مساحة حرة

نهاية صلاحية مملكة

أغلب الظن أن زمن الفورات النفطيَة العربية قد ولى، ولن يعود للعباءات المضمَخة برائحة البترول، ولا لبراميل الغاز حظوة في مقصورات القرار الأمريكي والأوروبي.

فالأخبار المتواترة عن أحدث اكتشافات البترول الصخري والغاز الحجري في الولايات المتحدة الأميركية والصين تشي بأن ممالك خليج البترول وإمارات الغاز ستغدو مقلَمة الأظافر، ولن تبقى بوابات الغرب مشرعة أمام أمراء الحرب وكتل اللحم المتحركة، التي اعتادت أن تُفسح لها المطارح، طمعاً وابتزازاً لا هيبة ولا وقاراً.

هي استنتاجات علمية وليست نبوءات أو أحلام يقظة على سبيل التشفي ممن روّعوا الدنيا، بطقوس الغزل القاتل بين آبار النفط وترسانات السلاح، وفي أحدث التقارير التي تنعي سيادة البترول التقليدي وحائزيه، ما يؤكد أننا لسنا أمام أوهام.

فاحتياطي النفط الحجري المخزن في الحالة الصلبة يزيد عن 5 تريليونات برميل، منها 3.3 تريليونات في الولايات المتحدة وكندا، فيما يقدّر احتياطي النفط التقليدي بـ 1.37 تريليون برميل، وهذا يعني أن النفط الحجري -الذي لا تملك منه السعودية وإمارات الخليج شيئاً– موجود بما يعادل ثلاثة أضعاف التقليدي.

ويُتوقَع أن يرتفع إنتاج النفط الحجري في الولايات المتحدة إلى نحو 4.11 ملايين برميل يومياً، وهذا يعادل تماماً ما تنتجه آبار آل سعود، وتتجه التكهنات إلى وصول الإنتاج الأميركي إلى 15 مليون برميل في اليوم.

أرقام مثيرة لشهيّة المتابعة لأن في خلفياتها نهاية أزمة كونيّة وبؤر إفساد وفساد أممي، أنتجته خلطة بغيضة، قوامها شراهة “القرصان الأميركي” للبترول، ونزعة بطر وتعسّف استحكمت بمن استفاقوا من رقاد مضارب الإبل، ليعوموا على بحار البترول والغاز والدولار، فملؤوا الدنيا ضجيجاً وصخباً وعربدة.

مؤخراً ومؤخراً جدّاً حسمت الإدارة الأميركية قرارها بالتوجه نحو إنتاج النفط الحجري، والعام 2013 نقطة فاصلة في هكذا مضمار، وعلى الأرجح بات الحسم مزدوجاً، أي مترافقاً مع قرار وضع إشارة xعلى العميل السعودي بسبب انتهاء الصلاحية على خلفية انتفاء الحاجة، وهذا ما يبدو واضحاً من مجريات التعاطي الأخيرة والجديدة، بين رعاة البقر ورعاة الإبل و”حرد” سعود الفيصل وآل سعود من اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، و”حرد” المملكة البائدة عن تولّي مقعدها المؤقت في مجلس الأمن الدولي، بعد أن حشدت ما ومن حشدت للتصويت لها ودفعت ورشت من رشت حيث ابتزّها من شاء الابتزاز، للتربع على كرسي يؤهّلها للمزيد من اللّعب بالنار والنيل من عروبة وشعب سورية!.

لُفظ آل سعود عن كرسي “نابذة” في مجلس الأمن وبقوّة تكاد تكون خفيَّة، لتأتي الذرائع تحت مسمى اليأس من عجز المجلس عن حل قضايا مزمنة ومنها القضية الفلسطينية، فكانت مسرحية فكاهية على مرأى ومسمع من العالم، أثارت أول ما أثارت سخرية من قبلوا الثمن ورضوا بالمقعد السعودي الذي كان وشيكاً، فالقضية الفلسطينية ليست قضية الأمس القريب، وفشل المجلس كان حقيقةً راسخة عندما كان آل سعود يصولون لشراء المقعد فيه قبل أيام قليلة من إعلان” الحرد”؟!.

لعلنا في منطقة الشرق الأوسط على بوابة حقبة جديدة، وتوازنات حقيقية مسحوب منها الاعتبار النفطي العفن، الذي ازكم أنوف الكون. فبالنفط بدأت أزمتنا ومنه تلوح بوادر الحل، لتبدأ أزمة آخرين عندما تنتفي فعالية مثقلات الهيبة والكفاءة.