سلايدعربي

من ذاكرة حرب تموز.. مواقف محرجة للضباط الصهاينة

بعد مرور أسبوع على بداية حرب تموز 2006، بلورت هيئة الأركان في جيش الاحتلال الإسرائيلي برئاسة دان حالوتس خطة تقضي بتنفيذ مداهمات وتوغلات في الأراضي اللبنانية على مقربة من الحدود, وصدرت الاوامر إلى قيادة المنطقة الشمالية بالاستعداد لدخول مدينة “بنت جبيل” وتشكيل فرقة عسكرية كاملة يشارك فيها لواء المظليين ولواء غولاني إضافة لمساندة من اللواء السابع.

كان ذلك نهار الخميس في العشرين من تموز، أي في اليوم نفسه الذي كان لواء غولاني يتحضر فيه لدخول بلدة الطيبة القريبة من مستوطنة المطلة بناء  لخطة قائد المنطقة الشمالية أودي آدم, فاتصل حالوتس وابلغ آدم بضرورة نقل لواء غولاني لمنطقة مسؤولية الفرقة واحد وتسعين بقيادة العميد “غيل هيرش” الذي اسندت اليه مهمة احتلال بنت جبيل.

صباح الجمعة في الحادي والعشرين من تموز اتصل رئيس شعبة العمليات “غادي ايزنكوت” بقيادة غولاني للتأكد من جهوزية اللواء للانتقال، ففوجئ بأن قواته لم تتبلغ بتغيير مهمتها، ولا تزال ترصد بلدة الطيبة تحضيرا لدخولها, عندها اتصل فورا برئيس الأركان حالوتس وابلغه بان قيادة المنطقة لم تلتزم بالاوامر وهي تخطط للقتال بمستوى ألوية متفرقة، واقترح عليه الذهاب لمقر قيادة المنطقة الشمالية للتأكد من تنفيذ أوامر العمليات بدقة.

ظهر اهتزاز الثقة بين قيادة المنطقة الشمالية وهيئة الأركان منذ الأسبوع الأول للحرب، حتى ان وسائل الاعلام في اسرائيل تناولته مرارا خلال تغطيتها  يوميات المعارك.

وهو لم يقف عند حد المستويات العليا بل وصل حتى قادة الالوية،  الذين كانوا يتصلون في كثير من الاوقات بأصدقاء لهم في الخدمة العسكرية، للاستماع لمقترحاتهم العملياتية، مثل قائد لواء غولاني الذي اتصل اكثر من مرة بقادة سابقين له دون الرجوع  للعميد غيل هيرش قائد الفرقة واحد وتسعين التي انتظم اللواء ضمن صفوفها للقتال في القطاع الغربي عند الحدود الشمالية, وبعد الحرب تناولت وسائل الإعلام هذا الأمر وتحدثت عن ظاهرة “حفير” ويعني بالعربية “صديق الهاتف”، واشارت عدة تقارير إلى لجوء عدد من الضباط في ساعات الضيق للاتصال بضباط أصدقاء لهم لمساعدتهم باقتراح يخرجهم من تورط ميداني على الارض، وهذا ما حصل مع قائد لواء المظليين “حجاي مردخاي” الذي لم ينجح بالوصول مع قواته إلى مبنى مركز الـ17 سابقا عند نقطة “صف الهوا” في بنت جبيل ليرفع العلم الاسرائيلي، حيث تعرضت قواته لإطلاق نار كثيف من رجال المقاومة الذين كمنوا للقوة الإسرائيلية عند تلة مسعود، فاتصل عندها مردخاي عبر جهاز الهاتف المشفر بأحد القادة السابقين في لواء المظليين.

نصحه الأخير قائلا: “خذ علما وضعه على المبنى الذي تتواجد فيه الان قواتك. صوره واخرج”.

وهذا بالفعل ما قام به مردخاي ليتجنب وقوع خسائر إضافية في صفوف جنوده. عرفت هذه الحادثة فيما بعد بـ”هجوم الراية الكاذب”.

الثقة المهزوزة بين قيادة الاركان وقيادة المنطقة الشمالية استمرت بالتفاقم حتى انهارت بالكامل.

في الاسبوع الاخير، قرر حالوتس تعيين قائد ذراع البر “بيني غانتس” مسؤولا عن ادارة كافة العمليات العسكرية في المنطقة الشمالية وإعطاءه كامل صلاحيات قائد المنطقة اودي آدم الذي ثارت ثائرته وهدد حالوتس بالاستقالة قائلا له: “احضره لا مشكلة, لكني سأرحل..”

لكن حالوتس الذي كان فقد الثقة بشكل كامل بقيادة آدم التف على التهديد بالاستقالة ونفذ ما كان يريده من خلال تعيين نائبه كابلنسكي ممثلا لهيئة الأركان في قيادة المنطقة الشمالية وإعطائه صلاحيات واسعة، فرضخ عندها آدم مكرها وقال: “لا استسيغ ذلك لكنه اذا كان ممثلا لك أو هكذا تصفه  فلا استطيع الرفض”.

بعد الحرب، تبين أن قائد المنطقة الشمالية اودي آدم كان الجنرال الوحيد في جيش الاحتلال الذي لم يكن لديه “حيفر” يتصل به لأخذ مشورته.

 

البعث ميديا || نقلا عن قناة “الميادين”