.

من جانبه، الأستاذ صفوان سلمان يقول: لقد عملنا في الحزب على التصدي للإرهاب من خلال وسائل وأدوات مختلفة، سواء عبر الدفع بأعضائنا داخل جسد الجيش العربي السوري ليقوموا بدورهم الوطني، أو عبر الحالة التنويرية وإعادة تشكيل الوعي عند البعض ممن تعطل تفكيرهم وأصبحوا وقوداً بيد الطرف الآخر ليدير حربه علينا.
ويضيف، لقد قدم حزبنا شهداء وجرحى على امتداد خريطة الوطن، وكان حزبنا حاضراً في التصدي العسكري منذ بداية الحرب ولا يزال، ولقد استبسل أعضاء الحزب في مؤازرة الجيش العربي السوري ضد التنظيمات الإرهابية.
ويتابع، سنواصل تمسكنا داخل الحزب بخيار المقاومة فكرا ونهجاً في واجب الدفاع عن سورية إلى جانب جيشنا العربي السوري ضد قوى الإرهاب والصهيونية والرجعية، وفي معركة صراع الوجود المستمر من أجل سورية، وهي معركة مفتوحة مستمرة لتحرير الأراضي العربية المحتلة.

من جانبه، الدكتور إياد عثمان يقول: لقد دافع حزبنا عن الوطن طيلة السنوات الماضية، وعبر أشكال مختلفة، كما ساهمنا في جهود الدفاع عن سورية خلال السنوات السبع الماضية، وقدمنا شهداء، وقمنا بنشاطات عديدة على مستوى دعم الجيش كحملات التبرع بالدم لجرحاه، وزيارة جرحى الجيش وزيارة عائلات الشهداء وتقديم الدعم المادي لهم، وبالمحصلة، فإن كل جهود تقوم به الأحزاب هنا هو جهد وطني.

بدوره، الأستاذ خالد العبود، يشير إلى أن الطرف الآخر الذي يحمل السلاح على سورية هو تيار تكفيري واحد مهما اختلفت مسمياته، وأن كل السوريين، سواء أكانوا حزبيين بالعضوية أم لا، قد انخرطوا في الدفاع سورية وبمواجهة هذه المجموعات الإرهابية، ولذلك، فإن قيمة الصمود والنضال والشهادة تقاس على أنها وطنية أكثر مما تقاس على أنها حزبية، ولقد دافع حزبنا عن سورية، ودفعنا كسوريين ثمناً غالياً، ونحن على أبواب النصر.

الإعلام الحزبي الجبهوي
لطالما شكل الإعلام الحزبي في سورية حالة نهوض وطني، وعكست أوراقه السمر ونوافذه الالكترونية قضايا الوطن والعروبة والقومية وتحرير فلسطين وصراع الحرب الباردة والقطبية وسجالات الأيديولوجيا والعولمة ونهاية التاريخ، مثلما عكست قضايا التنوير والحداثة وضرورات تجديد الخطاب الحزبي والجماهير، وقد احتل الحديث بشأن دور وسائل إعلام أحزاب الجبهة جانباً مهماً من حوار أمناء أحزاب الجبهة.
يقول الدكتور عبد اللطيف عمران: إذا كنا نعمل على تطوير مجتمعنا السياسي، فإن مؤشرات قياس ذلك لابد أن تبرز أول ما تبرز في أداء وسائلنا الإعلامية داخل دار البعث، وأعني بها صحيفة البعث ومركز الأبحاث واستطلاع الرأي والمواقع الالكترونية في الدار، حيث نعمل على أن يكون تطوير مجتمعنا السياسي حاضراً بأطيافه الحزبية العديدة والغنية والمتنوعة في مواد الأخبار والتحليلات والدراسات المنشورة وزوايا الرأي وكلمة البعث، ونوجه محرري الدار نحو طرح مفردات مجتمعنا السياسي وجعلها مادة للحوار والتصويب، وأننا بقدر ما ندعم الدولة ومؤسساتها في كل مادة إعلامية، بقدر ما نوجه النقد البناء لحالات الخلل، وبوصلتنا هنا هي الوطن والمواطن وتوجيهات الأمين القطري لحزب البعث العربي الاشتراكي، السيد الرئيس بشار الأسد.
ويضيف، إن أول ما نفكر به في طرح قضايانا الوطنية والقومية، هو التشاركية بطرحها مع أحزاب الجبهة وكوادرها، ولقد فعلنا ذلك على مدى سنوات طويلة، وخاصة خلال سنوات الحرب، وقد أسهمتم معنا في أحزاب الجبهة في كل نشاط وندوة وحوار وطني وحزبي وفكري وحواري ومعيشي واقتصادي وخدمي وثقافي قمنا به في صحيفة البعث ومركز الأبحاث، وتحت عناوين وطنية، وقد لقيت مشاركاتكم كل التقدير والاحترام، ومنكم من قدم نقداً لتجربة الجبهة، وقد لقي هذا النقد الترحيب والمعالجة، ولأن هدفنا أن نعزز الإيجابيات وأن تلافى الأخطاء التي تقع.
واليوم نجدد تمنياتنا بأن تواصلوا هذه المشاركة التي نستفيد منها جميعنا وسواء في الندوات أو مقالات الرأي والحوارات في النسخة الورقية لصحيفة البعث والمواقع الالكترونية في الدار.
ويتابع، إن النقطة الأهم في العمل الحزبي عامة وفي عمل الإعلام الحزبي خاصة، هي وضع هدف واضح، وخطة عمل لتنفيذ ذلك الهدف، ونحن كمؤسسة إعلامية في حزب البعث نعمل على تحقيق أهدافنا، ونتطلع إلى توسيع الآفاق بين أحزاب الجبهة وكوادرها ووسائلها الإعلامية، وهذا أحد توجهاتنا على صعيد العمل الإعلامي والحزبي الجبهوي.

بدوره، الدكتور أياد عثمان تساءل لماذا لا تحظى بعض نشاطات أحزاب الجبهة بالتغطية الإعلامية وخاصة المرئية، ومع أنها نشاطات وطنية بالدرجة الأولى، ذلك أن أحزاب الجبهة تقوم بالعديد من الفعاليات الوطنية في العديد من المناطق وخاصة الفعاليات التي تدعم جهود الجيش العربي السوري في مواجهة الإرهاب.
ويضيف، نعمل من خلال وسائل إعلامنا والإعلام الوطني وخاصة مواقع التواصل الاجتماعي على كسب الرأي العام وتوضيح حقيقة ما يجري في سورية، ونرى أن يجب الاستفادة من مواقع التواصل ومن الصحف وكافة الوسائل الإعلامية.

من جانبه، الأستاذ عمار بكداش يرى أن الإعلام الحزبي يحتاج إلى إحداث نقلة نوعية، وأن يتناول قضايا الناس بشكر أكثر، وأن صحيفة البعث وعلى الرغم من كونها صحيفة حزب البعث إلا أنها كانت خلال العقود الماضية صحيفة أحزاب الجبهة أيضاً، وقامت بتغطية نشاطاتها وفعالياتها، وهي صحيفة تعبر عن التعددية الحزبية ومنبر لكل أحزاب الجبهة، مبيناً أن مشاركتنا في كل نشاطات دار البعث تأتي انطلاقاً من تقديرنا لدورها في التعريف بأحزاب الجبهة وقضاياها ونشاطاتها الوطنية.

بدوره، الأستاذ خالد العبود وبصفته أمين سر مجلس الشعب، يقول: من الأهمية بمكان تطوير عمل الإعلام الحزبي، لكن يجب الإشارة إلى أن صحيفة البعث قد قامت بدور كبير في هذا المجال، وخاصة خلال سنوات العدوان الحالي.
ويضيف أنه في الأشهر الأولى من بدء العدوان على سورية، وحين كانت بوصلة البعض تشوبها انحرافات مقصودة، فقد بادرت صحيفة البعث إلى نشر لقاءين معي كانا على درجة كبيرة من الأهمية، وجرى فيهما طرح قضايا وطنية وحزبية، وقد جرت هذه المبادرة حين كان هذا البعض يغرق في أوهام كاذبة.

المشاركة في العمل السياسي
تمارس أحزاب الجبهة العمل السياسي من خلال ممثليها في السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية والإدارة المحلية في دمشق والمحافظات، وتعد مشاركتها في أعمال مجلس الشعب المشاركة الأبرز لها، وذلك لما تقدمه الأحزاب من أطروحات وطنية، ونقد لعمل الحكومة وجهود في العمل على تحسين مستوى معيشة السوريين، ودعم الجيش العربي السوري بوجه الإرهاب.

وعن هذه القضية، يقول الأستاذ عمار بكداش الذي يرأس لجنة القوانين المالية في مجلس الشعب: تعمل جهودنا داخل مجلس الشعب على تشريع القوانين التي تخدم المواطن السوري ونقوم بنقد عمل الحكومة والسلطة التنفيذية على مستوى مجلس الوزراء ومستوى الوزارات وسلطات الإدارة المحلية، ومع أن تمثيلنا في المجلس لا يزيد عن بضعة أعضاء، إلا أنه تمثيل فاعل، ويحظى باحترام كل من يتابعنا، إضافة إلى جهودنا داخل مجلس الوزراء من خلال ممثلنا فيه.

بدوره، الأستاذ صفوان سلمان يشير إلى أن تمثيل الحزب في مجلس الشعب هو تمثيل جيد، ونعمل على أن نقدم رؤيتنا من كل مشاريع القوانين المطروحة، وهي رؤية تنحاز إلى المواطن، وتعمل على تحسين ظروفه المعيشية.
ويضيف، لقد شاركنا في المنافسة على انتخابات منصب رئيس مجلس الشعب قبل أشهر، من خلال مرشحنا، وبالرغم من معرفتنا أن فرص النجاح ضئيلة، إلا أن هدف مشاركتنا كانت من أجل تقديم إشارة للسوريين بأنه توجد حالة تنافسية داخل المجلس ومن أجل اختيار المرشح الذي يحصل على أكبر قدر من الأصوات.

من جانبه، الأستاذ صفوان قدسي يبين أن حزبه يشارك في العمل السياسي، وأن ممثلي الحزب في البرلمان والحكومة يعملون على تقديم رؤية الحزب في كل القضايا المطروحة.
ويضيف أن حضور الحزب في باقي مفردات الحياة الوطنية السياسية هو حضور لافت في المنظمات والنقابات وسلطات الإدارة المحلية، وأن أول سيدة يتم اختيارها لتولي مهمة رئيس بلدية في سورية كانت من عضوات الحزب.

التجديد داخل الأحزاب
مع صدور قانون الأحزاب عام الأحزاب عام 2013 عملت أحزاب الجبهة على إعادة توفيق أدبياتها وحياتها التنظيمية مع مستوجبات هذا القانون، وعقدت مؤتمرات عامة، وقدمت رؤى تطويرية جديدة تتصل بكيفية ممارسة الحياة الحزبية والسياسية الوطنية في سورية.

وعن هذه القضية، يقول الأستاذ صفوان قدسي: لقد رحب حزبنا بصدور قانون الأحزاب، ووجد فيه منفعة كبيرة للحياة السياسية، وقد قمنا بتكييف أوضاعنا مع مواد القانون، مبيناً أن الحزب أدى خلال سنوات العدوان على سورية دوراً نضالياً لافتاً، ومن المهم الإشارة هنا إلى أن الكتلة التنظيمية للحزب كانت متماسكة بالكامل، وقد حافظت لجنتنا المركزية على وحدتها، وواصلت نشاطها السياسي والشعبي والميداني، وعقدت اجتماعاتها بشكل دوري، وكان آخرها في أيلول 2017 حين تم الإعلان عن السعي لتعزيز دور الحزب على المستوى الشعبي والسياسي.
ويضيف، سوف نحتفل في تموز القادم بالذكرى الرابعة والخمسين لتأسيس حزبنا الذي نشأ عام 1964 وكان رداً على انفصال الوحدة بين سورية ومصر، كما كان حزبنا مشاركاً في العمل السياسي خلال فترة الستينيات، وكان في صف واحد مع حزب البعث العربي الاشتراكي، ودعم حزبنا قيام الحركة التصحيحية، ولقد استمر هذا التعاون مع الإعلان عن تأسيس الجبهة في آذار 1972 وهي الصيغة التي شكلت حالة جديدة للعمل السياسي في سورية، وكان حزبنا هو الأول بعد حزب البعث العربي الاشتراكي في الدعوة لقيام الجبهة.

بدوره، الأستاذ صفوان سلمان يشير إلى عراقة مسيرة الحزب القومي السوري الاجتماعي في الحياة السياسية، فهو من أقدم الأحزاب في سورية، وقد تأسس عام 1932 وينطلق في أهدافه من مرتكزات أساسية وإصلاحية، حيث تتصل المرتكزات الأساسية بقضايا السيادة القومية للأمة والوطن، وتتصل المرتكزات الإصلاحية بإصلاح المجتمع ونهوضه وتحقيق العدالة الاجتماعية.
ويضيف، لقد شهد حزبنا خلال تاريخه محطات نضالية وفكرية لافتة، وكان لديه مفكرين ومبدعين دافعوا عن سورية وساهموا في نهضتها، وكان لديه مقاومين وشهداء رووا بنضالهم ودمائهم تراب الوطن دفاعاً عن سيادته ووحدته وكرامته.

من جانبه، الأستاذ خالد العبود يقول: لقد تأسس حزب الوحدويين الاشتراكيين في الأول من تشرين الثاني من عام 1961 بعد الانفصال بين سورية ومصر، وكان الرد على الانفصال سبباً أساسياً لتأسيس الحزب، وناضل حزبنا طيلة العقود الماضية في الدفاع عن قضايا السوريين في مختلف المواقع، وقد شهدت السنوات السبع الماضية حضوراً لافتاً للحزب.
ويتابع، نعمل بشكل مستمر على تطوير أدبيات حزبنا، وعلى أن تصب في منتجها الأخير في صالح الوطن والمواطن.

كلمة أخيرة
بدأت الجبهة الوطنية التقدمية منذ سنة تقريباً جهداً لافتاً على صعيد إعادة قراءة دورها السياسي وتجديد أدبياتها بالتوافق مع متطلبات قانون الأحزاب ومع مستوجبات المرحلة الحالية، وتقوم القيادة المركزية للجبهة الوطنية التقدمية ونائب رئيس الجبهة الأستاذ عمران الزعبي والأمناء العامون بهذه الجهود وتحت رعاية رئيس الجبهة رئيس الجمهورية السيد الرئيس بشار الأسد.
وسيشمل التعديل وضع صيغة جديدة لميثاق الجبهة، وبما يعبر عن نمط التعددية الحزبية والسياسية في سورية ومهام الأحزاب والمنظمات الشعبية المنضوية فيها، ودورها الوطني والإقليمي والدولي، وبهدف مواصلة تجربتها والمساهمة في بناء سورية، وهو ما أكده السيد الرئيس بشار الأسد رئيس الجمهورية بقوله: “إنّ جبهتنا الوطنية التقدمية نموذج ديمقراطي تم تطويره من خلال تجربتنا الخاصة بنا، وأدت دوراً أساسياً في حياتنا السياسية، ووحدتنا الوطنية، والآن أصبح من الضروري أن نطور صيغة عمل الجبهة بما يستجيب لحاجات التطوير الذي يتطلبه واقعنا المتنامي على كل المستويات”.
وتضم القيادة المركزية للجبهة الوطنية التقدمية في عضويتها كل من الأحزاب والمنظمات التالية:
– حزب البعث العربي الاشتراكي
– حزب الاتحاد الاشتراكي العربي
– الحزب الشيوعي السوري
– الحزب الشيوعي السوري الموحد
– حزب الوحدويين الاشتراكيين
– حركة الاشتراكيين العرب
– الحزب الوحدوي الاشتراكي الديمقراطي
– حزب العهد الوطني
– حزب الاتحاد العربي الديمقراطي
– الحزب السوري القومي الاجتماعي – المركز
– الاتحاد العام لنقابات العمال
– الاتحاد العام للفلاحين
– الاتحاد الوطني لطلبة سورية.

عمر المقداد