مساحة حرة

مسارات السياسة الأمريكية الأسوأ …. والأقل سوءاً !…..

يعتمد التحليل السياسي المنهج المقارن سبيلاً لفهم الظواهر السياسية بعيداً عن النهج القيمي الذي يستند إلى معايير مطلقة. المقارنة وليس المفاضلة هي المنهج المناسب عندما يتعلق الأمر بالأحداث والشخصيات وكل ما يتعلق بالعمليات السياسية..

لقد اعتدنا – في كثير من الأحيان – أن ننظر إلى سياسة الولايات المتحدة نظرة كلية دون الدخول في تفاصيلها، ودون لحظ الفرق بين الاتجاهات المتعددة في هذه السياسة وعند ممثليها.

ولما كانت السياسة الأمريكية حاضرة حضوراً ثقيلاً ومؤثراً في واقعنا في هذه المنطقة، كان لابد من التمحيص المقارن بين القوى السياسية الأمريكية. هذه القوى تلتقي مجتمعة ضمن استراتيجية عريضة واحدة جوهرها الهيمنة وانتهاك سيادات الدول وحقوق شعوبها. هذا صحيح، لكن توجد تنوعات ضمن هذا السياق العام من الضروري معرفتها لأن ذلك يفيد في التعامل مع هذه القوة الامبريالية المنفلتة من عقالها.

هناك فوارق تكتيكية – لكنها كبيرة ومهمة – في تطبيق الاستراتيجية العريضة الواحدة بين الديمقراطيين والجمهوريين بوجه عام. فبينما يرى الديمقراطيون في الإسلاموية السياسية حليفاً عضوياً وعاملاً بنيوياً في تعاملهم مع الشرق الأوسط (نظرية زبيغنيو بريجنسكي)، يعتبرهم الجمهوريون «شراً لابد منه»، ويستخدمونهم كمجرد أداة دون أي احترام.

ويميل الجمهوريون إلى استخدام القوة الناعمة والتفاهم مع روسيا، بينما يفضل الديمقراطيون إثارة الفتن والحروب، خاصة وأن ذلك يتفق مع مصالح اللوبي الصناعي العسكري في كاليفورنيا الذي يدعم المرشح الديمقراطي غالباً.

الحروب الكبرى التي شهدها العالم بعد الحرب العالمية الثانية كان الديمقراطيون من أسهم في إشعالها. ترومان الديمقراطي أشعل الحرب الكورية، ورفيقه جونسون أشعل حرب فييتنام وحرب /67/. الجمهوري روزفلت توصل إلى اتفاق لإيقاف الحرب الكورية، ورفيقه نيكسون أوقف حرب فييتنام واعترف بالصين في بداية السبعينيات وزار عاصمتها، إضافة إلى زيارته الشهيرة لموسكو.

الجمهوريون – عادة – يمثلون مصالح لوبي النفط في تكساس واللوبي الصناعي والزراعي في كاليفورنيا، لذلك نرى الاهتمام بالتجارة الدولية وضرورة تعزيزها، لأن التجارة تحقق السيطرة للولايات المتحدة أكثر مما تحققها الحروب والفتن.

لكن الحزب الجمهوري ليس متجانساً، هناك عدد من الصقور مثل السيناتور جون ماكين والمحافظين الجدد. لكن ترامب على ما يبدو يميل للتيار التقليدي في الحزب، تيار أيزنهاور ونيكسون وريغان.. علينا أن ننتظر لنرى!..

نعود إلى المقارنة بين الأسوأ والأقل سوءاً. تصوّروا لو أن السيدة كلينتون نجحت في الانتخابات ماذا كان سيحلّ بعالمنا؟!.

د. مهدي دخل الله

mahdidakhlala@gmail.com