الشريط الاخباريمحليات

منطقة أعالي العاصي بحمص تستغيث من الجفاف

قد تقسو الطبيعة على الإنسان ولكن عندما يضاف لذلك قسوة الإنسان يصبح الوقع أكبر ولا سيما إذا كانت المسألة تتعلق بآلاف الأشجار المثمرة وحرمان المزارعين من مياه الري وهذا ما يحدث في منطقة أعالي العاصي في ربلة وجوسيه والمصرية والجنطلية وزيتا وغيرها بريف حمص التي تتغذى من مياه نهر العاصي.

واستجابة لمناشدات عدد من الفلاحين والأهالي في منطقة أعالي العاصي زارت مراسلة سانا المنطقة الحدودية بين سورية ولبنان عند نقطة دخول نهر العاصي الأراضي السورية لترصد عددا من الآراء من قبل الفلاحين المتضررين للوقوف على حقيقة ما تنشره بعض مواقع التواصل الاجتماعي حول ما أطلق عليه الاعتداءات على مجرى العاصي وحرمان المزارعين من المياه .

وبقلق بالغ يقول ليشا ديب من ربلة البالغ من العمر 72 عاما “إذا يبست الشجر يبسنا نحن.. هذه الأشجار ثمرة تعب عشرات السنين”، منوها بأنها ليست المرة الأولى التي يخف فيها منسوب العاصي فكل عشر سنوات يخف ومن ثم يقوى لكن هذه المرة هي الأشد وطأة على المزارعين كون المنطقة توجهت خلال السنوات الأخيرة لزراعة الأشجار المثمرة من التفاح والمشمش والكرمة وغيرها وجميعها اليوم مهددة باليباس بسبب نقص المياه.

المزارع حسن دياب بين أن المنطقة في السابق كانت تعتمد على زراعة الخضراوات ولذلك كان الجفاف يهدد موسما واحدا أما الحال اليوم فيهدد تعب سنين طويلة، مشيرا إلى أنه يروي أشجاره من مياه الآبار الجوفية ومعظم المزارعين بالمنطقة يفعلون ذلك لكن غزارة الآبار تتراجع هي الأخرى الأمر الذي يتطلب العمل بسرعة والتنسيق بين الجانبين السوري واللبناني لتنظيم استخدام مياه العاصي وتوزيعها بشكل قانوني بين مزارعي البلدين.

عدد من المزارعين أشاروا إلى أن هناك تجاوزات واعتداءات على العاصي وهناك بعض المزارعين من الجانب اللبناني يتحكمون بمآخذ الأقنية ويصل الأمر أحيانا إلى ما سماه أحد المزارعين ” لبيع المياه للفلاحين السوريين” بعد التواصل مع المتحكمين بالمياه .

المهندس اسماعيل اسماعيل مدير الموارد المائية بحمص أوضح أن انخفاض منسوب مياه العاصي عند دخوله الأراضي السورية بشكل ملحوظ يعود لسببين أولا الجفاف الذي تمر به منطقة شرقي المتوسط حيث يوجد انخفاض في مناسيب المياه سواء الجوفية أو السطحية وبالتالي انخفاض غزارة النبع الذي يغذي نهر العاصي في الأراضي اللبنانية والسبب الثاني التعديات الحاصلة على النهر ومآخذ الأقنية الخمس الواقعة في الجانب اللبناني ما أدى إلى انخفاض منسوب العاصي وغزارته لدى دخوله الأراضي السورية .

وأضاف اسماعيل أنه ثمة إجراءات تم اتخاذها من قبل المديرية ووزارة الموارد المائية من خلال التواصل مع الجانب اللبناني ممثلا بالمجلس الأعلى السوري اللبناني لايجاد الحلول السريعة والاستراتيجية بالنظر إلى العوامل المناخية الصعبة التي تمر بها المنطقة وذلك في إطار الاتفاقية المبرمة بين الجانبين السوري واللبناني. علما أن حصة الجانب اللبناني 20 بالمئة من واردات النهر و80 بالمئة حصة الجانب السوري وذلك في السنين غير الرطبة .

ولفت اسماعيل إلى أن مديرية الموارد المائية اتخذت بعض الخطوات الإسعافية عبر تحويل فائض بعض الأقنية باتجاه نهر العاصي لكي يستفيد منها المزارعون والصناعيون وهناك أقنية لا يمكن تحويل مياهها للنهر كقناة التوريد المغذية لسد الشهيد باسل الأسد في زيتا.

وحول ما يشاع على مواقع التواصل من سرقة العاصي بين اسماعيل أن المياه لا تسرق لأنها أملاك عامة وإنما يوجد تعديات على مآخذ الاقنية في الجانب اللبناني واستجرار غير مشروع، مؤكدا جدية الجهات المعنية للوصول إلى حل.

وفي ظل الواقع الراهن شدد مدير الموارد المائية بحمص على أنه تم إعطاء الأولوية لمياه الشرب في حماة وحمص ومن ثم الفعاليات الصناعية الداعمة لاقتصادنا الوطني فحجم تخزين سد قطينة حاليا يبلغ 26 مليون متر مكعب أي تحت منسوب الحجم الميت بعشرين مليونا وفي سد زيتا يصل حجم التخزين حاليا الى 34 مليون متر مكعب وهو سد داعم لمياه الشرب .

بدوره أشار المهندس أحمد الحسن رئيس مركز إدارة الري في منطقة القصير إلى ضعف جريان المياه وانخفاض منسوب تدفقها حاليا إلى أقل من خمسة أمتار مكعبة بالثانية بينما كانت في السنوات الاخيرة تتدفق بغزارة 8 أمتار مكعبة بالثانية.

شفيق جروس من أبناء المنطقة وعضو مجلس محافظة حمص أشار إلى انخفاض منسوب النهر للموسم الحالي لأسباب عدة طبيعية وغير طبيعية أهمها التعديات الحاصلة على مأخذ النهر في الجانب اللبناني، داعيا إلى إزالة التعديات المجحفة بحق الفلاحين .

ويعد نهر العاصي الشريان الرئيسي والعصب الأساسي لتأمين المياه لمنطقة حوض العاصي ويغذي حمص وحماة وإدلب وجزءا من حلب.