ثقافة وفن

يوميّات مضيئة في العمْق -6-

السبت 17/1/2015 ليلاً بعد المنتصف

إنْتِر ديسّيْبليناري ــ interdisciplinary (مقارَبَة…إلخ)

إنْترديسّسّيبلينارْني بودْخود (noDxoD مدخل/ مقاربة) وجَدَت مقابلات عربية عديدة حتى الآن: في عنوان كتاب مترجَم عن الفرنسية في هذا الخصوص، مطلع الألْفية، قام بترجمته «أفيرينيْوس» (مترجم المركز الثقافي الفرنسي والناشط سابقاً في الجمعية الكونية السورية) تحت عنوان: «عبر المناهجية» وعدم الدقة هنا أوضح من الواضح للعيان، أمَّا «د. عبد النبي اصطيف» فقد قدَّم المقابل العربي التالي: المقاربة المتداخِلة المعارِف approach interdisciplinary ومن جديدٍ لنْ تجد هُنا الدقة المطلوبة، إذْ لا أثر لِكلمة معرفة أوْ معارف في المصطلح الأصْل…

من جهتي قدَّمتُ خيارات عديدة حتى الآن مقابل المصطلح منها: عبر التخصُّصية، بين الاختصاصية، تداخليّة الاختصاص، الميزوْ اختصاصية (الميْزوْ تخصُّصيّةالاختصاصات الحدِّيَّة…إلخ

للتوثيق أُشير إلى أن اجتهاد اصطيف المتأخِّر جاء في العدد الخاص بمناسبة 18 كانون الأول ــ اليوم العالمي للغة العربية ـ، في أسْبوعية «الأسبوع الأدبي» ــ العدد 1421، في 21/12/2014 ص17 ضمن مقالة بعنوان: «أدب الأندلس، أَمْ آدابُها؟» أي منذ أقلّ من شهر من الآن، في حين ترجع مصطلحاتي في هذا الحقل إلى أعوام: 1981 ــ «نموّ المعلومات والعملية التكاملية العلْمية العامة»، ثم عام 1982 ــ «دور الفلسفة في دراسة وحل المشكلات الكوكبية (مشكلات العصر الكبرى)»، ثم عام 1983 ــ «الطابع التركيبي المعقَّد لمشكلة الطاقة والفضاء ودور العلم والتقنية في حلها» ــ إلخ ولاحقاً بكثافةٍ كبيرة ووتيرةٍ أكبر.

***

18/1/2015

وهذا مع مصطلح إضافي استخدمتُه للتعبير عن ذلك هو متعديّة الاختصاص (مقاربة متعدية الاختصاص) أو مدخل/ منهج متعدّي الاختصاص، وذلك مقابل تعبير آخر عن تعدّديّة الاختصاص (مولتي ــ Multi)، فكان الكلام يدور عن مقاربَتين أو منْهجَين/ مدخلَين، فيهما التعدِّي والتعدُّدية (inter ß و multi): المقاربات متعدِّية وتَعدُّدية الاختصاص + المدخل/ المنهج متعدّي وتعدُّدي الاختصاص، وكان اختياري كلمة الاختصاص مقابل discipline بعد تقليب المسألة على وجوهها الكثيرة للاختيار من بَين كلمات: العلْم ــ الفرْع العلمي ــ المادة ــ المقرَّر مع رفضي لكلمة منهج مما تُضمرهُ ترجمة كتاب فرنسي من العنوان: عبر المناهجية، لأن المنهج والمناهج والمناهجية ليست في شيءٍ منَ الديسّسيبْلايْن ــ discipline وكنتُ أقبل مداولةَ المفردةِ اِختصاص مع مفردة تخصُّص براحةِ بال وبأرْيحية..

ويجب التأكيد أن مفردتَي متعدِّية ومتعدِّدة الاختصاصات جاءتا نظيراً لِــ ــ وَقياساً على ــ مصطلحيّ متعدّية ومتعدِّدة الجنسيات(الشركات م. ــ م. ج.) الأبْكر والأسبق استخداماً، مما تعاملتُ معه بكثافة منذ بدايات الثمانينيات في أجواء الرسالة وانطلاقاتِها الأولى، والعولمة والعولميّات…إلخ، وكنتُ مِن آنِها وجدْتُ الرشاقةَ الكافيةَ لنقْل هذا التدقيق المصطلحي إلى رشاقةٍ أبعدَ باستخدام تعبير وصْفي في الحالتين هو: متعدّية وتعدُّدية الاختصاص (أوْ الجنسيات) ــ حسب الحالتَين، وحسب وصْف العلوم والفروع العلْمية ــ في حالةٍ أولى، والشركات والاتحادات الاحتكارية في حالةٍ أخرى (عبْر القومية/ متعدّية القوميات + العابرة/ المُتعدِّية للجنسيات وللحدود والقوميات + متعددة/ تعددية القوميات… الجنسيات…إلخ).

***

الأحد 18/1/2015 مساءً

ــ مِنَ المركَّب: المدخل/ المنهج المنْطَلق..  المركَّب، مما نكتب عنه ــ منذ 33 عاماً، منذ بدايات الثمانينيات ــ والمقاربة المركَّبة ومن ما طوَّرْناه لاحقاً بابتكار مفردات ومصطلحات شقيقة أمثال: التراكُب والتراكُبية والتركُّب والتركُّبية لضمان رشاقة وسلاسة التعبير عن التفاصيل وتأمين المرونة والحِراك العاليَين، ــ مِنْ هذا كله حضرَ أخيراً واستُحضِر اهتمام تصاعُدي بهذه المصطلحات والمفردات، وهنا مثالان فقط قريبان من المسألة:

1 ــ من الأسبوع الأدبي في 30 حزيران 1994، العدد 418 وتحت عنوان: مختارات من الأسبوع الأدبي قبل 1000 عدد (راجع استحضارياً وحديثاً جداً الأسبوع الأدبي ذاته المتضمن ذلك استرجاعياً ولكنه العدد 1418 في30/7/2014 ص21]: حسان عطوان: بلاغة الخطاب وعلم النص، اِقرأ فيه معي ما يلي:

«تحليله لظواهر على جملة علاقاتها وأبْياتها المتراكبَة وانتظامها في نسق ديناميكي…».

وفي فترة قريبة من تلك السنة أواسطَ التسعينيات نشْرتُ مقالةً مطوَّلة في الدراسات والمقاربة التركيبية/المركَّبة في «الروَّاد» الشهرية السورية، عدا منشوراتي الأولى في ذلك مكتوبةً أعوام 1981 ــ 1982 ــ 1983 وتالياً وكنتُ أشرتُ إلى ذلك.

2 ــ وستجد المتراكبة مجدداً في صيغة التراكُب والتراكُبات في صحافة هذه الأيام أيضاً ــ في جريدة تشرين ليوم الخميس 8/1/2015، العدد 12223 ص12 ــ الأخيرة: زاوية آفاق: الاستتار بعباءة الدين/ الشيخ حسين أحمد شحادة: تراكُبات وجودِنا كأمّة.

ــ الاشتراك العلْمي/ الاختصاصي/ التخصُّصي + المشارَكة (التشاركية) العلْمية/ الاختصاصية/ التخصُّصيّة + العلوم/ الاختصاصات/ التخصّصات المشْترَكة (التشاركية)… وما سمَّيته ميزوْ اختصاصية/ميزوْ تخصُّصية (ميزوْ علْمية) يمكن أن يقود مصطلَحنا إلى العالمية، مع أنه غيْر موجود بعد بهذه الصيغة المحدَّدة، لأنَّ الميزوْ يتجاوب مع متطلّبات الماضي والحاضر معاً (التراث والمعاصرة) ومع سائر لغات العالَم الكبرى، فهو في العربية على صلة بالميزة والموازنة والميزان والبَيْنيَّة والماْبَيْنيّة، وهو يلتقي مع الروسية في استخدامِها أداةً مقبوسة من الميزوْ أصلاً، أعني أداة (ظرْف) ميجْدوْ ــ meжgy أوْ ميجْ ــ meж. ببساطة، وهذه الأداتِية الظرفية تظهر في المصطلح الروسي المركَّب: ميجْـ/ديسّسّيبلينار نــ. (ي، ويي، ايا، يي)، فهو فعلياً مصطلح قريب ضمناً من مصطلحِنا الذي سيكون أوضح وأفصح في الروسية ذاتِها وأكثر عراقةً وأصالةً لو كان أوْ جاء: ميزوْ ديسّسّيبيلينار نـ. (ـ//ـ)، وكلمة ميجْدوْ ــ أو ميْجْ. اختصاراً تعني في الروسية بَين أوْ ما بين؛ وستجد أفضلية الميْزو على الأداة الظرفية الإنكليزية (وفي اللغات الأوروبية الغربية أيضاً بجذور لاتينية أوْ إغريقية) التي هي إنترْ ــ inter، والتي تعْني بدورها بين أوْ ما بين وتُعادِل في الروسية ميجدوْ/وَ/ميْجْ، بل إن الروسية كثيراً ما تستبدل مركَّب ميجْـ/ديسّسيبْلينا رْنـ. بكلمة أو مركَّب: إِنْترْديسّسيبلينا رْنـ. ــ تماماً كما في الإنكليزية ــ مثالاً ــ بمركّب إنْترْ ديسّسيّبليناري disciplinary/inter؛ جديرٌ بالذِّكْر أن أشْهر «ميزوْ»، على ما يبدو، هو ما يرد في الكلمة العالمية، ميزوْ/بوتاميا = مابَين النهرين، واشتهرتْ حديثاً كلمتا ميزون، وميزوْ تْرون…إلخ، كما تجدر الإشارة إلى أنَّ أيّ قاموس إنكليزي عربي عاديّ تقليدي يورد كلمتَي ميسْو ــ meso وهي بمعنى: «مقطع في أوَّل الكلمة بمعنى وَسط»، وكلمةَ [الأصح أداة أوْ ظرف] ميزّوْ ــ mezzo (بتشديد الزي/الزد) وتعني: متوسِّط، بَين. أخيْراً، انْتبهْ إلى صلةِ ميْسوْ وَميْزوْ بكلمة مَيْس (المَيَلان/ المَيَسان) والتأرجح البَيني، عربياً.

ــ وسنجد شَبَهاً بـ/لِلْــ ميزوْ، في قصة الإيزو: إيزوْ، وَ/أَوْ: إيسو. ففي قاموس عادي إنكليزي ــ عربي، لا على التعيين، وجدْتُ الشَرْحَ التالي: iso: مقطع في أوّل الكلمة بمعنى (نظير أوْ متساوٍ) ــ انتهى.

أي أنَّك تجد معنى المعادلة والتعديل والمعايرة والقياس ضمناً، مثلما هو الحال مع الدَّارجة (العامِّية) الشامية: إِيْسْ (قِيْسْ أي قِسْ) + إيْسو (قيسو أيْ قِسْه)…إلخ، ومن هنا تجد مصطلحات علمية كثيرة بادئة بالإيْزو/ الإيْسو، أمثال: إيزوتوب + إيزوتروب + إيزوثيرْم + …إلخ، بمعنى التناظر أو التعادل، والمساواة قياساً وتقْييساً.

ــ التالي، لم أُسجّل تاريخ التدوين، مكتفياً بإلصاق قصاصات ورقية صحفية تحمل تواريخَها في جريدة تشرين من 2/2/2015 ص1 ثم ص11 وقُصِد التذكير ولَفْت الانتباه إلى اسم ياباني ينسجم ويتصادى مع محورِنا الحالي «الميزوي» بسائر تنويعاتِه: إنه اسم ميزوْتا، وجاء في عنوان خَبر تشرين ما يلي في الصفحة الأولى:

«ميزوْ/تا يروي رحلة غوتو إلى مناطق سيطرة «داعش»، وفي النص: كينجي غوتو الذي كانت لديه رغبة شديدة في الذهاب إلى الأماكن التي يسيطر عليها تنظيم «داعش» [لاحظ معي وتذكَّرْ مسرحية صموئيل بيكيت: «في انتظار غودو» ــ العَبَثية ــ عن غودو الذي قد يعود أوْ لن يعود م.ن]… حسب ما جاء في مقال للكاتب ميروشي ميزو/تا في صحيفة «يومي أوري» اليابانية.

وقد تركتُ هوامش افتراضية جانب اسم ميزوتا باعتباره قد يعادل دلالياً «الوزّان». وفي ص11، التتمة، أضفت إلى الهامش: الوزَّان + المعدَّل/ الوسيط…إلخ.

***

السبت 18/4/2015 ظهراً

سيْنيرْغيتيكا cuHepretukα يمكن أن تكون بالعربية (وهي لازالت بازغة للتوّ بعد) المعِيّانية/ علْم المعِيّة/معاً لوجيا وهي ستأخذ طريقها لاحقاً لترفد ما أسَّسْناهُ عربيّاً (1997 / 1998) كاتجاهٍ رؤْيوي فكري شامل باسم التشاركية.

ــ مونو (ومنْها مونيزْم ــ مَذهب الوحدة/ التوحيد/ الواحدية/ الوحْدانية…إلخ).

أنا ß أنا/نيزْم (والمشتقّ الأخير قائم في اللغات الأجنبية أصلاً وواضح أنه من أصْل «أنا» العربية وله دلالة حساسة وجنسيّة).

ــ في حقل الدراسات والمنهجيات الميزوْ اختصاصية، لدينا ما يلي من المستويات التصاعدية في تفاعل الاختصاصات:

1) مونوْ/mono، 2) إنْترا ــ intra، 3) بي ــ Bi، 4) إنْتِر ــ inter، 5) موْلتيْ ــ multi.

وعلى ذمة بعض الباحثين (أوْرْسول، وربما بمَعية «غوتّ» و«سيمينْيوك» إضافياً) فإن الاختصاص الوحيد (الوَحداني) هو ما تُنسَب إليه مونو ــ اختصاصيّة (monoDisciplinarity م.ن)، أمَّا الثنائي ــ فمنه ثنائية الاختصاصيّة ــ Bi/disciplinaRity، وأمَّا المتعدِد الاختصاصية فإليه تعود تعدُّدية الاختصاص أو التخصصية التعددية multi/disciplinaRity، ومعروفٌ مِن قِبَل جميعهم عملياً، وهو ما يزيد على إثنين، ويُسمَّى حينها في رأي «أورْسول» اختصاصاً مركَّباً ــ compleχ، بل هي  هنا حكْماً تعدُّدية/متعدِدة الاختصاص ــ مولْتيْ اختصاصية (أي عابرة لِواحدية كما لِثنائية الاختصاص…)

وكل ما يزيد على الثنائي أو يتجاوز الثنائية الاختصاصية فهو مركَّب compleχ في عُرْف وتعريف «أورْسول» [كتابُه لعام 1981].

ــ بهذه المعاني والدلالات تكون تشاركيَّتُنا «علمياً وتكنولوجياً» (كما في عنوان محاضرتي في الكونية السورية عام 2014) مقابلاً ملائماً للميزوْ اختصاصية بمعناها الشامل كتشارُك وتداخُل بين اختصاصَين، وأكثر وما يزيد، أي أن التشاركية العلْمية ــ الاختصاصية = mezo/disciplinarity (نحن ــ م.ن) = inter/disciplinarity = ميجْدوْ/ميجْ/ ديسّسيبْلينارنوْسْت ــ MeжDucцunΛuHapHoctb (روسيّاً) (ميجْدو ْديسّسِيبْلينارْنوسْتْ.).

د. معن النقري