line1

والبعـث يتجـدد… كمـا سـورية المتجـددة

لا حزب- تاريخياً – بقي صامداً وقادراً على الاستمرار دون نقد ومراجعات تعيد تصويب ما انحرف منه، وتشدد وتؤكد على ماهو صحيح دقيق بمساره.. فكيف بحزب البعث العربي الاشتراكي، ذلك الحزب العريق القومي العربي الصامد في وجه كل محاولات تشويه صورته وضربها سياسياً وإعلامياً.. وإذا كنا نتحدث عن النقد والتصحيح فلا ذكرى ترسم لنا البوصلة أكثر من ذكرى التصحيح المجيد.
اخترت أن أخاطبكم رفاقي البعثيين عبر صحيفة البعث في هذا اليوم بالذات، لأتبادل وإياكم أفكاراً ونقاطاً تذكرنا بماضينا المجيد بكل ما فيه، وتدقق في حاضرنا وما نعيشه، كي نحاول معاً رسم مستقبل البعث كما أراده الجيل الأول ممن بنوه، وكما صحح مساره ومسار سورية القائد الخالد حافظ الأسد، وكما يراه الآن ونحن معه الرفيق الأمين القطري بشار الأسد.
ثلاثة وأربعون عاماً مرت على قيام الحركة التصحيحية المجيدة، وإذا كانت هذه الذكرى مناسبة لاستذكار إنجازات الحركة في مختلف المجالات، فإن واجبنا اليوم يقتضي أن تكون أيضاً مناسبة لاستنهاض همم البعثيين لنمضي قدماًَ في العمل على معالجة مشكلات الحزب وتصويب مساره  وتطوير أدائه، ليكون بحق أحد المدافعين الأساسيين عن الوطن، حاملاً مشروع الإصلاح الوطني الديموقراطي الشامل الذي تسير به سورية، ومسهماً رائداً في صياغة مستقبلها، لا سيما أن حزبنا يمتلك من الزخم التاريخي والسياسي ومن الطاقات الشبابية  والنضالية ما يجعله قادراً على القيام بكل ما سبق.
ولنكن منصفين أيها الرفاق فإن الصمود السوري العظيم على مدى أكثر من سنتين ونصف في وجه إرهاب تكفيري مدعوم من دول باتت معروفة بأجنداتها ضد سورية، ما كان ليستمر لولا مرتكزات الصمود الوطني السياسي والاقتصادي والعسكري التي بناها البعث والحركة لتصحيحية في إطار بنائها لسورية الحديثة ككل.
هذا الصمود الشعبي والرسمي والسياسي الذي أدهش العالم وتحديداً الصمود العسكري و الأداء المذهل لقواتنا المسلحة البطلة، هو صمود تجاوزت مفاعيله الداخل السوري والمحيط الإقليمي، ليرسم خارطة جديدة للعالم، ويغير مشهداً دولياً نحو شكل جديد متعدد الأقطاب وضع حداً لهيمنة القطب الأوحد.. كل ذلك ارتكز أساساً على مبادئ صلبة ومنطلقات نظرية وعملية تجاوزت حزب البعث العربي الاشتراكي لتتحول إلى مفاهيم وطنية سياسية شعبية، تجذّرت فينا نحن السوريين لتظهر يوم المحن وهذا ما يحصل اليوم.
رغم كل ما سبق وما ذكرت إلا أن ذلك لا يعني أن بعثنا كان على مستوى المأمول منه في كل اللحظات، نعم لقد حاد بعضنا عن الدرب، وترهّل أداء بعض آخر، وانحرفت البوصلة في أحيان عدة… لكننا كنّا نعمل ومن يعمل يُخطئ، وتصحيح الخطأ هو غاية الأهداف، لنستمر كما انطلقنا لكن مع الأخذ بعين الاعتبار تطورات الأوضاع كافة داخلياً وخارجياً، سياسياً واقتصادياً… لذلك فقد بدء الحزب مع انعقاد الاجتماع الموسّع للجنة المركزية برئاسة الرفيق الأمين القطري، والذي تمخّض عنه اختيار قيادة قطرية جديدة، بإجراء مراجعة نقدية عميقة وجريئة لعمله، وتحديد مواطن الضعف والتقصير فيه.
ومثلما استطاع الحزب بفعل الحركة التصحيحية المجيدة أن يضع حداً في حينه للانغلاق التنظيمي والجمود السياسي والعقائدي الذي شلّ حركته، ها هو اليوم يتّجه إلى تجاوز ما يعانيه من ضعف نضالي وترهّل تنظيمي وغيرهما من السلبيات الناشئة عن تخلخل وحدته الفكرية وانغماسه في السلطة أثناء المرحلة الماضية، وها هو يتقدم بسرعة، ومن خلال إجراءات عملية ملموسة، على طريق تجديد بنيته التنظيمية وتعميق وحدته الفكرية، وإنجاز مهامه الوطنية والقومية.
ولعل من الضروري في هذا المقام أن أشير بشكل خاص إلى رؤية البعث لضرورة تفعيل الإعلام البعثي ليكون عيناً رقابية على عمل الحزب من جهة، وقناة لتحقيق التواصل بين قواعده، وبين قياداته وقواعده، وبينه وبين الجماهير من جهة أخرى، مما سيكون له أبلغ الأثر في تطوير أداء الحزب وتحصينه ضد مختلف الممارسات السلبية والتشوهات التنظيمية التي تضعف فاعليته وتفقده جماهيريته.
لقد كانت الحركة التصحيحية هي أكثر اللحظات الفارقة تأثيراً إيجابياً في حياة الحزب والوطن. فالحركة التي بدت للوهلة الأولى حزبية داخلية، سرعان  ما استطاعت في زمن قياسي أن تحقق إنجازات سياسية واقتصادية واجتماعية وعسكرية غيّرت وجه سورية، وجعلت منها قوة قائدة في الوطن العربي وفاعلة في الإقليم، إنجازات حملت عنوانين كبيرين مترابطين ترابطاً عضوياً هما بناء الدولة الوطنية الحديثة، وتحرير الأرض المحتلة.
وكانت حرب تشرين التحريرية هذا الإنجاز العسكري التاريخي المثال المبكر على هذا الترابط العميق الذي أثّر أيما تأثير في الثقافة الوطنية العربية السورية فطبعها بطابعه التحرري و النهوضي والتنموي وأغناها بمفاهيم وأفكار الاستقلال والسيادة والكرامة الوطنية والصمود والمقاومة والتحرير والشهادة والحرية وغيرها من المفاهيم والأفكار التي أصبحت منظومة قيمية وطنية متغلغلة في المجتمع، وهي المنظومة التي يستلهمها الشعب السوري اليوم، ويغرف من معينها في تمسّكه بدولته واستقلالها وسيادتها ووحدة ترابها ولحمتها الوطنية ونهجها المقاوم، وفي صموده الوطني وتصميمه على دحر العدو الإرهابي الذي يستهدف تلك الدولة وذلك النهج، وفي رفضه المطلق للمعارضة المأجورة الخارجة كلياً عن المبادئ الوطنية السورية والمتنكرة للنسيج الاجتماعي والثقافي السوري والمرتهنة بالكامل للعدو.
ومن هنا يمكنني القول إننا نعيش اليوم، وفي ظل المواجهة التاريخية بيننا وبين الإرهاب التكفيري، لحظة فارقة جديدة على صعيد الحزب والوطن ككل، لحظة تصحيح متجدد ستُصبح سورية بنتيجتها أقوى وأفضل.
والبعث إذ ينكبّ بكل مسؤولية وحزم على إعادة ترتيب شؤونه الداخلية، وينخرط بقوة، في الوقت ذاته، في محاربة الإرهاب بالتكامل مع الجيش والشعب لإنجاز الفصل الأخير من الانتصار، فإنه يعيد إنتاج طموحاته الوطنية والقومية الكبرى وشرعيته النضالية والديمقراطية من خلال حراكه التصحيحي الجديد، واستجابته لتحديات المرحلة المقبلة وفي مقدمتها: إعمار الدولة الوطنية السورية بما يستلزمه ذلك سياسياً من شراكة فعلية مع مختلف القوى السياسية الوطنية، وتفاعل مع هياكل المجتمع المدني السوري أحزاباً وأفراداً في صياغة معالم المستقبل السياسي والاقتصادي والاجتماعي للبلاد، وتفعيل النضال القومي خاصة بعد أن ظهرت أجيال سورية وعربية تنادي بالقومية العربية رغم كل محاولات الغرب تفريغ هذا المفهوم من مضمونه، وها نحن في حزب البعث نفتح أيدينا وقلوبنا لكل فرد أو حزب يشاركنا همومنا ومبادئنا وتطلعاتنا محلياً وعربياً، وقد تستغربون أيها الرفاق أن الأحزاب القومية العربية عادت لتقوى من جديد فهاهي تتواصل معنا لتحقق حلماً قاموا على مدى سنوات بضرب مفاهيمه وقيمه العليا: حلم وحدة الشعوب العربية الذي فرضته الشعوب على بعض حكامها وأنتم شاهدتم بأم أعينكم تلك المظاهرات العربية التي خرجت عن بكرة أبيها حينما لاح العدوان الأمريكي الغاشم على سورية.
لقد شاءت الأقدار أيها الرفاق أن تتعرّض سورية في هذه السنوات الثلاث الأخيرة إلى حرب عدوانية إرهابية لا حدود لشراستها ولا أخلاقيتها ووحشيتها. لكن الأقدار شاءت أيضاً أن يحوّل السوريون وفي مقدمتهم البعثيون هذه المحنة الكبرى إلى فرصة تاريخية لولادة سورية المتجددة العزيزة التي ستستحق دون شك الأثمان الباهظة والتضحيات الجسيمة التي قدّمها ويقدمها شعبنا الصامد وجيشنا المغوار من أجلها.
التحية لذكرى الحركة التصحيحية ولروح قائدها التاريخي حافظ الأسد.
وعهداً لشهداء شعبنا وجيشنا وحزبنا أن يبقى رجال البعث أوفياء لأرواحهم الطاهرة ودمائهم الزكية التي فدوا بها وطننا الغالي، وأن يناضلوا بكل قواهم من أجل أن تُثمر تضحياتهم العظيمة النصر المؤزّر والمتوّج بولادة سورية المتجددة: الأنموذج الوطني الديمقراطي العصري للدولة العربية.

بقلم الرفيق:  هلال الهـلال الأمين القطري المساعد للحزب

One thought on “والبعـث يتجـدد… كمـا سـورية المتجـددة

  • نشكركم أيها الرفيق الأمين القطري المساعد على هذه الكلمة المعبرة والتي يجب أن نلتزم بها كعبثين.
    إن حزبنا كان له الدور والفضل في تحرير المواطن من الجهل والفقر والارتهان وخصوصا العمال والفلاحين ,هذا الحزب الذي صحح خطى نهجه الخالد الكبير حافظ الأسد رحمه الله
    والإنجازات العظيمة التي حققها حزبنا بقيادة من قومّ سيره وهذب خطابه وأصلح خلله إنجازات في شتى المجالات والاتجاهات وعلى كافة المستويات هذا يستدعي منا كحزب قيادات وصفوف أن نراجع ذواتنا بشفافية بناءة ونقد جدي وجداني وأن نعمل بأخلاق وطنية وإحساس بالمسؤولية بعيدا عن المزايدة والتبروظ والظهور والنفاق والمصالح الضيقة لاننا في مرحلة حرجة نحتاج العمل الدءوب والجريء والمتوافق مع تطلعات شعبنا الأبي وحسب توجهات قائدنا الرئيس بشار الأسد كي نصل بر الأمان ونبدأ بإعادة اعمار بلانا بأيدي نظيفة قوية مخلصة للوطن وزعيمه الأوحد حتى يسير الركب دون الالتفات إلى طوابير الخونة والمجرمين والمنافقين والمفسدين والعملاء والمتآمرين في أثواب واضحة العداء أو أقنعة وطنية أو غطاءات إنسانية.
    تحية وفاء وإجلال الى روح القائد الخالد حافظ الاسدوعهدا للسير تحت لواء القائد بشار الاسد حتى الشهادة او النصر
    تحية الى جيش الحق حارس كرامتنا وضامن آماننا
    تحية الى كل بعثي شريف ملتزم وقوله يطابق نهجه واداءه.
    تحية الى جيشناالبطل حارس كرامتنا

Comments are closed.