محليات

غياب الرقابة التموينية يشجع تجار الأزمات على التمادي

لا شك في أن الأزمة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية المركبة التي تمر بلادنا الآن في أتونها، تركت واقعاً معيناً على الأرض لا مخرج منه إلا بصمود شعبنا حتى تحقيق الانتصار على الإرهاب القادم بمعظمه من خلف الحدود، وربما يكون من أولى أولويات الحكومة في الوقت الحالي التركيز بشكل أساسي على الواقع الاقتصادي، وخاصة الجزء المتعلق منه بمعيشة المواطن، ولا يكون ذلك إلا بقطع دابر المحتكرين وتجار الأزمات ومفتعليها من ضعاف الضمائر والنفوس، وذلك من خلال القوانين والتشريعات التي بدأنا نتلمس بعضها الآن، ونطمح في أن تكون هي العنوان العريض لعمل الحكومة في المرحلة المقبلة، فالغلاء والاحتكار والتلاعب بالأسعار شكّل هاجساً كبيراً لدى المواطن، خاصة في الأشهر القليلة الماضية، فالمواطن، وإن كان يتفهم الأسباب الكامنة وراء ارتفاع أسعار الكثير من المواد التموينية، إلا أن ما لا يمكن فهمه هو الفارق الكبير بين الأسعار المعلنة على هذه المواد، وأسعار المبيع، حتى أصبحت تباع بأسعار مضاعفة حتى عن السعر المعلن عليها، ومثال ذلك إحدى السلع البسيطة كانت تباع قبل الأزمة بسعر /5/ليرات سورية، وكان هو ذاته السعر المعلن، أما الآن فالسعر المعلن على هذه المادة هو 20 ليرة، أما سعر البيع للمستهلك فهو /50/ ليرة، أي بضعف السعر المعلن بمرة ونصف.

وهنا نسأل عن دور مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك التي تقر بأنها غير مسؤولة عن تسعير الكثير من المواد التموينية والغذائية، إلا أنها لا تخفي مسؤوليتها عن إلزام التجار على الإعلان عن أسعارهم، وبالتالي إلزامهم البيع بالسعر المعلن، إلا أن ما يحصل في أسواقنا هو العكس من ذلك تماماً، فكل يغني على ليلاه وسط غياب شبه كامل لدور مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك، بعد أن أصبح– كما يشعر الكثير من المواطنين- من آخر اهتماماتها حماية المستهلك، والاكتفاء ببعض الضبوط البسيطة التي لا تسمن ولا تغني عن جوع، بينما يقف المواطن حائراً متسائلاً عن السبب وراء غياب الدور المنوط بالجهة المعنية بحمايته من جشع التجار الذين يضاعفون أرباحهم على حساب المواطن البسيط الذي بدأ ينوء فعلاً تحت ضغط الأسعار والغلاء الفاحش من قبل التجار الذين يستغلون وقوف المواطن إلى جانب دولته لتعزيز صمودها أبشع استغلال، فهل تشدد وزارة الاقتصاد والتجارة الداخلية على مديرياتها في المحافظات لإلزام التجار على الإعلان عن أسعارهم، وبالتالي إلزامهم البيع بالأسعار المعلنة والمدونة على هذه المنتجات على اختلافها، أم أن دور أجهزتنا الرقابية سيبقى بعيداً عن هموم المواطنين الذين بدأ الكثير منهم يفقدون ثقتهم بدورها وفعاليتها على الأرض؟!..

نأمل أن نلمس في المرحلة المقبلة إجراءات حكومية أكثر جدوى وفعالية مما هي عليه الآن، لا أن تكتفي هذه الجهات – كما جرت العادة – بِرَد خجول يحمل في طياته تنصلاً من المسؤولية، ليصبح كل ما قيل وكتب وكأنه سراب في صحراء النسيان لا أكثر!.

البعث – ميديا – البعث