ثقافة وفن

ماجدة الرومي.. إن لم تستحِ فاصنع ما شئت!

لم يكن ينقص السيدة ماجدة الرومي إلا أن تصف النظام السعودي، بكونه الأهم عربيا وعالميا، وله كفوف بيضاء على بلدها وبلدان أخرى، حيث احييت حفلا مؤخرا في محافظة “العلا” السعودية، ليس بالبعيد عن صوت أطفال اليمن، الذين يأنون من الجوع والبرد والخوف، بسبب “الأكف البيضاء” لملوك وأمراء الرمال.

المضحك في الموضوع، والذي يجب أن تتعلم منه هذه الفنانة لتي أصبحت وربما هي كذلك دون أن نعلم، لا تعنيها إلا “الدولارات السوداء”، أنها لم تكن إلا ضيفا غليظا على قلوب الجمهور، بل ومتسبب بالمصائب لبعضه، وذلك بعد ان أصدر الرئيس التنفيذي لهيئة الإذاعة والتلفزيون، داوود الشريان، قرارا في وقت مبكر من صباح السبت، يقضي بإقالة مدير القناة السعودية الأولى، وليد المجلي عقب بث القناة “فعالية” لا تليق بها بتلك المحطة! كما ورد في بيان الإقالة، رغم ان الحفل مُقام في السعودية، ولكن كما يُقال “كلشي لحال”، يعني من غير المعقول بالنسبة لفنانة من نمط “الرومي”، أن تترك الدولارات، لتتعاطف مع الأطفال الذين تفحمت أجسادهم الغضة، بعد أن قصف العدوان السعودي على اليمن، حافلة تقل أطفالا إلى المدرسة، هؤلاء لم يسمع بهم القلب (الكبير) للمطربة (الكبيرة)، في الوقت الذي يتجمهر فيه العديد من أهم الفناين العالميين أمام مقر الأمم المتحدة للتنديد بأفعال هذا النظام الجاهل، ولوقف المذبحة السعودية في اليمن، البلد (السعيد) الذي تهدم ببساطة لأن فيه من لا يسمح للأعراب الذين هم اكثر شرا، أن يجعلوه حديقتهم الخلفية، كما أن عينا “الرومي” التي تتورم وهي تهم بالغناء، لم ترى ما بثته أغلب تلفزيونات العالم، ومعظم الوسائل الإعلامية الورقية والمسموعة والمرئية وصفحات التواصل الاجتماعي، عن التقطيع الذي تعرض له “جمال خاشقجي” بغض النظر عن موقفنا من آرائه، الذي دخل سفارة بلاده ليتزوج، فلم يخرج منها إلا مُذابا عن بكرة أبيه بالأسيد.

الآن كيف لنا ان نصدق هذا النموذج الوضيع من الفنانين وهو يغني عن الحب والسلام والفرح؟ ماجدة الرومي، الفنانة التي تفيض عن وجهها البراءة كقناع بالتأكيد، والتي من المفترض أن يكون شعورها مرهفا وحساسيتها عالية للموت والحزن والأسى، أٌصيبت بالزكام الأخلاقي، وهذا لا علاج له عندها إلا “الكشكشة” بالريال، وهذا مكان يليق فعلا بـ “قامة” فنية عربية مثل “الرومي”، التي لم يكن ينقصها كما قلنا إلا أن تركع على المسرح، فـ”السافرة” كما تُلقب عادة النساء اللواتي لا يغطين شعورهن في تلك البلاد، بُح صوتها وتورمت أوردتها حتى كادت تنفجر، وهي تغني عن السلام والمحبة والكبسة والمندي.

نعم لقد فازت ماجدة الرومي بحفنة من الدولارات الملطخة بدماء أهلها أولا في وطنها، لكنها خسرت وإلى الابد كرامتها بين الناس، الجمهور، الذي لم تستحِ من آلامه وأوجاعه ونزيفه، وهي تصف القتلة بأصحاب الايادي البيضاء، وسيوف الغدر التي يعرفونها تماما أنها ليست إلا لذلك، بسيوف العز، وهذا أمر عادي في زمن ثبتت فيه العبارة الخالدة: إن لم تستحِ فأصنع ما شئت.

تمّام علي بركات