ثقافة وفن

كارو أراراد: لا بديل عن الممثل السوري .. و”درامانا” تخطت الأزمة بنجاح

تفوق كبير ورؤية واضحة المعالم، استطاع صاحب الجذور الموغلة في التاريخ من حجز مكانة له ليس في سورية وحسب، بل على مستوى الوطن العربي، فهو القادر على إدارة أعمال درامية بمشاركة نجوم عرب، بل وعلى نيل الجوائز عليها أيضاً.

ثقة ونجاح وقدرة تحليلية عالية للفن والحياة، بهذه الكلمات يمكن وصف المخرج والممثل السوري كارو أراراد، فهو الإنسان والفنان ثنائي الجذور والانتماء، فسورية وأرمينيا متلازمان في هويته وهواه.

للحديث عن أعماله وآرائه بالحياة والفن، كان لنا حوار مع المخرج والممثل السوري كارو أراراد.

بدايةً تحدث المخرج السوري كارو أراراد عن نظرته للفن إن كان رسالة أو تسلية، فهو يعتقد أنه دمج بين التسلية والرسالة، و”الشاطر” حسب تعبيره من يوظف هذا الموضوع في الاتجاه الذي يريد وبالطريقة التي يرغب، بأن يوصل الرسالة أو الفكرة التي يريدها عن طريق التسلية والترفيه.

وتابع أراراد: أساس التلفاز في زمننا هو التسلية، ومن خلاله نمرر الرسائل التي نريد، دون أن ننسى أن الإعلام والتلفاز تمثل جهات مختلفة، سواء حكومية أو خاصة، والتي بدورها تمرر مشاريعها ضمن البرامج والمسلسلات، إذ أصبح التلفاز عبارة عن نقل رسائل، سواء كانت مبطنة أو واضحة أو بين السطور.

وعن الأعمال العربية المشتركة، إن كانت ضرورة أو موضة، أوضح أراراد أنها الاثنان معاً، فهي ضرورة لأن أغلب القنوات الخليجية واللبنانية ترتكز على الممثلين السوريين ويتم “التسلق على أكتافهم” إن جاز التعبير، فالدراما الخليجية قبل أربع أو خمس سنوات لم يكن لها وجود إلا نادراً كأن نجد عملاً لها في العام بشهر رمضان ويتم عرضه خارج أوقات ذروة المشاهدة.

وتابع موضحاً: لكن بالفترة الأخيرة وبعد نجاح الدراما السورية أصبح يتم استقطاب المنتجين والمخرجين والكتاب السوريين مع وضع ممثلين خليجيين تحديداً، وبعض المصريين، ويتم إنجاح العمل على هذا الأساس.

وتابع أراراد أنه أصبح هناك ضياع في الدراما والمواضيع المقدمة التي شتتت المشاهد لكنه مع ذلك يبقى ضرورة، فأكثر القنوات التي تدفع هي قنوات دول الخليج هذا واقع لا يمكننا التغافل عنه، حسب قوله، فإلاعتماد على السوق السوري أو اللبناني خسارة لأن العمل الدرامي حالياً يكلف مابين المليون والمليون ونصف المليون دولار بينما التلفزيون السوري أقصى ما يدفعه هو ثمانية مليون ليرة سورية.

وأكد أراراد: أصبحت اللعبة الآن كيف نلعبها ونوظفها بالشكل الصحيح، بأن يستفيد الجميع منها سواء الممثل والمخرج والكاتب أو المشاهد، فليس من الخطأ أن نقدم جو من الألفة يعمل بها الممثلين أو أن نقدم خلطة عربية، لكن بالتأكيد ليس بأن نضع أب سوري وأم مصرية وأبن يتكلم اللهجة اللبنانية فهذه خلطة سخيفة لا قيمة لها، بل أن يكون هناك عمل عربي مشترك بطريقة مدروسة، أي محبوك درامياً بشكل صحيح كرصد حياة العائلات السورية الصرفة التي تعيش في دول الخليج أو مصر أو الأردن مثلاً.

ولدى سؤاله إن كان هناك خوف على الدراما السورية ضمن تحديات الحرب، قال أراراد: لاشك أنه كان هناك خوف، وأنا أشدد على كلمة كان، فالدراما السورية استطاعت تخطي الأزمة بنجاح، والشعب السوري شعب ذكي قادر أن ينصف الموهوب وأن يكشف المتسلق او الدخيل ، فخلال الأزمة شاهدت أعمالاً درامية مهمة جداً وبالمقابل كان هناك أعمال سخيفة لدرجة أن قبل الأزمة لم نكن نرى هكذا أعمال أو ما كان يُسمح بها.

وتابع: الكثير من الكوادر المهمة خرجت من سوريا خلال الحرب لأسباب كثيرة إن كان نتيجة رأي سياسي أو اجتماعي، فلكل منهم ما يكفيه من المبررات والأعذار لخروجه من المشهد الدرامي السوري، وهذا خلق فراغ كبير في الكوادر الفنية، في الوقت نفسه هناك من أثبت نفسه بإمكانيات بسيطة، فأنا مع مقولة أن “الانسان يُخلق فناناً، لا يتعلم الفن بل يُضبط الفن”، وهناك من لم يستطع إثبات نفسه رغم ما أتيح له من إمكانيات ضخمة.

كما شدد أراراد أن الدراما السورية في أوجها رغم كل الصعاب ومحاربة بعض القنوات الفضائية للمنتج السوري، ورغم الحصار والحرب والهجوم الإعلامي على الممثلين الذين وقفوا مع البلد، رغم كل ذلك استطاعوا كسر هذه الحواجز وتقديم دراما، ذلك لأن الشعب السوري شعب خلاق قادر أن يقدم من لاشيء شيء، حسب تعبيره.

وأوضح أراراد أنه كما الحرب تخلق أمراء حروب ومتسلقين وغوغائيين كذلك المأساة تخلق مبدعين وشعراء وكتاب، وتابع: لاخوف على الدراما إذ لا غنى عنها في الفضائيات فهي الأساس  والأعلى مشاهدة شاء من شاء وأبى من أبى، فالدراما السورية هي أكثر دراما واقعية تلامس هموم المجتمع والحقيقة، إلى جانب هذا هناك تفوق الممثل السوري الذي لا يضاهيه أحد من حيث الجودة والثقافة والتكنيك العالي بتقمص الشخصية، وأضاف: ليس لأنني سوري أقول هذا، لكن لا بديل عن الممثل السوري حقيقةً، وأكبر دليل على ذلك أننا نحن من روج الدراما التركية وغيرها بلهجتنا السورية، فتخيلي هذه الأعمال بلهجة خليجية ما فلن يحضرها أحد لأن اللهجة لها أساس والإيقاع السوري لا مثيل له أبداً.

أما بالنسبة لتعدد الثقافات، باعتباره سوري أرمني، وإن ساعده هذا التعدد في فنه، أجاب: لا شك أنه يساعد، فأنا جامع بين سوريتي وأرمنيتي، تعدد الثقافات مهم جداً للانسان لأن يكون خلاق ومبدع وألا يفكر بطريقة واحدة، إذ من المهم جداً أن يكون الانسان منفتح فأول خطوة تتعلميها من التعدد هي تقبل الآخر وألا يكون لديك كراهية أو حقد، وتخرجك من القوقعة وتريكِ العالم بنظرة مختلفة،  فهذه الفروقات بالدين والطائفة يتم تجاوزها نتيجة هذا التعدد.

وتابع: فهذا التعدد بالثقافات والأديان طبيعي جداً في سوريا، فهي بلد فسيفسائي بامتياز يجمع بين مختلف الأطياف والديانات، وهذا التنوع الكبير لا تجديه إلا في سورية، فما يجمعنا حقيقة هو الوطن.

وأضاف أراراد: هذا التعدد يجعلني أفكر مرتين، مرة بسوريتي ومرة بأرمنيتي، وفي النهاية سنجتمع على نقطة واحدة هي حب الوطن والوطن، وبالنسبة للجائزة التي نالها عن مسلسل “مدينة النانرج”، الذي حصد عدة جوائز، قال أراراد أنها تعطيك دافع ليكون لديك طموح أكبر ولأن تجتهد أكثر على نفسك، لأن وصولك لهذه الجائزة هي خطوة أولى لأن تكمل المسيرة، فالوصول للنجومية سهل لكن الاستمرارية فيها هي الصعبة.

أما عن أعماله القادمة، قال أراراد أنه سيبدأ تصوير مسلسل بعنوان “جنون الشهرة”، من تأليف الكاتب العربي الكبير هاني السعدي، وبطولة نخبة من نجوم الوطن العربي، وهو عمل يتناول الوسط الفني، وسيتم تصويره في الأردن.

كما أعرب أراراد أنه سيقوم بتصوير عمل كوميدي مع شركة “قبنض”، وسيتم تصويره في دمشق، مضيفاً: هذا العمل الأول لي كمخرج في دمشق وهو عمل كوميدي مهم، وطموحي أن أحقق فيه نقلة نوعية للكوميديا بإذن الله.

وتابع: فالدافع الأكبر أنه أول عمل لي في سورية بعد غياب ست سنوات، وإلى جانب الممثلين السوريين سيكون هناك ممثلين من لبنان ومصر والأردن، الأمر الذي سيكون سابقة فمنذ ست سنوات لم يأتِ ممثلين مصريين أو أردنيين إلى دمشق، مشروعي هذا كبير نوعاً ما كدراما وككوميديا تحديداً،  فاستقطاب ممثلين عرب وإدخالهم إلى سوريا والتصوير بهذا الوضع برأيي إنجاز، متمنياً بأن ينجح بهذه المهمة التي اعتبرها مسؤولية كبيرة بأن يقدم عمل في بلده سورية، معقل الدراما، حسب تعبيره.

إلى جانب ذلك، من المقرر أن يبدأ أراراد العمل على فيلم مصري بعد الانتهاء من مسلسل شركة “قبنض”، مشيراً إلى كثافة أعماله لهذا العام، وتابع: مسلسل “مدينة النانرج” بعرضه على 25 محطة فضائية استطاع أن يقدم شيء لغارو أرارد المخرج، إذ استقطب كبار المنتجين للتعامل معه وهذا أساس النجاح، موضحاً أن “مدينة النانرج” الذي تم تصويره في الأردن بمشاركة ممثلين من 11 دولة عربية، معتبراً تسويقه على 25 محطة، 15 منها تعرض وقت الذروة إنجازاً يفخر به.