مساحة حرة

لماذا “القلق” من مشروع قانون “مجهولي النسب”؟

حين يتعلق الأمر بتقديم “الرعاية” و”الاحتضان” فإن الدولة كالأم التي ترعى كل أولادها، وبصرف النظر عن اختلاف مشاعرها تجاه أحدهم أو بعضهم، وسواء أكان صالحاً، أو جاهلاً، أو طفلاً مجهول النسب لا ذنب له بما كان نتاجه، أو طرفاً فيه.

أسوق هذه المقدمة لمناسبة نقاش يدور هذه الأيام تحت قبة مجلس الشعب وخارجها، بشأن مشروع قانون ينظم تقديم الرعاية إلى مجهولي النسب، ويهدف إلى توفير البيئة التشريعية والإدارية لهم، وتنظيم عمل “أماكن ودور” الرعاية الحكومية والخاصة التي تعمل على احتضانهم وتربيتهم وتعليمهم وجعلهم أفراداً فاعلين بالمجتمع.

وأود أن أشير بداية إلى أن النقاش حول مشروع القانون تحت قبة المجلس هو بالكاد بدأ، وسيأخذ مجمل وقت جلسات الأسبوعين القادمين لإقراره ورفعه إلى رئاسة الجمهورية، أو إعادته إلى الحكومة، مثل المرة السابقة، لمعالجة ما استجد من ثغرات وقضايا على صلة وثيقة فيه.

كما لابد من الإشارة أيضاً إلى أن مشروع القانون كان قد نوقش من قبل لمدة قاربت السنتين في أروقة السلطة التنفيذية، وما بين وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل المعنية أصلاً بالمشروع، والجهات ذات العلاقة داخل بنية الوزارة، ومنها “هيئة شؤون الأسرة”، ومع باقي الوزارات، وخاصة الوزارات ذات الصلة المباشرة مثل الداخلية والعدل والأوقاف، ومنظمات المجتمع الأهلي، و”الجمعيات الحكومية والخاصة” التي ترعى هؤلاء، وبالتأكيد داخل اجتماعات مجلس الوزراء.

 

لكن من هم مجهولو النسب؟

قبل الخوض في القضية والجدل المرافق لها، لابد من توضيح معنى “مجهولي النسب”، حيث يعتقد البعض أن هؤلاء هم تحديداً أولاد زنا، وعادة ما يرافق هذا الاعتقاد سلوكيات خاطئة يمارسها البعض تجاه من يشار إليهم على أنهم “مجهولي النسب”.

والواقع أن “مجهول النسب” توصيف يطلق على الطفل الذي لم يتم التعرف على أحد والديه أو كليهما، وهناك أطفالاً مجهولي النسب لأسباب أخرى، ومنها، لعلة موجودة في الطفل ذاته، أو أن هؤلاء أطفال صغار ضائعون عن ذويهم، أو أن هناك ما يمنعهم من الإفصاح عن نسبهم، إضافة إلى وجود أطفال ولدوا نتيجة حالات اغتصاب ونكاح غير قانوني وغير شرعي قام بها مسلحو التنظيمات الإرهابية خلال سنوات الحرب.

 

أرقام ليست في محلها..

حتى اللحظة لا توجد أرقام دقيقة عن عدد هؤلاء، والسبب هو وجود حالات غير معلنة أو موثقة بـ”الرقم” و”الواقعة” وخاصة في المناطق التي تسيطر عليها المجموعات الإرهابية، ولقد أوضح وزير الداخلية اللواء محمد الشعار خلال جلسة نقاش أولى تحت قبة مجلس الشعب أن عدد حالات مجهولي النسب التي يتم تسجيلها في الشؤون المدنية التابعة للوزارة وفي دور الرعاية هي حالات ليست كثيرة كما يعتقد البعض، وإنما قليلة جداً ولا تتجاوز حالتين أو ثلاثة شهرياً، مبيناً أنه توجد ضوابط وقواعد وقيود حقيقية في الشؤون المدنية بالوزارة بالنسبة إلى تسجيل مجهولي النسب، ومبيناً أن الحاجة استدعت إعداد مشروع قانون يلحظ جوانب هذا الموضوع، ومعتبراً أن الغاية من المشروع إنسانية بحتة.

 

وجهة نظر الوزارة المختصة

يهدف مشروع القانون إلى تهيئة البيئة التشريعية الملائمة لتحديد مفهوم مجهولي النسب وما يتصل بهم، وطرق رعايتهم ليكونوا أفراد منتجين في المجتمع، وسبب ذلك هو الرغبة في معالجة أوضاع هؤلاء منذ الآن، وعدم الانتظار سنوات قادمة، وأيضاً عجز التشريعات والأنظمة الحالية، ومنها “قانون اللقطاء” عن معالجة تعدد حالات هؤلاء، نتيجة تداعيات الحرب على سورية، وفي إطار توجه وطني نحو استبدال هذه التشريعات بقانون يلحظ كل حالات مجهولي النسب، واستبدال عبارة “اللقطاء” بعبارة “مجهولي النسب” احتراماً لخصوصية من يشملهم هذا المفهوم.

وتقول وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل ريمه قادري: إن مشروع القانون يعبر عن حرص الدولة على إضفاء الحماية القانونية والاجتماعية للأطفال مجهولي النسب، منذ الولادة وحتى بلوغ سن الرشد، وتهيئة البيئة التشريعية اللازمة وإعادة تنظيم الأحكام القانونية ذات العلاقة.

وتضيف، إن أهم ما جاء به مشروع القانون هو تكريس مفهوم الرعاية البديلة التي تهدف إلى تحقيق الانسجام مع المتطلبات والتطورات الاجتماعية الطارئة، من خلال توفير سبل الحياة الكريمة لمجهول النسب، وعبر إلحاقه بأسرة تتولى رعايته وتربيته وتدبير شؤونه بعد تنظيم القالب القانوني لذلك، والمجسد بعقد إلحاق يتبعه استصدار صك وصاية يضمن تحقيق الرعاية البديلة لمقاصدها ومراميها، مشددة على أن الأطفال مجهولي النسب هم ضحايا في المجتمع، ويجب تقديم الخدمات لهم وتوضيح الإجراءات المتخذة لحمايتهم من قبل الجهات المعنية ودور الرعاية.

 

الأسباب الموجبة لإصدار القانون

تقول وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في عرضها للأسباب الموجبة لإصدار القانون: لقد مضت سنوات طويلة على صدور المرسوم التشريعي /107/ لعام /1970/ المعروف بقانون “اللقطاء” كما أن أحكام قانون الأحوال الشخصية الصادر بالمرسوم التشريعي رقم /26/ لعام /2007/ والتعديلات الجارية عليه، لم تعد تلبي الغرض المنشود من معالجة أوضاع “مجهولي النسب” وخاصة حماية هؤلاء داخل إطار المجتمع وتوفير أسس الرعاية لهم.

وتتابع الوزارة، إنه حرصاً على إضفاء الرعاية القانونية والاجتماعية لجميع الاطفال، ومنهم مجهولي النسب، فقد اقتضت المصلحة العامة إعادة تنظيم الأحكام القانوية الناظمة لهذا الموضوع، من خلال سن تشريع جديد يكفل توفير الحماية القانونية والاجتماعية المجهولي النسب ويؤطرها في نظام قانوني واضح المعالم، ومحدد الغاية، ومرن في التطبيق العملي لجهة الإجراءات والتنظيم، ويحقق متطلبات الرعاية لهؤلاء، ويوجه نظرة المجتمع نحو هدف أسمى هو تعزيز ثقته بأن يأخذ أفراد هذه الفئة صفة وحكم “الأيتام” وأنهم ليسوا بالضرورة أن يكونوا نتاج علاقة غير شرعية.

 

ماذا يتضمن مشروع القانون أيضاً؟

ورد في الأسباب الموجبة لإصدار مشروع القانون، عرضاً لأهم الأحكام التي تعالج أوضاع هؤلاء بما يتوافق مع الأحكام الدينية السماوية “تأصيلاً وتنزيلاً” من جانب، وبما يتوافق مع قانون الأحوال الشخصية من جانب آخر، واستبدل مشروع القانون عبارة “اللقيط” بـ”مجهول النسب”مراعاة لخصوصية هؤلاء واحتراماً لمشاعرهم، ودعا إلى توفير سبل تنشئتهم دون تمييز عن أقرانهم، وتطوير الدور الموكل لأماكن ودور الرعاية الحكومية بهذا الخصوص.

وأعاد مشروع القانون تنظيم إجراءات تسليم وتسجيل مجهولي النسب، وحدد التزامات الجهات العامة تجاههم، بموجب حقوقهم الواردة أصلاً في الدستور السوري، وهي حقوق المواطنة والتعليم والصحة والتوظيف والمساواة في الحقوق والواجبات.

وأفرد مشروع القانون أحكاماً خاصة بتوضيح مشاركة منظمات المجتمع الأهلي من خلال السماح لها بإحداث دور رعاية خاصة لمجهولي النسب أو التشاركية مع جهات وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في إدارة دور الرعاية الحكومية.

وتعد “الرعاية البديلة” أهم مسألة جاء بها مشروع القانون، والتي تهدف إلى معالجة تداعيات التطورات الاجتماعية الطارئة خلال سنوات الحرب من خلال توفير العيش الصحيح لمجهول النسب، وذلك عبر إلحاقه بعائلة تتولى رعايته وتربيته وتدبير شؤونه انطلاقاً من استصدار صك وصاية يعطيها هذا الحق، ويحقق الرعاية البديلة ضمن الأسرة الطبيعية، وعلى أن تبقى هذه الرعاية محكومة بالضوابط الواردة في قانون الأحوال الشخصية، ومن دون أن تتحول “الرعاية البديلة” إلى إجازة نظام “التبني” أو إحداث تغيير في نظام “النسب” و”الإرث” ومع الاحتفاظ بالحقوق المقررة أصلاً لمجهولي النسب في القوانين النافذة.

وقد حدد مشروع القانون أحكام وشروط الرعاية البديلة وكيفية البدء بها وإنهائها والآثار المترتبة عنها، وكلف لجنة خاصة بمهمة التحقق من ذلك، وأضاف مشروع القانون أحكاماً جديدة تتعلق بحالات ثبوت النسب أو تبني مجهول النسب، وتضمن عقوبات تطال أي مرتكب لفعل جرمي بحق مجهول النسب، أو أي مخالف لنصوص القانون.

وختمت الوزارة “الأسباب الموجبة بالقول: “إن مشروع القانون سيبني نظاماً متكاملاً جامعاً مانعاً لمعالجة أوضاع مجهولي النسب، وسيوائم الأحكام القانونية اللازمة لحماية ورعاية مجهولي النسب وفق القانون والدستور”.

رأي اللجنة المختصة

عادة ما يبدأ نقاش أي مشروع قانون يصل إلى مجلس الشعب بنقاش داخل اللجنة المختصة والتي تجتمع اجتماعات مطولة بحضور الوزير المعنية وزارته بالمشروع المطروح وطاقم الوزارة وخبراء قانونيين واجتماعيين وممثلي كل الجهات ذات العلاقة في باقي الوزارات والمنظمات ومن ترى اللجنة ضرورة حضورهم، وتنتهي الاجتماعات بإعداد تقرير حول مشروع القانون، يعرضه رئيس اللجنة على المجلس تحت القبة للنظر فيه وبالمشروع المقدم، يليه تصويت بالانتقال إلى الخطوة التالية المتمثلة بنقاشه مادة مادة، أو إعادته إلى اللجنة أو الحكومة، والبدء به من جديد.

وهذا ما حدث بشأن مشروع القانون الذي أخذ وقتاً من عمل لجنة حقوق المرأة والأسرة والطفل في المجلس، وكل من شارك بنقاشه وإبداء الملاحظات عليه “شكلاً ومضموناً”.

وبالمحصلة، اعتبرت اللجنة في تقريرها أن مشروع القانون مهم جداً، وأنه من الضروري إقراره، وخاصة في ظل الظروف التي تعيشها سورية، وجراء الحرب عليها، والتداعيات التي نشأت، ما استوجب إقرار صكوك تشريعية تنظم أوضاع “مجهولي النسب”.

ولفتت رئيسة اللجنة سلام سنقر إلى أن هدف المشروع هو أن لا يكون مجهولو النسب عالة على المجتمع، ومع ما يترتب على إحساسهم هذا من سلوكيات خاطئة، مبينة أن مشروع القانون ينظم قضية الرعاية الأسرية البديلة لمجهولي النسب، ويقدم آليات تعالج أوضاعهم، ليكون مجهول النسب عنصراً فاعلاً في المجتمع، ولافتة إلى أن الأوضاع الحالية في سورية تتطلب وجود تشريع قانوني يعالج تعدد حالات مجهولي النسبز

 

نقاشات أولية

لم تكد القراءة الأولى لمشروع القانون تحت القبة تنتهي بموافقة أكثرية الأعضاء على الانتقال إلى مناقشة مواد المشروع مادة مادة، حتى تباينت وجهات النظر، ما استدعى إعادته إلى اللجنة لدراسته وإدخال بعض التعديلات المقدمة من الأعضاء على مضمونه.

 

وجهات نظر..

وهنا أصل إلى عرض الجدل المتعلق بهذا المشروع، وأقول: إنه من الغريب في ظل ما تواجهه سورية من حرب عدوانية غير مسبوقة، وإزاء جهود كبيرة ومتواصلة تبذلها الدولة من أجل إعادة جمع شمل النسيج الاجتماعي السوري تحت مظلة وطنية واحدة، أقول من الغريب أن نسمع البعض يبدي اعتراضاً غير لائق على المشروع كله، وعلى من يشملهم، معتبراً أن مجهولي النسب “عار” على المجتمع، وأنه من “المعيب” على المجلس أن يناقش هذا المشروع، ومن “المعيب” على الحكومة أنها أعدت صكاً تشريعياً بهذا الخصوص، وكان حرياً بالمجلس والحكومة أن يناقشا قضايا أهم.

هذا رأي من جملة آراء سمعتها، ومن المؤسف القول إن أصحابه مسؤولون يشغلون مواقع متفاوتة الدرجة في السلطات الثلاث، وهنا “اتحفظ لنفسي بحق المهنة بعدم الإشارة إليهم اسماً أو تلميحاً” وأود أن أشير هنا إلى أن أصحاب هذا الرأي هم قلة، وأضيف أن بعضهم وصل به الأمر إلى حد خلط كل حالات مجهولي النسب في حالة واحدة، واعتبرهم أولاد زنا ومجرمين وإرهابيين، ودعا إلى رميهم بالبحر، أو نفيهم خارج سورية، ومن دون أن يكلف نفسه لحظة تفكير واحدة بالقضية، والتي هي على صلة بجوانب إنسانية وقانونية واجتماعية ودينية، وحتى من دون أن يتبين له أنه من الأفضل للدولة والمجتمع أن يعالجا هذه القضية الآن، لا أن ينتظرا سنوات، ما قد يجعل بعض مجهولي النسب حالة مرضية وربما عدوانية.

وهناك رأي قريب منه، ودعا إلى التمييز في تقديم الرعاية بين مجهولي النسب بشكل عام، وبين الأطفال المولودين نتيجة حالات اغتصاب أو نكاح غير قانوني وغير شرعي قام بها أفراد التنظيمات الإرهابية، ورأى أصحابه أن الأطفال من هذه الفئة هم مجرمون وإرهابيون منذ الآن، واعتبر أنه من الممكن منح هؤلاء الحقوق والواجبات، لكن من دون منحهم الجنسية السورية، بينما اعترض البعض على هذا التوصيف، ورفض أن يؤخذ هؤلاء الأطفال بجريرة آبائهم الإرهابيين، ودعوا إلى حل المعضلة بطرق واعية وإنسانية، وتربيتهم تربية وطنية صالحة.

وهناك رأي وقف خلف تعاليم الدين، واعتبر أن الدين الإسلامي يرفض حالة “التبني” وما يترتب عنها من حقوق تجوز ولا تجوز، ومنها أن “المتبنى” لا يرث.

فيما هرب البعض إلى الأمام من مجرد التفكير بمشروع القانون، ورأى أن بعض مواد مشروع القانون تعطي الأولوية للأطفال مجهولي النسب على الأبناء العاديين، معتبراً أن الأولوية الآن هي لأبناء الشهداء والجرحى، وكأنه ينكر كل الجهود التي تبذلها الدولة لرعاية أبناء الشهداء.

وبالمقابل، هناك آراء عقلانية، حذر بعضها من التعامل مع مجهولي النسب من منطلق سلبي، أو اعتبارهم منبوذين من المجتمع، ودعا إلى إصدار أنظمة وقواعد قانونية تؤطر أوضاعهم في مجمل الحقوق والواجبات المترتبة لهم وعليهم، وتحديد الجهات المعنية بتوفير الخدمات المقدمة لهم، وتأمين الرعاية اللازمة لهم.

واعتبر رأي آخر أن مشروع القانون يؤكد على سيادة الدولة على إقليمها الجغرافي، ويبرز دورها الرعوي تجاه كافة مواطنيها المقيمين داخل أرضها.

وبالتوازي رأي استند إلى الأنظمة الوقوانين واعتبر أنه يجب تحديد مفهوم الوصاية الوارد في نص مشروع القانون، كون الوصاية لا تمنح إلا بقرار من القاضي الشرعي، بينما “الرعاية” قضية من صلب عمل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل.

رأي أخير، انطلق من توازع إنسانية، وأشار إلى جانب اجتماعي في القضية، وهو وجود عائلات ترعى طفلاً مجهول النسب في سن الرضاعة، فإذا أرضعته الزوجة فإنه يصبح ابناً لها بالرضاعة، ويصبح زوجها أباً له بالرضاعة، وتصبح بناتها أخواته، ومن هنا فإنه لا مشكلة بأن ترعاه الأسرة بعد سن البلوغ لوجود حرمة الرضاعة، ويتم ذلك بقرار من القاضي الشرعي.

 

موقف الدين من مجهولي النسب

يحث الدين على احترام إنسانية الإنسان وبصرف النظر عن أي اعتبار آخر، ويدعو إلى مراعاة خصوصية الطفل مجهول النسبن ويدعو المجتمع إلى احتضانه وتربيته وتعليمه والأخذ بيده ليكون عضواً نافعاً فيه.

ولفت وزير الأوقاف محمد عبد الستار السيد في مداخلته أمام مجلس الشعب إلى أن الدين مع رعاية واحتضان هؤلاء بالشكل اللائق وتقديم كل ما يلزم لهم وأن واجب الدولة هو تأطير الوضع القانوني لهؤلاء، وخاصة في ظل عدم وجود حالة “تبني” في الدين الإسلامي، ولافتاً إلى ضرورة أن لا يؤدي ذلك إلى أي تغيير في نظام “النسب” و”الإرث” ومع الاحتفاظ بالحقوق المقررة أصلاً لمجهولي النسب في القوانين النافذة.

 

كلمة أخيرة

إن قيام الدولة بواجبها في تقديم الرعاية والاحتضان لمجهولي النسب، لا يعني أنها قصرت أو ستقصر بدورها تجاه غيرهم، من مختلف الشرائح الاجتماعية وخاصة أطفال وذوي من ضحوا من أجلها، ما يستدعي الإشارة إلى أنه دور متكامل للدولة تجاه الجميع، هنا وهناك.

إن واجب الدولة هذا هو واجب اجتماعي وأخلاقي وقانوني تقدمه للجميع، وخاصة حين تمر الدولة والمجتمع بظروف قاهرة، مثل ظروف العدوان الحالي، ولو كان واجب الدولة غير ذلك، لما أصدرت مراسيم العفو عن المجرمين ومن خالفوا الأنظمة والقوانين، ولما عملت تسويات لمن حملوا السلاح ضدها، ولما قدمت كل التسهيلات الممكنة من أجل تأمين حياة السوريين في التربية والتعليم والصحة والمعيشة، وخاصة المغرر بهم، ولما بذلت كل الجهود وعلى جميع المستويات لجمع لم شمل السوريين داخل نسيج اجتماعي واحد، كما كانوا قبل العدوان.

هذا هو دور الدولة التي هي كالأم التي ترعى كل أبنائها من دون تمييز، وقناعتي أن مشروع القانون سيصبح مرسوماً خلال فترة قريبة.

عمر المقداد