line1ثقافة وفن

نظرات في مستقبل الصراع العربي الصهيوني

نظرات في مستقبل الصراع العربي الصهيوني كان عنوان المحاضرة التي استضافتها  اللجنة الشعبية العربية السورية لدعم الشعب الفلسطيني في مقرها، وألقاها د. جورج جبور فطرح مجموعة من المقاربات التي تتعلق بمستقبل هذا الصراع والمقاربة الأولى والكبرى كانت اللاهوتية أي أن اليهودية والصهيونية لها علاقة باليهودية، وترى أنه من الضروري أن تأخذ الحركة طابعاً دينياً، ومقابل هذه النظرة التوراتية هناك نظرة إسلامية. أما الجانب الآخر العلمي فهو أن هناك استعماراً استيطانياً كيف سيتم التعامل معه وكيف تم ذلك في عصر الاكتشافات الجغرافية وما قبلها، لأن الاكتشافات الجغرافية لها علاقة بالوضع في فلسطين والحلم الإسرائيلي في العودة إليها، والذي توطد مع هذه الاكتشافات. كما تحدث جبور عن ارتباط الحركة الصهيونية مع حركة الاستعمار الاستيطاني في جنوب أفريقيا وكيف استفادت الصهيونية في فلسطين من تجربة جنوب أفريقيا.

 وفي ذات السياق،  تحدث جبور عن اتفاقية سايكس بيكو التي قسمت سورية الطبيعية، وأحد هذه الأقسام كانت فلسطين وكان ذلك على يد مارك سايكس الذي طلب في وصيته أن يرسم على قبره تمثالاً لعربي قتيل ويكتب فوقه “هذا من أجلك يا قدس”. وأضاف جبور: بالنسبة لمستقبل الصراع هناك مقاربات أخرى منها مقاربة الأمم المتحدة وهي مزيج لها جانب لاهوتي، ففي وعد بلفور هناك جانب ديني يعد الصهاينة بوطن قومي دون إظهار السبب، وعصبة الأمم بينت ذلك في صك الانتداب نظراً للروابط العميقة لليهود في فلسطين، أما عن مستقبل إسرائيل عن طريق مقاربات الأمم المتحدة فإن الحق الفلسطيني يضعف تدريجياً، لكن لا تنقرض القضية الفلسطينية مباشرة بل بالتدريج، أما المستقبل الآخر فهو الذي ترسمه المقاومة بمحركاتها الوطنية والقومية، والتي ترسم مستقبل الصراع.

 هناك أيضاً مقاربة المفاجآت السياسية الكبرى والتي لا يمكن التنبؤ بمسارها، ومن خلال تلك المقاربات هناك مؤشرات لكيفية اتجاه مسألة الصراع. وأكد جبور على ضرورة التركيز على إحياء مناسبة وعد بلفور لما لذلك من دور في كسب التعاطف العالمي مع القضية الفلسطينية .

وتحدث د. صابر فلحوط عن أهمية المعرفة الوثائقية والأرشيفية لأنها قد تضيع أمام الأجيال الطالعة التي تجابه تحديات ثورة المعرفة والاتصالات عن ضرورة رفد المشروع العربي المقاوم وتجديد بنيته وأساليبه وكوادره.

أما خالد عبد المجيد الأمين العام لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني، فقد رأى أن الصراع هو بين إرادتين الأولى سعت وتسعى لإنهاء الصراع على قاعدة الرؤية الصهيونية والغربية نفسها، وهذا بدأ من كامب ديفيد واستمر ووصل إلى الآن إلى أوجه بعد أن دخلت دول عربية كالخليج لإنهاء الصراع على قاعدة التسوية، وهؤلاء للأسف لديهم غطاء فلسطيني سياسي في المفاوضات، وهناك إرادة أخرى وطنية فلسطينية قومية تقدمية ومن ضمنها خيارنا في المقاومة وكيف نستنهض شعبنا وهممنا في دعم هذا الخيار، واستمرار الصراع منعاً للاستسلام لصراع مستمر. واعتبر عبد المجيد أن الصراع يمر بمفصل تاريخي مهم يجب أن ننتبه إليه، فما يجري في المنطقة صرف النظر عن القضية الفلسطينية، والهدف إيصالنا إلى حالة التخلي عن فلسطين. ورأى عبد المجيد أن ما تمر به سورية هو ثمن لمواقفها وترابطها مع القضية الفلسطينية وأضاف: لقد قلنا ومنذ البداية أن أحد أهم أهداف ما يجري في سورية هو تصفية القضية الفلسطينية واستهداف مخيم اليرموك سياسي بالدرجة الأولى كونه ضامن لحق اللاجئين بالعودة إلى أرضهم، لذلك كان استهدافه ليس فقط من أجل توظيف قسم من الفلسطينيين ضد الدولة السورية، بل من أجل شطب حق العودة ونحن على الصعيد الفلسطيني نرى ضرورة أن يتعزز الترابط مع قوى الأمة ومع سورية، لأننا نعلم لو أنهم نالوا من سورية لا سمح الله، لذهبت قضية فلسطين.

وقال د. عبد اللطيف عمران مدير عام دار البعث في مداخلة: أنا لست مع إحياء وعد بلفور في ذكراه المئوية، بقدر الحديث عن مضاعفات المشهد الاحتجاجي، ونتائجه العكسية لصالح المشروع الصهيوني، لأن مخاطر وعد بلفور قد تحققت بالفعل وتحققت أضعافها منذ عام 1967.

 وأضاف عمران: حالياً هناك حداثوية في الصراع لأن زمن الحداثة انتهى مع ثورة الطلاب في فرنسا وما بعد الحداثة مع العولمة ومن المفترض اليوم أن نخاطب الأجيال الجديدة، وتابع: أنا كفرد أعترض على كلمة مؤتمر قومي إسلامي وحزبية إسلامية فقد وُجد المؤتمر القومي الإسلامي إثر تقدم حماس على ساحة المقاومة، وعندما بدأ المشروع الفتنوي التكفيري في الوطن العربي والإسلامي، حماس لم تعد مقاومة بعد أن أعلنت انضمامها للتنظيم العالمي للإخوان المسلمين، وبدأت تعمل على نقل البندقية من كتف إلى كتف، فأعلنت المقاومة السلمية للمشروع الصهيوني. ورأى عمران أن سيرورة وصيرورة الصراع بين مشروع صهيوني أثبتت الوقائع أنه حيوي ديناميكي متجدد باضطراد، يزيد من رسوخه المشهد الاحتجاجي العربي الراهن، واتفاق القطبية الدولية على أمنه، إضافة لثورة المعرفة التي يحتفظ بها، ورفده لمراكز الأبحاث والجامعات بأحدث معطيات العلم والمعاصرة، هذه المعطيات الحداثوية هي التي مكنت الصهيونية من رسم الخط البياني للتحالف الأطلسي الرجعي ضد المشروع الوطني العروبي.

 أما الطرف الآخر الذي تحدث عنه عمران فهو المشروع القومي العربي المتعثر والمنكفئ، وحالياً في الوطن العربي قسم ممن كانوا يحملون سلاح المقاومة في المشهد الاحتجاجي ضد الصهيونية نقلوا السلاح إلى الكتف الأخرى إثر التحالف الصهيوأطلسي الرجعي، وعدد هؤلاء ليس بقليل وهذا تحد من التحديات أيضاً، أنه ومنذ نحو ثلاث سنوات لم يعد هناك حديث عن مقاومة وطنية عربية ولا إسلامية، فعالم الميديا أصبح مشغولاً بالمشهد الاحتجاجي، والذي من الواضح أنه يرهق المشروع العربي ويضر بالقضية الفلسطينية بدليل أن بعض كفاءاتها وإمكاناتها تقع وقوداً له في سورية ولبنان والأردن، والتيارات القومية العربية تشهد انكفاء في الحضور والفاعلية في بعض البلدان سواء الناصرية في مصر، والبعثية في العراق وسورية، وهناك الآن يتقدم طرح مفردات لم نكن نسمعها كمفهوم الأقليات العاري والمكشوف الذي يناهض مفهوم المواطنة.

وختم عمران حديثه بالتأكيد على أهمية أن يكون العمل في الفترات القادمة على المقاومة التي نهضت منذ 30 عاماً وتجديد انجازاتها، والذي انتهى منذ 3 سنوات انشغالاً بالمشهد الاحتجاجي ومكوناته السلفية والجهادية. أما مستقبل الصراع فهو راهن وحداثوي نخاطب فيه الأجيال من مواليد 2000 وما بعد كون هؤلاء سيرسمون مستقبل الصراع وليست المعرفة الوثائقية والأرشيفية.

وقد كانت مداخلات السادة الحضور راتب شهاب، د. غازي حسين، د. فايز الصايغ، خليل الخالد وآخرون، مهمة في هذا المجال حيث أكدت ضرورة استمرار العمل للتوافق على تغذية المشروع العروبي المقاوم للصهيونية والرجعية العربية، هذا المشروع الذي رأى وسيرى باستمرار أن فلسطين هي قضيته المركزية، بل قضية العرب والمسلمين الأساسية في وقت نرى فيه أن الحركات السلفية والجهادية والوهابية تحديداً لاترى في المشروع الصهيوني خطراً، بل ترى الخطر في الأشقاء والأصدقاء الذين يجب تكفيرهم والخلاص منهم أولاً، وهكذا يكون وبال ووقود المشهد الاحتجاجي العربي الذي يسمى زوراً ربيعاً.

جلال نديم صالح-البعث