ثقافة وفن

لِمَنْ التّصفِيق؟!

تفتتح رواية “مولانا” كما في الفيلم الذي جسدها، بمشهد يفضح فعل التمويه الذي يخفي قبحاً داخلياً لحامل الرسالة، وأولئك الذين باتوا ينبتون أمام أعيننا كما تتكاثر حبات الفطر، فعل تمويه يخفي الباطن، لكنه يشكل الوسيلة الأجدى لتسهيل المرور لرسالة يحملها.
صفق الجمهور “في الفيلم وداخل الصالات التي عرضته”؛ صفق طويلاً للداعية في الفيلم الذي يشغل الإعلام هذه الأيام، ويخضع للعديد من جولات التدقيق قبل أن يعرض على الجمهور الذي ما يزال الجميع يعتقد بضعفه ولا يثق بقدرته على التمييز بين الغث والثمين مما يعرض عليه، الفيلم في الشريط الدعائي له يظهر الداعية بمظهر محبب وقريب من النفوس، لكني أحب الاعتقاد أنه لم يكن سبب التصفيق الشديد لجمهور؛ لا بد يتوق لمن يشدّ ويصادق على تفكيره البسيط والإنساني بالفطرة، فصفق طويلاً للرسالة التي تضمنتها الخطبة” تلك التي جعلت من العقل والمنطق السليم راية يمكن أن تُشهَر أمام سطوة الخوف والتخويف؛ الذي اعتدنا أن يرفع سيفاً أمام كل محاولة لإشغال العقل “ألا تخافين الله؟” هو الخوف الذي بات جداراً يرتفع شيئاً فشيئاً أمام كل مشاعر إنسانية؛ ولا يتيح سوى رد الفعل العنيف، العنف الذي يتجلى بما نشهده ويحيط بنا جميعاً اليوم” اعتقدت طويلاً أن كلب الحقل ينبح من منطلق إحساسه بالمسؤولية عن أمن الحقل! خاب ظني كثيراً عندما عرفت أنه إنما يستنجد خوفاً “!.
رسالة الفيلم “التي تبدت في المشهد الترويجي” بعثت الارتياح في نفوس الجمهور العريض من المتفرجين والمتابعين من مختلف المشارب والانتماءات والأديان دفعهم شعورهم بالرسالة تصادق على منطقهم الفطري؛ بأن على الأرض متسع للجميع، إيمانهم النقي قبل أن تتلاعب به رسائل اعتدنا على أن تعترضنا في العديد من المنابر، تلك التي في بعض البرامج التي باتت تطرح نفسها بقوة “الخروج عن المألوف في طبيعتها” دون أن تحمل فائدة ترتجى؛ سوى أنها تتيح لأشخاص بث سمومها تحت غطاء الدين بالتحريض ضد الآخر، بينما على الأرض متسع لكل الأهواء والأديان، تحيا جميعها إن تسلم بحق الجميع في الحياة، بعيداً عن الاقتتال في سبيل حجز أمكنة لها ومستقرات في السماء، تكاد تُفقِدُ الجميع حتى إمكانية الحياة الحقّة على الأرض.

دمشق: بشرى الحكيم