مساحة حرة

كيف نتعامل مع خطاب القسم؟

د. خلف المفتاح

عضو القيادة القطرية

كيف نتعامل مع خطاب القسم الذي ألقاه سيادة الرئيس بشار الأسد في السادس عشر من تموز؟ وكيف نحوّله إلى برنامج عمل، وسياسات؟ كيف نتمثّله سلوكاً عاماً في المؤسسات، والأحزاب، والقوى السياسية؟ كيف نترجمه كأفراد ومواطنين سلوكاً في حياتنا اليومية؟

أسئلة يجب أن تطرح، ونحن ندخل مرحلة جديدة أطلق عليها السيد الرئيس مرحلة العمل، ومرحلة العمل هذه يفترض أن تختلف عن سابقاتها،  كي نؤسس لثقافة جديدة في طريقة التعاطي مع خطب، وكلمات السيد الرئيس بشار الأسد، الأمين القطري لحزب البعث العربي الاشتراكي، رئيس الجمهورية العربية السورية.

إن أهمية خطاب القسم لا تقف عند حدود مضامينه، وفحواه فقط، وإنما من خلال أنه خطاب رئيس الجمهورية في بداية ولاية دستورية، وهذا يعني أن له صفة الإلزام للمؤسسات الحكومية، وسلطات الدولة، وأجهزتها التنفيذية، إضافة إلى أنه خطاب الأمين القطري للحزب، يوجب على المؤسسات الحزبية المختلفة، ومنتسبيها اعتباره دليل عمل مستقبلياً.

إن دور المواطن السوري الشريف في ترجمة الخطاب، وتمثّل معانيه لا يقل أهمية عن دور السلطة التنفيذية، أو القوى الحزبية، لأنه هو الهدف، والغاية، فأمن البلاد هو في النتيجة أمن كل مواطن، وأسرته، واستقرارها هو استقراره، وكرامتها هي كرامته، وخيرها الوفير هو أمنه الغذائي، وسد حاجاته، وتأمين مستلزمات عيشه، وتعليمه، وصحته، من هنا تأتي أهمية تأدية المواطن واجباته تجاه مجتمعه، ودولته، فلا يمتنع عن دفع فاتورة الكهرباء، والماء، أو ما يترتب عليه من ضرائب، أو يتهرب من تأدية الخدمة العسكرية، والقيام بواجباته الوظيفية، إضافة إلى قيامه بواجباته في تربية الأسرة على القيم الأخلاقية، والوطنية، وتكريس ثقافة النزاهة، وحب العمل، والحفاظ على المرافق العامة، وهذا الدور يتقاسمه المواطن مع مؤسسات الدولة التربوية، والثقافية، والدينية، والإعلامية، لنصل إلى مواطن صالح، محب لوطنه، متفان في الدفاع عنه، حريص على المصلحة العامة، منسجم في سلوكه مع الأنظمة، والقوانين، احتراماً لا خوفاً، كما ورد في خطاب سيادة الرئيس بشار الأسد.

لقد كرّس السيد الرئيس في خطابه مساحة واسعة للبعد الأخلاقي، وعدّه من نقاط الضعف التي نفذت منها المؤامرة، وفي الوقت نفسه اعتبر المسألة الأخلاقية أساسية في الخروج منها، والقضاء عليها من جذورها، ليس هذا فقط، وإنما أحال أسباب الفساد، ومنظومته إلى الجذر الأخلاقي، وهذا أمر مهم، لأن الفساد يفسد كل شيء، ويدمر كل بناء، ويسيء إلى أي نجاح كان، على المستوى الوطني بسبب انعكاس آثاره، وأضراره على الجميع، وكيف أن الفساد المالي والإداري يؤدي بالنتيجة إلى الفساد الوطني الذي هو أخطر أنواع الفساد، وأشدها ضرراً، وفتكاً بالوطن، من هنا تأتي أهمية اتباع آلية المعالجة، سواء كانت سابقة، أو لاحقة، وهو ما تحدث عنه سيادته عندما أشار إلى دور التربية، والثقافة، والأوقاف، والإعلام الاستقصائي، إضافة إلى الدور المحوري الأساسي للأسرة، وكذلك دور القضاء، والمؤسسات الرقابية، والتفتيشية، وهنا يبرز تكامل الأدوار في تجفيف منابع الفساد، وإنزال أشد العقوبات بمن يثبت ارتكابهم له.

والحال، إننا أمام خطاب وطني جديد له صفة المشروع الوطني للإصلاح والتغيير الحقيقي، والعميق، وإذا وضعنا ما تعلّق بالسياسة الدولية، والحرب الإرهابية التي تشن علينا جانباً، فإن الواضح تماماً أن الشأن الداخلي احتل المساحة الأوسع في ذلك الخطاب، وهذا يعني أن المهمة الأساسية في تنفيذ مضامينه تقع على عاتق الجميع، أفراداً، وأحزاباً، ومؤسسات، وهذا تحد حقيقي يستدعي التعامل العقلاني، والعملي مع مضامينه بحس عال من المسؤولية الوطنية، والأخلاقية، والقانونية، مع الأخذ في الاعتبار أن ثمة مساءلة، ومحاسبة، ومتابعة، وتقويماً لمن هم معنيون بالتنفيذ، وعلى كل المستويات، وهناك الكثير من المؤيدات لذلك، سواء ما كان منها بيد السلطة، صاحبة القرار، أو القوانين، والأنظمة النافذة، أو المجتمع الذي هو الرقيب الوطني في ذلك، فالخطاب، بالتأكيد، ليس محايداً.

إن أبناء سورية الذين انتخبوا السيد الرئيس بشار الأسد، وبحس عال بالمسؤولية الوطنية، ومنحوه ثقة يستحقها، في ظرف استثنائي، ومفصلي في تاريخ سورية والمنطقة، لن يقصّروا إطلاقاً في أن يكونوا الأدوات الوطنية، النظيفة، المساهمة، والمشاركة في ترجمة ذلك الخطاب، “المشروع” الذي يحمل في طياته رغباتهم، وطموحاتهم، وأمانيهم في الانتصار على  الإرهاب، وإعادة بناء ما تهدّم على المستوى المادي، والمعنوي، لنكون أمام سورية المتجددة بفعل، وإرادة، وعقول، وسواعد أبنائها الشرفاء الذين قدموا الأمثولة في الشهادة، والتضحية، والوطنية، والوفاء، والثبات على المبادىء.

One thought on “كيف نتعامل مع خطاب القسم؟

  • محمد الخطيب

    نعم الخطاب جديد وبحاجة الى عمل وعمل وعمل وصدق مع ذواتنا وترميم الثقة التي اهتزت لدى جماهير نتيجة الفراغ الذي حصل عبر عامين من غياب القيادة القطرية غن مايحصل 0
    ان المناضل ليس كذلك ان لم بتطبيق كل حرف من الخطاب من ألفه إلى يائه دون أي كلام أخر الوقت ضيق والمهام جسام فهل هناك من مجيب والساحات والعمل ينتظرنا

Comments are closed.